أبو فارس: المادتين 15 و 16 من اتفاقية "سيداو" تتناقضان مع أحكام الشريعة الإسلامية
أمل غباين - أكد رئيس اللجنة المركزية لعلماء الشريعة الاسلامية في حزب جبهة العمل الاسلامي أ.د محمد ابو فارس أن تصريحات رئيس الوزراء التي قال فيها ان الاردن سيزيل التحفظ عن مواد اتفاقية "سيداو" تعدّ تحديا للشارع الأردني وقانون الاحوال الشخصية.
وطالب ابو فارس علماء المسلمين في ندوة عقدت في مقر حزب جبهة العمل الاسلامي مساء الثلاثاء بالتصدي لهذه الاتفاقية معتبرا الأمر بمثابة واجب على كل عالم.
من ناحيته قال د. تيسير الفتياني ملتقى علماء الشريعة في الأردن توافقوا على وجوب التحرك بشأن تصريحات النسور حيال شطب التحفظ على بعض بنوذ الاتفاقية.
واشار الى التوصيات التي خرج بها ملتقى العلماء اكدت على ان الاردن بلد اسلامي ودين الدولة الاسلام وذلك يوجب على اي مواطن دعم هذه وعلى رئيس الوزراء الوقوف عند الحد الشرعي وعدم تجاوزه وعدم عدم مس قانون الاحوال والدعوة للمحافظة عليه.
واضاف أن التوصيات تؤكد ما صدر من النسور يخالف احكام الشرعية والاحوال الشخصية وتعتبر تصريحاته خروجا عليها كما ان تصريحاته منافية للشرع ودعوة للخروج عن القانون.
وطالبت التوصيات النسور بالاعلان في وسائل الاعلام عن تخليه حاضرا ومستقبلا عن التصريح والتحفظ على كل فكرة وردت بالاتفاقية مخالفة للشرعية.
وجاء في التوصيات وجوب توعية الشعب الاردني بخطورة الاتفاقية من خلال عقد الندوات في الجامعات وسائر المؤسسات المجتمعية وطباعة كتاب يوضح خطورة الاتفاقية وتوزيعه مجانا.
وقرأ د.احمد الشحروري بيانا حيال الاتفاقية تاليا نصه:
بناء على تصريح رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور بشأن سحب التحفظ على مادتي 15 و 16 من الاتفاقية رأينا أن نلتقي نحن علماء الشريعة ونناقش تصريح رئيس الوزراء وقد رأينا أن نعطي فكرة عن اتفاقية السيداو وموقف الشرع الإسلامي منها وبخاصة شطب التحفظ على المادة 15 والمادة 16 من الاتفاقية .
بدأت الاتفاقية بمقدمة طويلة تتضمن الأسباب الموجبة لوضع هذه الاتفاقيه ثم بذكر موادها البالغة ثلاثين مادة .
ويلاحظ أن واضعي هذه الاتفاقية جهلاء جهلاً مطبقا بالاحكام الشرعية وجلهم يعتبرون أحكام الإسلام عقبة كأداء في منع فسادهم، ولهذا فان الأفكار نابعة من أهوائهم وشهواتهم الحيوانية . وهي غير منطقية ولا عادلة ولا نزيهة .
إن هذه الاتفاقية تنادي بالحرية المطلقة كالشذوذ والزنا واللواط والزواج المثلي .
وهذا موجود عند الغرب ومقنن له في قوانين تحمي هؤلاء الشذاذ وتشجعهم فالرجل يفعل ما يريد بنفسه وبغيره والمرأة تفعل ما تريد بنفسها وفرجها وبغيرها كذلك، ولا ينكر على واحد من هؤلاء شذوذه وانحرافه وفسقه وفجوره .
إن المقصود في هذه الاتفاقية أن ينتقل ما هو موجود في الغرب من شذوذ ووهن للأسرة الى البلاد العربية والإسلامية .
