ماتييه فيسنييك يحصد جائزة جان مونيه للآداب الأوروبية
منحت "جائزة جان مونيه للآداب الأوروبية" للكاتب الفرنسي ماتييه فيسنييك (من مواليد 1956) عن روايته "بائع الجمل الأولى". في ظل احتدام النقاش حول قرار البريطانيين الإنسحاب من "الإتحاد الأوروبي"، لم يكن مفاجئا بالنسبة لبعض النقاد، عدم منح الإمتياز لكاتب إنكليزي. والحال ان الصوت الذي جرى انتقاؤه، من طريق روايته الصادرة بالفرنسية لدى دار نشر "أكت سود" يتمتّع بخلفيّة متينة مكّنته من أن يتمم نصاً يستحق التمهّل عنده. ها هنا تجربة تأليفيّة تستوقف أحد مصادر القلق في زمننا ذلك انها ملقاة في عالم حيث تمكّنت البرامج المعلوماتية المخصصة للكتابة من التفوق على الكاتب عينه.
يمكن من هذا المنظور أن نعدّ رواية فيسنييك على نحو ما، محاججة لمصلحة القراءة ونقدا لاذعاً تجاه مجتمعنا الذي لم يعد يجد الوقت لأكثر من جمل البدايات الأولى. من حيث يدري أو ربما من حيث لا يدري، ينجز هذا النص مقارنة بين نسقين من التأليف أحدهما أميركي أما الثاني فأوروبي. نقرأ في هذا المعنى "في الولايات المتحدة الأميركية، يصير المكان هو الشخصيّة الروائية. والحال إن الرواية الأميركية وإن تمتعت بدعوة نفسانية غير انها تظلّ رواية الأماكن الفسيحة. تظلّ رواية مفتونة بالمكان، وذلك على اختلاف الرواية الأوروبيّة المفتونة بالزمن. يطوّر هذان العالمان الروائيان أدوات تحقيق مختلفة. كم لو أن البعض يصنع نظارات أنفيّة في حين يصنع الآخرون نظّارات بعين واحدة. إن الأكثر تعبيراً عن الرواية الأوروبية هو بروست من طريق كتابه "بحثا عن الزمن الضائع". وإن الأكثر رمزية في ما يعني الرواية الأميركية هو نص جاك كيرواك "في الطريق".
يذكر ان فيسنييك هو صحافي وشاعر وكاتب مسرحي فرنسي من أصول رومانية معروف خصوصا لنصوصه المسرحيّة ومن بينها "كيف نشرح تاريخ الشيوعية للمرضى النفسانيين" و"آلة تشيخوف".
كرر الكاتب أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة أن في وسع الشعر كما المسرح استنكار التلاعب من طريق استقدام "الأفكار الكبرى"، وها إنه يتابع المسار عينه من خلال الرواية الظافرة أخيراً والتي يمدّها بشيء من الأفكار العظيمة عينها.