كيف يربح صانعو الألعاب ملايين الدولارات من ألعاب مجانية؟
"سيستغرق بناء هذه المنشأة خمس دقائق. هل تريد إنجاز البناء حالًا؟ ادفع ثمانية قطع ذهبية!".
إن كنت من محبّي ألعاب الهاتف الجوّال فربّما قرأت هذه العبارة أو مثيلاتها عدّة مرات، وجلست لساعاتٍ منتظرًا إتمام البناء شاعرًا برغبة في شراء بعض القطع الذهبية لتريحك من هذه المأساة. قد يبدو لك تصميم هذه العثرات في طريق استمتاعك باللعبة اعتباطيًاً، لكن موقع فوكس Vox نشر مقطع فيديو يظهر لك كيف يستخدم مصمّمو الألعاب قواعد علم النفس السلوكي في إقناع اللاعبين باستخدام بطاقاتهم الائتمانية، والحصول على المزيد من اللعبة أو تذليل عقباتها.
"بوكيمون غو".. 14 مليون دولار في أقل من أسبوع!
بعد إصدار لعبة "بوكيمون غو" في متجري "غوغل بلاي" و"آب ستور"، استطاعت اللعبة جني أرباح تقدّر بـ14 مليون دولار تقريباً في أقل من أسبوع؛ أكثر من أي تطبيقٍ آخر في أيّ من المتجرين. لكن اللعبة متاحة مجاناً، فكيف حققت كل هذه الأرباح؟
يُقدّم لنا الفيديو عالم تطبيقات الـFreemium التي سيطرت على سوق تطبيقات الجوال، ونحّت جانباً التطبيقات المدفوعة. هي تطبيقاتٌ لا تحتاج إلى شرائها، فيمكنك تحميلها مجانًا، لكن الربح يأتي من مشتريات اللاعبين الاختيارية داخل التطبيق أو اللعبة المصمّمة لدفعك إلى اتخاذ قرار الشراء بسهولة. وهذه أشهر الطرق التي يستخدمها مصممو الألعاب.
العملات الافتراضية
في الفيديو، يقول جيمي ماديجان، مؤلف كتاب "استقطاب اللاعبين"، إننا عندما ندفع ثمن شيءٍ نقداً ندرك فوراً الخسارة التي لحقت بمدخراتنا أو ثرواتنا حين نرى المال يغادر أيدينا. لذا نجد الدفع عن طريق البطاقات الإلكترونية أسهل من الدفع نقدًا، وفقًا للدراسات.
ما تفعله الألعاب هو أنّها تضع طبقة أخرى تعزلك عن إدراك خسارتك. في لعبة "كاندي كراش"، يشتري اللاعب "المصاصات" باستخدام سبائك الذهب، ويشتري سبائك الذهب ببطاقته الائتمانية، التي هي أصلًا معزولة عن عملية الدفع الأصلية.
شيءٌ آخر، هو وضع نسبٍ معقّدة تجعل حساب القيمة الفعلية صعبًا. إن كانت وحدة Incense واحدة تساوي 80 من عملات "بوكيكوينز"، و550 عملة طبوكيكوينز" ثمنها 4.99 دولاراً، فكم تساوي وحدة Incense؟ لا تدري؟ وهو المطلوب.
يقول ماديجان إنّ دولاراُ واحداُ يشتري 12 ماسة أرجوانية. هذه الأرقام المتباينة تضعك في موضع السائح الذي ينفق أمواله في بلدٍ أجنبي لا يألفه. هكذا لا يمكنك حساب القيمة الفعلية لما تشتريه.
العثرات المتعمّدة
بالمقارنة بعملية الشراء الخالية من أي صعوبة عن طريق البطاقة الائتمانية المسجّلة مسبقاً على "غوغل بلاي"، اللعبة نفسها مليئة بالصعوبات المصمّمة خصيصاً لحثّك على الشراء. في لعبة Puzzle & Dragons، عندما يخسر اللاعب يكون مهدّدًا بخسارة كل ما جناه في هذه المرحلة. هنا تعرض عليك اللعبة عرضاً: احتفظ بكل العملات والنقاط التي أحرزتها، والثمن عملة افتراضية تُدعى الأحجار السحرية، تتبع نفس النظام الذي سبق شرحه. هذه الطريقة مبنية على ما توصلت إليه الدراسات السلوكية، عن ميلنا إلى تفادي الخسارات غير المتوقّعة.
طريقةٌ أخرى تتمثّل في وضع العقبات أمام اللاعب، وإتاحة الفرصة أمامه لشراء راحته. Clash of Clans أحد هذه الألعاب؛ أنت مجبر على الانتظار طويلًا حتى يتم بناء أي شيء، لكن يمكنك استخدام بطاقتك الائتمانية لتحصل على ما تريد حالاً.
التكيّف مع اللاعبين المختلفين
يجادل البعض بأن الألعاب المجانية ذات المشتريات الاختيارية تدفع المصممون إلى الاستمرار في تطوير اللعبة. هذا التطوير يعتمد على البيانات التي يجمعها التطبيق عنك، وعن سلوكك في اللعبة: متى تتوقف عن اللعب أو تغلق اللعبة، ما هي الأشياء التي تلقى رواجاً بين اللاعبين، وحتى بلدك وثمن هاتفك المحمول.
بناءً على هذه البيانات، تتكيف اللعبة مع كل لاعبٍ على حدة لتصنع له اللعبة التي سيستمر في لعبها على الأرجح. فمثلاً، تعرض عليك اللعبة خصوماتٍ في الأوقات التي توشك فيها على إغلاق التطبيق. بل إنّ 40% من مطوري الألعاب اعترفوا في استطلاع رأي بأنّ أسعار مشتريات اللعبة تتغيّر وفقًا لكل لاعب، بناءً على بياناته.
ما مدى نجاح هذه الوسائل؟
بعد كل هذا، تظلّ الأغلبية من اللاعبين عازفة عن الدفع. لا تفلح هذه الوسائل إلا في إقناع نسبة ضئيلة من اللاعبين بدفع أموالهم، ونسبة أقل من هؤلاء هم من يطلق عليهم الفيديو "الحيتان"؛ الذين ينفقون مئات -وأحيانًا آلاف- الدولارات على اللعبة أو التطبيق. تقدّر شركة Swrve التسويقية أنّ حوالي نصف الأرباح تأتي من أقل من 0.5% من مستخدمي التطبيق.
باختصار، المستخدمون الذين لا يدفعون أموالاً وينتظرون لأوقاتٍ طويلة ويجابهون عقباتٍ مزعجة في ألعاب مصممةٍ خصيصًا لتضغط على نسبة ضئيلة من المستخدمين المستعدّين للدفع.
إن كنتَ مستمتعًا، كما يقول الفيديو، فلا ضير. لكن ربّما تودّ قضاء المزيد من الوقت في استخدام تطبيقات لا تلجأ إلى مثل هذه الوسائل.
(وكالات)