وهذا المطلب موجود منذ عشرات السنوات ذكره الرئيس الأمريكي السابق بوش الابن حيث وقف خطيبا في الاتحاد المسيحي اليهودي المنحرف والداعي للانحراف قائلا سنرغم المسلمين على حلق لحاهم ونزع حجاب نسائهم وإدخال الشذوذ الى كل بيت .
والذي يقرأ هذه الاتفاقية بمقدمتها وموادها يجد أنها صيغت صياغة مبهمة في كثير من الأحيان من قبيل خداع الناس وتضليلهم والضحك على عقولهم بعبارات معسولة وان تحت كل عبارة السم الزعاف .
فالمقدمة تنص على عدم جواز التمييز بين الرجل والمرأة، فقد جاء فيها عبارة أن لكل انسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان دون أي تمييز بما في ذلك التمييز القائم على الجنس، وأن للمرأة ما للرجل من حريات وحقوق سواء بسواء يجب الا يزيد عليها بشيء .
وهذا منقوض في الإسلام إذ أن الإسلام يفرق بين المرأة والرجل في حقوق كثيرة فإرث المرأة نصف ارث الرجل إذا مات أبوها : { للذكر مثل حظ الأنثيين } سورة النساء 11.
وإذا كانا زوجين فالزوج يأخذ نصف تركة زوجته إن لم يكن لها ولد، وربع تركتها إذا كان لها ولد . وأما الزوجة فتأخذ ربع تركة زوجها اذا لم يكن له ولد وثمن تركته اذا كان له ولد ، قال تعالى : { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع } سورة النساء 12
والأب يأخذ خمسة أسداس التركة وتأخذ الأم سدس تركة ولدها إذا كان للمتوفى إخوة .
وفي مجال الحقوق كالقوامة فإنها للرجل في الأسرة : { الرجال قوامون على النساء } سورة النساء 34 .
وفي مجال الشهادة في الأموال شهادتها تعدل نصف شهادة الرجل .
وفي مجال حرية التنقل فلا يحل للمرأة أن تسافر وحدها دون محرم . واذا أرادت امرأة أن تسافر لأداء فريضة الحج وفي الوقت ذاته اكتتب زوجها للجهاد فأمره النبي أن يترك الجهاد وأن يحج مع امرأته . رواه مسلم
واشترط في الزواج الولي للمرأة لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) . وللمرأة أن تعترض إذا عضلها وليها ومنعها من الزواج بدون سبب شرعي مقبول . فللقاضي أن يزوجها وهو يقوم مقام الولي .
ومن الحقوق والواجبات أنه لا يجب على المرأة أن تعمل للإنفاق على نفسها، ونفقتها واجبة على زوجها .
وفي الحقوق السياسية ليس للمرأة أن تتولى رئاسة الدولة الاسلامية فقد جاء في الحديث الذي رواه البخاري : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) .
جاء في الفقرة الأخيرة في المقدمة : ( واذ تدرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة ) .
إنهم يقصدون بالدور التقليدي الذي يطلبون تغييره في الرجل والمرأة وفي المجتمع والأسرة هو الحكم الشرعي أو الإحكام الشرعية التي تنظم حقوق الرجل والمرأة وواجباتهما والتي تفرق في ذلك من حيث القوامة والإنفاق والإرث والشهادة .
وعبارة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل والمرأة معناه إلغاء الأحكام الشرعية التي تفرق في حقوقهما وواجباتهما بناء على علم الخالق بهما : { والله يعلم وأنتم لا تعلمون } .
جاء في نص الفقرة 3 من الاتفاقية : تؤكد على ضرورة تشريع مواد قانونية لتقرير المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات . إن هذه المادة توفر للمرأة الاستمتاع المحرم عن غير طريق الزواج . ففي الغرب المرأة حرة في أن تتصرف بجسدها وأن تبذل الاستمتاع معها وبها من أي شخص وليس للولي أن يقيدها ويمنعها من ذلك . وإذا أراد ذلك عوقب بالقانون لأنه اعتدى على حريتها وحقها في الاستمتاع الجنسي بأي صورة ومن أي إنسان ومن أي جنس كالرجل تماما .
