أين يذهبون؟.. لاجئون ترفضهم ألمانيا وتأبى بلدانهم الأصلية استقبالهم
جو 24 :
رفضت ألمانيا أكثر من 3000 طلب لجوء تقدم بها مهاجرون قادمون من أفغانستان في النصف الأول من هذا العام. كما وصل عدد الأفغان الذين تم ترحيلهم في نفس الفترة إلى 129 شخصاً.
ألقت سلسلة من الاعتداءات العنيفة التي قام بها عدد من طالبي اللجوء في ألمانيا بظلالها على الآثار الأمنية المترتبة على التدفق الهائل للمهاجرين، وعلى تحدٍّ آخر، وهو دفع هؤلاء الذين ليسوا في حاجة إلى الحماية الأمنية إلى المغادرة، وفقاً لما نشرته صحيفة The Wall Street Journal الأميركية.
الترحيل طوعاً أو قسراً
Ad
تبحث الحكومة عن وسائل لتسريع مغادرة آلاف الناس الذين رُفضت طلبات لجوئهم – بل ولجأت كذلك لاستشارة شركة McKinsey & Co العملاقة من أجل المساعدة.
"يجب على طالب اللجوء الذي يُقابل طلبه بالرفض أن يغادر – إما طواعية أو باستخدام الترحيل القسري"، كما يقول بورخارد ليشكا، نائب بالبرلمان عن حزب الديمقراطيين الاجتماعيين (يسار الوسط) والمتخصص في السياسة المحلية. "إما ذلك، أو يمكنك أن تلقي بنظامنا للجوء في القمامة".
تقول المستشارة أنجيلا ميركل إن مسؤولين أمنيين كلّفوا شركة McKinsey بدراسة وتحليل "جهود مسألة ترحيل اللاجئين إلى أوطانهم".
وأضافت في تصريحات الخميس: "لقد أنجزنا بعض الأمور بالفعل، لكننا لا نتقدم بالمعدل الذي نأمله".
عند نهاية شهر مايو/أيار، كان أكثر من 220 ألف أجنبي محكومين بمغادرة ألمانيا، لكن بالرغم من ذلك فقد كان لدى الكثير منهم مهلة لتنفيذ الحُكم. في نفس الفترة، تم ترحيل 11,300 شخص كما غادر البلاد 25 ألف شخص طواعية.
"إن الأمر الآن تزايد كثيراً عما كان عليه في السنوات الماضية"، وفقاً لما قاله وزير الداخلية توماس دي ميرزيه في البرلمان الشهر الماضي، مُشيراً إلى أعداد المغادرين. "لكن وبالنظر إلى الحجم الهائل للمهمة، سنجد أن الأمر مازال ضئيلاً".
من ضمن 283 ألف شخص تم البتّ في طلبات لجوئهم في النصف الأول من هذا العام، وفّرت ألمانيا الحماية لـ62% منهم، لتشمل النسبة 0.4% من المتقدمين الألبان و45% من الأفغان و98% من السوريين.
لكن الكثير من العقبات التي تواجه عملية الترحيل تسمح للأفراد بالبقاء لشهور أو حتى لسنوات بعد رفض طلبات لجوئهم.
إذ عادة ما تضطر السُّلطات للتفاوض مع البلاد الأصلية لأنه في كثير من الحالات يأتي المهاجرون إلى هنا بدون أوراق هُوياتهم – بحيث تطلب السُلطات من بلاد المنشأ أن تعترف بهم كمواطنين وأن تسمح بعودتهم إليها مرة أخرى.
حتى هؤلاء القادمون من بلاد البلقان الهادئة أو المهاجرين الذين من الممكن قانونياً أن يتم ترحيلهم إلى دولة أخرى من دول الاتحاد الأوروبي عادة ما يتمكنون من البقاء، لأسباب طبية على سبيل المثال.
كان هذه هي الحال مع محمد دليل، الانتحاري السوري الذي يبلغ من العمر 27 عاماً الذي تسبب في جرح 15 شخصاً في بلدة آنسباخ البافارية الأحد الماضي.
كانت ألمانيا قد رفضت طلبه في عام 2014 وأمرته بالعودة إلى بلغاريا، حيثُ تم منحه اللجوء بالفعل. وفقاً لقواعد الاتحاد الأوروبي، لا يستطيع الشخص التقدم بطلب اللجوء في أكثر من دولة.
لكن دليل، الذي حاول الانتحار مرتين من قبل، نجح في تحدي حُكم ترحيله في المحكمة، من خلال تقديم شهادات طبية تُفيد بإصابته بصدمة نفسية. أعادت السُلطات النظر في القضية هذا العام، وأرسلت له يوم 13 يوليو/تموز رسالة لتمنحه مهلة شهر لمغادرة ألمانيا قبل أن يتم ترحيله قسراً. وبدلاً من ذلك، قام بتفجير نفسه.
