من عادات الشعوب العربية في عيد الفطر
جو 24 :
رغم تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية خلال عيد الفطر المبارك، فإن لدى بعض الشعوب والدول عاداتٍ تختص بها من دون غيرها.
وإن كانت صلاة العيد وزيارات الأقارب وصلة الرحم واحدة في الدول الإسلامية، لأنها صادرة عن التشريعات الدينية، إلا أن لكل دولة طريقة مختلفة - بعض الشيء - في ممارسة هذه العادات والتقاليد.
في السعودية
ففي السعودية مثلاً، تبدأ مظاهر العيد قبل العيد نفسه، إذ تبدأ الأسرة بشراء حاجياتها من ألبسة وأطعمة وغيرها، ويتم الإعداد للحلويات الخاصة بالعيد في بعض المناطق، كمثل «الكليجية» والمعمول.
ومع أول ساعة من صباح العيد، يتجمع الناس لصلاة العيد التي تجمع الناس في أحيائهم الخاصة، إذ يقوم الناس بعد أداء الصلاة بتهنئة بعضهم بعضاً في المسجد، وتقديم التهاني الخاصة مثل «كل عام وأنتم بخير» و»عساكم من عواده» و»تقبّل الله طاعتكم» وغيرها.
ثم يذهب الناس إلى منازلهم استعداداً للزيارات العائلية واستقبال الضيوف من الأهل والأقارب.
وتنتشر عادة في الكثير من الأسر السعودية الاجتماعات وخصوصًا في الاستراحات التي تقع في المدينة أوفي أطرافها، إذ يتم استئجار «استراحة» يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، التي تضم الجد والأولاد والأحفاد. إذ تقام الذبائح والولائم، يتبعها اللعب من قبل الصغار والكبار، وتعقد الجلسات العائلية الموسعة.
العيد في السودان
أما في السودان، ففي منتصف شهر رمضان المبارك، يقوم البيت على قدم وساق للاستعداد للمناسبة العظيمة، إذ تعد أصناف الحلوى وألوان الكعك والخبز، مثل الغريبة والبيتي فور والسابليه والسويسرول بكميات وافرة تكفي لإكرام الزائرين الذين يتوافدون بُعيد صلاة العيد، والتي تؤدى في الساحات قرب المساجد، إذ يشهدها الجميع، ويتبادلون التهاني، ويحلل بعضهم بعضاً، ويتجاوزن عمّا سلف وعما كان في السابق، ثم يتوافد رجال الحي في كثير من القرى إلى منزل أحد الكبار، أو أي مكان متفق عليه، كلاًّ يحمل إفطاره، ثم يخرجون جماعات لزيارة المرضى وكبار السن، وكذلك تفعل النساء والأطفال، إذ يقضون نهار اليوم الأول في الزيارات وتهنئة الجيران، قبل أن ينطلق الجميع بعد الغداء وصلاة العصر لزيارة الأهل والأقارب والأصحاب في الأحياء الأخرى.
وتستمر الزيارات طوال الأيام الأولى من شوال، إذ تنظم الرحلات العائلية والشبابية، ويقضي الجميع أوقات جميلة مع بعضهم بعضاً على ضفاف نهر النيل.
ويحرص كثير من السودانيين المقيمين في المدن، على قضاء عطلة العيد في قراهم ومراتع صباهم بين أهلهم وأحبابهم.
كذلك مما يميز العيد في السودان، ما يعرف باسم «العيدية» وهي قطع من النقود التي يمنحها الأب أو الأعمام أو الأخوال والكبار، للصغار، الذين يشترون بها ما يشاءون من ألعاب وحلويات.
في الإمارات
وفي الإمارات فإن ربة البيت في القرى تبدأ بإعداد المنزل وتنظيفه وترتيبه على رغم أنه في الغالب يكون مرتباً... لكن من ضرورات العيد أن تتم إعادة ترتيب البيت، وتوضع الحناء على أيدي البنات والسيدات أيضاً، ويتم تجهيز الملابس الجديدة للأطفال خصوصاً والجميع عموماً، ويتم تجهيز طعام العيد وخصوصًا اللقيمات والبلاليط وغيرهما... ثم بعض الحلويات...
كما توضع كميات من الفواكه في المجالس لاستقبال الضيوف، وطبعاً في مقدمة ذلك كله التمر والقهوة والشاي.
وفي القرى أيضاً... يبدأ العيد بالصلاة في الأماكن المفتوحة، وغالباً مّا يكون الرجال في كامل زينتهم من ملابس جديدة، وقد يكون هنالك إطلاق نار في «الرزقة»... وهي رقصة شعبية أيضاً تعبيراً عن الفرح.
أما في المدن، فالاستعدادات متشابهة... لكن الصلاة تكون في مصلى العيد، وهو مفتوح أيضاً، لكن لا يشاركون في الرزقة، وإنما ينطلقون بعد الصلاة لتهنئة الأهل والأقارب بالعيد، وعقب صلاة الظهر ينطلق الأطفال والأسر عموماً نحو الحدائق والمنتزهات ابتهاجاً بهذا اليوم... وتكون عبارة التهنئة المعتادة... مبارك عليكم العيد... عساكم من عواده.