نصت المادة 15 التي تحفظ عليها الأردن على ما يلي :
الفقرة 3 توافق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي لها أثر قانوني يستهدف تقييد الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية .
فعبارة جميع العقود تشمل عقد النكاح وغيره، وعقد النكاح في الشرع وفي قانون الأحوال الشخصية الأردني يقيد اختيار المرأة في الزواج من آخر بموافقة الولي لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا نكاح إلا بولي ) .
وعليه فان هذا التقييد باطل وملغى ولو نص عليه الشرع وقانون الأحوال الشخصية الأردني المستنبط من الشريعة الإسلامية .
فالشرع يقسم العقود الى عقود مباحة وعقود محرمة باطلة، ومن هذه العقود بيع الخمر وسقيه وتقديمه فليس للمرأة أن تكون بائعة وساقية، وليس للمرأة أن تؤجر نفسها للاستمتاع بها مقابل مبلغ من المال، فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حلوان الكاهن ومهر البغي، والمقصود بمهر البغي المبلغ الذي تأخذه المرأة مقابل الاستمتاع بها من أجنبي .
نصت الفقرة 4 من المادة 15 على ما يلي :
تمنح الدول الأطراف للرجل وللمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص، وحرية اختيار سكناهم .
فهذه المادة تعطي حقا للمرأة سواء أكانت متزوجة أم غير متزوجة أن تسافر وحدها الى مكان أو مع غيرها وإن كان أجنبيا .
فلو كان والدها أو زوجها يعيش في عمان ويسكن فيها فلها أن تختار غير عمان لتسكن وحدها أو مع غيرها في العقبة .
والأصل أن تتبع المرأة زوجها في الإقامة حتى تستقر الأسرة وتستمر الصلات الزوجية من السكن والمودة والرحمة، وحين يكون البعد بينهما تخف المودة والرحمة والسكن . ويؤدي ذلك الى التدابر والتشاحن والشقاق والخصومة وقد يؤدي الى هدم الأسرة حتما، فإنه لا يعقل أن يكون الزواج بالمراسلة عن بعد .
والأصل في المرأة أن تنال العناية والرعاية من أبيها أو أخيها ان كانت غير متزوجة ومن زوجها أذا كانت متزوجة .
فالمرأة اذا كانت وحدها دون محرم في السفر أو وحدها دون ولي يحوطها بالعناية والرعاية والحماية يطمع فيها الطامعون من الرجال والأشرار واللصوص والتجار فيسيئون اليها في عرضها ومالها ودمها ونفسها .
ولنتصور أن المرأة متزوجة ولها أولاد صغار وكبار وأرادت أن تسكن في مكان بعيد عن الرجل والزوج ، فالأولاد يكونون في حيرة أيتبعون أمهم في بعدها عن الزوج فيفقدون حنان الأب ورعايته، واذا كانوا عند الأب فقدوا حنان الأم . وحينئذ يكون حال الأولاد مضطربا لا استقرار فيه مما يولد أمراضا نفسية عندهم لها اثر على حياتهم في المستقبل .
إن قانون الأحوال الشخصية الأردنية المستنبط من الشريعة الإسلامية يلزم الزوجة أن ترافق زوجها في السكن والإقامة، ولا تنفرد عنه، بل إنه يوجب على الزوج أن يوفر لها المسكن المناسب لحياته وحياتها .
فما جاء في الفقرة الرابعة من المادة 15 يتناقض تناقضا واضحا مع قانون الأحوال الشخصية الأردني ودعوى صريحة للخروج على القانون .
جاء في المادة 72 من قانون الأحوال الشخصية الأردني الصادر في 26/9/2010 يهيء الزوج المسكن المحتوي على اللوازم الشرعية حسب حاله وفي محل اقامته أو عمله، وعلى الزوجة بعد قبض مهرها المعجل متابعة زوجها ومساكنته فيه، وعليها الانتقال الى أي جهة أرادها، ولو خارج المملكة بشرط أن يكون مأمونا عليها وأن يكون في وثيقة العقد شرط خلاف ذلك، فإذا امتنعت عن طاعته يسقط حقها في النفقة .