يقف المسؤولون في بافاريا، التي عانت من لجوء إسلامي آخر نفذه طالب لجوء في 18 يوليو، الآن في صدارة المشهد تحت وطأة مطالبات لتنفيذ القانون بحزم.
قال يواخيم هيرمان، وزير داخلية ولاية بافاريا، إن الأسباب الطبية ينبغي أن تُقبل فقط في حالات نادرة، وإن مسألة إعادة ترحيل أحدهم إلى منطقته التي مزقتها الحرب يجب أيضاً أن تُفعّل.
وأشار متحدث رسمي باسم هيرمان إلى أن القوات الألمانية كانت تخدم في منطقة مزار شريف بأفغانستان. "يمكن للمرء أن يقوم بترحيل هؤلاء إلى هناك"، كما يقول المتحدث الرسمي. "هناك بعض المناطق الآمنة كذلك في سوريا".
رفضت الحكومة الفيدرالية ترحيل الناس مباشرة إلى سوريا بسبب الحرب، لكنها سعت إلى زيادة أعداد الذين يتم إعادتهم إلى أوطانهم في أفغانستان، الدولة التي أتى منها أكثر من 90 ألف طالب لجوء منذ 2015.
مع ذلك، ففي النصف الأول من هذا العام، قامت ألمانيا بإرسال 18 شخصاً فقط مباشرة إلى أفغانستان من أصل 129 أفغانياً صدر قرار بترحيلهم، وفقاً لما ذكره وزير الداخلية.، حيث ذهب الكثير منهم إلى دول أخرى تابعة للاتحاد الأوروبي.
قالت ميركل: "نحتاج كذلك لأن نكمل العمل مع أفغانستان على إيجاد أماكن بديلة للاجئين بداخل البلاد، وأن نجعل مسألة إعادة الأفراد إلى وطنهم أمراً ممكناً".
عقبات كبيرة
يقول مسؤولون بالبلاد إن إرسال الناس مرة أخرى إلى بلاد شمال إفريقيا، خاصة الجزائر والمغرب، يُعد أمراً صعباً كذلك، رغم أن الوزير دي ميرزيه ذهب إلى هناك في فبراير/شباط من أجل عقد مفاوضات حول هذه المسألة.
"لم يتغير شيء"، يقول لودجر هارماير، المتحدث الرسمي باسم وزارة داخلية ولاية شمال الراين- ويستفاليا، الولاية الألمانية الأكبر من حيث السكان. "يقال إننا سنوافق باستقبال هؤلاء الناس، لكن بشكل عملي تكون العقبات كثيرة لدرجة أنهم يفعلون كل ما بوسعهم من أجل ألا يستقبلوا هؤلاء الناس".
وفقاً لهارماير، تأتي من ضمن هذه العقبات: أن المغرب ستقبل فقط المواطنين الذين يتم ترحيلهم ويأتون على متن رحلة ركاب مجدولة. أما دول البلقان مثل صربيا وكوسوفو فتستقبل كل أسبوع تقريباً طائرات مستأجرة خصيصاً مليئة بمواطنين تم ترحيلهم.
لم نتمكن من الوصول إلى المسؤولين في سفارات برلين بالمغرب والجزائر من أجل التعليق على الأمر.
بالعودة لألمانيا، أوقفت أحزاب الخضر المعارضة تشريعاً يعلن الجزائر والمغرب وتونس كبلاد منشأ آمنة، الأمر الذي سيزيد من صعوبة حصول المواطنين على اللجوء. انتقد الحزب اليساري كذلك المقترحات المقدمة لتقنين مسألة إعادة المهاجرين إلى أفغانستان، حيثُ قالوا إن الوضع في أفغانستان مازال خطيراً.
ومع ذلك، فمنذ الخريف الماضي تم تمرير 3 قوانين عملت على تسريع مسألة ترحيل المهاجرين. تضمنت القوانين الجديدة فرض حظر على تحذير الناس الذين سيتم ترحيلهم بالموعد الذي ستأتيهم فيه الشرطة لتنفيذ الحُكم، بالإضافة إلى وضع مزيد من القيود على الاستثناءات الطبية. كما تم تخصيص وحدة شرطية جديدة لتكون مسؤولة عن تحصيل وثائق السفر الخاصة بهؤلاء الذين لا يحملون جواز سفر.
"على المستوى التشريعي، فقد قمنا بما في استطاعتنا لتحسين العملية"، يقول ليشكا، النائب عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي. "لكن على المستوى العملي، فمن الواضح أننا نحتاج إلى المزيد من العمل".