العيد في العراق
تبدأ مظاهر عيد الفطر في العراق عن طريق نصب المراجيح ودواليب الهواء والفرارات وتهيئتها للأطفال. أما النساء فيشرعن في تهيئة وتحضير «الكليجة» (المعمول ) بأنواع حشوها المتعددة، إما بالجوز المبشور أو بالتمر أو بالسمسم والسكر والهيل، مع إضافة «الحوايج» وهي نوع من البهارات لتعطيها نكهة معروفة، إذ تقدم «الكليجة» إلى الضيوف مع الشاي وبعض قطع الحلويات والحلقوم أو من السما «المن والسلوى» أو المسقول. وتعمل النساء نوعاً من «الكليجة» من دون حشو يطلق عليه «الخفيفي» إذ يضاف إليه قليل من السكر ويدهن بصفار البيض ويخبز إما في الفرن أو في التنور. وتبدأ الزيارات العائلية عقب تناول فطور الصباح بالذهاب إلى بيت الوالدين والبقاء هناك لتناول طعام الغداء، ثم معايدة الأقارب والأرحام ومن ثم الأصدقاء. ويأخذ الأطفال العيدية من الوالدين أولاً ثم يذهبون معهما إلى الجد والجدة والأقارب الآخرين، بعدها ينطلقون إلى ساحات الألعاب إذ يركبون دواليب الهواء والمراجيح ويؤدون بعض الأغنيات الخاصة بهم.
العيد في سورية
يبدأ العيد في سورية باكراً بعض الشيء، إذ تنصب المراجيح والألعاب الأخرى الخاصة بالأطفال في الحدائق العامة وأمام بعض المنازل، كما تشتري الأسر ملابس العيد الجديدة في الأيام الأخيرة من رمضان، ما يؤدي إلى اكتظاظ كبير في الأسواق، كما يحرص الناس على شراء الحلويات الخاصة بالعيد من مثل السكاكر والشوكولاتة والأصناف الأخرى.
وتتعدد أصناف الحلويات في سورية تبعاً للمدينة، ففي المناطق الشرقية يتم إعداد «الكليجة» أو المعمول، والأقراص، وفي حلب تعد أنواع «الكبابيج» الحلبية التي تؤكل مع «الناطف» وفي حمص يتم صنع الأقراص وغيرها.
ومع أول أيام العيد، يصلي الكثير من أهل دمشق في المسجد الأموي، كما يصلي الآخرون في المساجد الأخرى، ثم يقوم الجميع بزيارة القبور، والترحم على الأموات، وقراءة القرآن على قبورهم.
بعد ذلك يتم الاستعداد في المنازل لزيارة الأقارب، إذ يقوم الرجال بزيارة الجد والجدة في أول الأمر، ثم العمات والخالات، وفي المساء تكمل الأسرة زيارة الأعمام والأخوال، تتخللها زيارات الجيران.
أما الأولاد والأطفال فإنهم يقضون العيد في بعض الزيارات العائلية، بينما يقضون معظم الوقت في الأسواق والملاهي والحدائق. ولا ينسون أن يأخذوا «العيدية» من الأقارب، كالجد والجدة والأعمام والأخوال، والتي تضاف إلى «الخرجية» أو «العيدية» التي يقدمها الأب والإخوة الكبار صباح أول أيام العيد.
كما تجتمع الأسرة مساءً للخروج إلى أحد المطاعم في المدينة، أو التي تقع في أطرافها، ويهب الكثير منهم إلى المصائف القريبة من مدنهم، كبلودان ومصياف وصافيتا والزبداني وغيرها.
العيد في اليمن
وتبدو مظاهر العيد في اليمن في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، إذ ينشغل الصغار والكبار بجمع الحطب ووضعه على هيئة أكوام عالية، ليتم حرقها ليلة العيد تعبيراً عن فرحتهم بقدوم عيد الفطر وحزناً على وداعه.
ونجد أهل القرى في اليمن ينحرون الذبائح ويوزعون لحومها على الجيران والأصدقاء والجلوس في مجالس طيلة أيام العيد لتبادل الحكايات المختلفة. أما في المدن فيذهبون لتبادل الزيارات العائلية عقب صلاة العيد، وتقدم إلى الأولاد العيدية.
والأكلات اليمنية التي لا يكاد بيت يخلو منها فهي «السَّلتة» وتتألف من الحلبة المدقوقة وقطع البطاطا المطبوخة مع قليل من اللحم والرز والبيض، وتحرص النسوة اليمنيات على تقديم أصناف من الطعام إلى الضيوف في العيد، ومنها: بنت الصّحن أو السّباية، وهي عبارة عن رقائق من الفطير متماسكة مع بعضها بعضاً ومخلوطة بالبيض والدهن البلدي والعسل الطبيعي.
وتختلف عادات العيد في اليمن بين المدن والقرى، إذ تأخذ هذه العادات في القرى طابعاً اجتماعيًّا أكبر، عبر التجمع في إحدى الساحات العامة، وإقامة الرقصات الشعبية والدبكات، فرحاً بقدوم العيد.
العيد في مصر
وفي مصر تتزين الأحياء الشعبية بمظاهر العيد، ويعود الأطفال مع والديهم محمَّلين بالملابس الجديدة التي سيرتدونها صباح عيد الفطـر.
وتجد الازدحام على أشده قبل العيد في جميع المخابز لأنها تستعد لعمل كعك العيد الذي هو سمة من سمات العيد في مصر، وتتفنن النساء في عمله مع الفطائر الأخرى والمعجنات والحلويات التي تقدم إلى الضيوف.
أما بيوت الله فتنطلق منها التكبيرات والتواشيح الدينية، إذ يؤدي الناس صلاة العيد في الساحات الكبرى والمساجد العريقة في القاهرة، وعقب صلاة العيد يتم تبادل التهاني بقدوم العيد المبارك، وتبدأ الزيارات ما بين الأهل والأقارب وتكون فرحة الأطفال كبيرة وهم يتسلمون العيدية من الكبار، فينطلقون بملابسهم الجميلة فرحين لركوب المراجيح ودواليب الهواء، والعربات التي تسير في شوارع المدن وهم يطلقون زغاريدهم وأغانيهم المحببة فرحين بهذه الأيام الجميلة.
(الوسط)