ونصت المادة 16 الفقرة 1 على ما يلي :
تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية وبوجه خاص تضمن على أساس تساوي الرجل والمرأة .
ماذا تعني عبارة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية ؟
أنها تشمل الأهلية والخطبة وعقد الزواج والمهر المعجل والمهر المؤجل، والنفقة والاستمتاع والإنجاب والعدة بأنواعها، والطلاق بأنواعه والبائن بينونة صغرى والبائن بينونة كبرى والقوامة والإرث والحضانة .
نقول : في هذه الأمور يستحيل أن يجري فيها التساوي بين الرجل والمرأة فهل من المساواة أن تتزوج المرأة أربعة أزواج معا ؟ وهل على الرجل أن يعتد من الطلاق كما تعتد المرأة من الطلاق، فلا يتزوج أثناء العدة ؟! أم ماذا اذ لا يحق للزوجة المطلقة المعتدة أن تتزوج في عدتها كما لا يحق لها أن تتزوج في عدتها إذا توفي زوجها . اذ الحكم الشرعي يحرم على المرأة أن تتزوج في عدتها من زوجها المتوفي لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام .فقرة 4 من المادة 16
نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم .
هذا كلام يتناقض بعضه مع بعض فكيف تكون الولاية للأب على ابنته وتكون لأمها نفس الولاية، وكيف تكون للزوج القوامة وفي نفس القوامة للزوجة نفس القوامة . والشرع الإسلامي يقرر القوامة للرجل في الأسرة دون المرأة سواء أكانت بنتا أم زوجة .
وهذه الفقرة تنص على جواز تبني الأطفال من غير الأبناء كاللقطاء وأولاد الزنا والتناسل عن طريق مشروع .
وحكم الإسلام أنه يحرم على الرجل ويحرم على المرأة أن يدعيا نسبة أي ولد من غيرهما لهما . والتبني يترتب عليه فساد الأسرة والنسب وتحليل ما حرم الله .
فالولد المتبنى أجنبي لا يحل للرجل أن تظهر عليه البنت المتبناة وحاسرة الرأس كاشفة الصدر والذراعين والبطن .
والذكر المتبنى لا يحل للمرأة التي تبنته أن تنكشف عليه، كما أنه لا توارث بين المتبني والمتبنى ذكر كان أم أنثى .
فإذا كانت الأنظمة الغربية والقوانين الجاهلية تبيح للمرأة أن تتبنى لقيطا أو ولد زنى، فان الشرع الإسلامي يحرم ذلك تحريما قطعيا .
علما بأن الإسلام حرم الاعتداء على اللقيط وأمر برعايته على أنه أجنبي كأي واحد من الناس .
وختاماً نقول :
1- إن ما صرح به رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور نيته في شطب التحفظ على المادة 15 و 16 من اتفاقية السيداو يتناقض مع أحكام الشريعة الإسلامية ويتناقض مع قانون الأحوال الشخصية الأردني .
2- إن واجب رئيس الوزراء أن يحافظ على القانون لا أن يكون خارجا عليه، وداعيا للخروج عليه .
3- إن الواجب على كل مسلم كالدكتور عبدالله النسور أن يلتزم بأحكام الإسلام وألا يكون خارجا عنها وداعيا الى الخروج عليها .
4- إن الخروج على حكم من أحكام الإسلام وقانون الأحوال الشخصية الأردني الإسلامي أو الدعوة إليه منكر عظيم . على العلماء أن ينكروه، وينكروا على مقترحه .
5- إن المطلوب من الدكتور عبدالله النسور رئيس الوزراء أن يعلن في جميع وسائل الإعلام المرئية والمقروءة أنه يتخلى حاضرا ومستقبلا عن تصريحه بشطب التحفظ على المادة 15 و 16 بل عليه أن يتحفظ على كل مادة من مواد الاتفاقية المخالفة للشريعة الإسلامية .
اللهم اشهد فإننا قد بلغنا
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته