كرة القدم.. هل تتحول لجوهرة التاج في أولمبياد ريو؟
جو 24 :
في ظل ظهورها المبكر ضمن الرياضات التي شهدتها الدورات الأولمبية الأولى، تحظى كرة القدم بتراث كبير مثل الغالبية العظمى من الرياضات التي تشهدها دورة الألعاب الأولمبية القادمة (ريو دي جانيرو 2016) .
وأدرجت كرة القدم ضمن الرياضات الأولمبية بداية من الدورة الثانية التي أقيمت عام 1900 .
وعلى مدار تاريخ الدورات الأولمبية، نجح عدد من أبرز نجوم الساحرة المستديرة في خطف الميدالية الذهبية للعبة بأكثر من دورة أولمبية مثل المجري فيرنك بوشكاش في أولمبياد 1952 وليف ياشين حارس مرمى الاتحاد السوفيتي السابق في أولمبياد 1956 والمهاجم الأرجنتيني ليونيل ميسي في أولمبياد بكين 2008 .
وخلال الدورات الأولمبية الماضية، كانت كرة القدم اللعبة الوحيدة التي لم تنفد تذاكرها مباشرة فور طرحها للبيع بل إن بعض المسؤولين عن الرياضات الأولمبية الأخرى يرى أنها لعبة لا مكان لها في الدورات الأولمبية.
ولكن أولمبياد ريو قد يحول كرة القدم إلى جوهرة التاج بالنسبة لهذه الدورة الأولمبية.
ويقول المؤرخ والروائي الأولمبي الشهير ديفيد والتشينسكي، لوكالة الأنباء الألمانية: "هناك أسباب قليلة لذلك.. في الوقت الحالي، ما زالت كرة القدم إحدى رياضتين فقط لا تفتحان الطريق للمشاركة في الدورة الأولمبية أمام أفضل ممارسيها. الرياضة الأخرى هي الملاكمة".
لدينا نوع من التهجين في كرة القدم حيث تسمح اللوائح بمشاركة ثلاثة لاعبين من أي سن في كل منتخب بينما يشترط أن يكون باقي اللاعبين تحت 23 عاما".
وأضاف "لم يكن هذا لأن الفيفا (الاتحاد الدولي لكرة القدم) لا يرغب في خسارة كرة القدم بالدورات الأولمبية وإنما لا يرغب في أن تنافس مسابقة كرة القدم الأولمبية بطولات كأس العالم".
وجاءت إقامة البطولة الأولى لكأس العالم لكرة القدم في 1930 بأوروجواي لتحض على استبعاد اللعبة من فعاليات الدورات الأولمبية بداية من أولمبياد 1932 .
وبينما اتسعت دائرة الاحتراف في مجال كرة القدم في جميع أنحاء العالم، ظلت المشاركة في الدورات الأولمبية قاصرة على اللاعبين الهواة.
ولكن بزوغ الدول التي سيطر عليها الحكم الشيوعي جعلت الأمر أبعد ما يكون عن هذا.
وقال والتشينسكي "الدول الشيوعية ادعت أنها ليس لديها أي رياضيين محترفين.. ولذلك ، أصبحت أمام موقف ترى فيه أفضل اللاعبين من الدول الشيوعية يتنافسون مع لاعبين أقل في الإمكانيات والمستوى من الدول الأخرى. كان ذلك مرفوضا بوضوح".
ويقول الرافضون للعبة على المستوى الأولمبي إنها لا تستحق أن تكون في الدورات الأولمبية لأن المسابقة الأولمبية لكرة القدم ليست الأبرز في عالم هذه اللعبة في إشارة إلى سطوة بطولات كأس العالم وبعض البطولات القارية بل وبطولات الأندية الأوروبية.
وصرح لاعب التنس البريطاني السابق جريج روسيدسكي ، لوكالة الأنباء الألمانية، قائلاً "ما هو الأكثر أهمية، الفوز بكأس العالم أم الميدالية الذهبية لكرة القدم في الأولمبياد ؟".
وأضاف "المسابقة الأولمبية ليست الأبرز حتى الآن في هذه الرياضة. يجب أن تكون هي الأهم وأن تكون ميداليتها الذهبية هي الجائزة الأبرز في عالم كرة القدم".
وقال والتشينسكي "الفارق بين التنس وكرة القدم هو المعيار العام. وتزايدت مشاركة أفضل لاعبي التنس في الدورات الأولمبية تدريجيا ولذلك بلغ مستوى التنس في هذه الدورات الأولمبية إلى الدرجة التي يستحيل لكرة القدم أن تصل إليها في هذه الدورات".
ويأتي ذلك رغم فوز عدد من النجوم العالميين في السنوات الماضية بالميدالية الذهبية الأولمبية لكرة القدم مع منتخبات بلادهم ومنهم ميسي ومواطناه كارلوس تيفيز وخافيير ماسكيرانو والكاميروني صامويل إيتو والنيجيري نوانكو كانو والإسباني جوسيب جوارديولا.
ووصف تيفيز فوزه بالميدالية الذهبية الأولمبية بأنها أهم لحظة في مسيرته الكروية.
كما أصبحت المسابقة الأولمبية منفذا للاعبين الشبان البارزين في عالم كرة القدم للفت الأنظار وجذب العقود المغرية خاصة مع تهافت بعض الأندية الأوروبية الكبيرة على من يسطع نجمه في مثل هذه الدورات الأولمبية.
ولكن المكانة المتواضعة لمسابقة كرة القدم في الدورات الأولمبية سيتغير بلا شك خلال أولمبياد ريو دي جانيرو حيث تقام الدورة الأولمبية هذه المرة في معقل الساحرة المستديرة.
ولهذا حرص المهاجم البرازيلي الخطير نيمار دا سيلفا على أن يكون ضمن المشاركين في هذه الدورة مفضلا خوض المسابقة الأولمبية على المشاركة في النسخة المئوية من بطولة كأس أمم أمريكا الجنوبية (كوبا أمريكا 2016) التي استضافتها الولايات المتحدة في يونيو/حزيران الماضي.
ولا تتوقع البرازيل رصيدا هائلا من الميداليات الذهبية في أولمبياد ريو ولا يتوقع حتى أكثر المتفائلين من أصحاب الأرض أن تنافس بلادهم على لقب الدورة وصدارة جدول الميداليات.
ولكن نيمار مهاجم برشلونة الإسباني يسعى إلى قيادة منتخب بلاده للذهب الأولمبي للمرة الأولى في تاريخ مسابقة كرة القدم الأولمبية حيث لا يزال هذا الإنجاز غائبا عن تاريخ كرة القدم البرازيلية.
ويطمح نيمار إلى أن يكرر مع منتخب بلاده ما حققه زميله ميسي مع المنتخب الأرجنتيني في أولمبياد بكين 2008 عندما صعد مع فريقه لقمة منصة التتويج بميداليات كرة القدم الأولمبية.
وإلى جانب إقامة الأولمبياد هذه المرة في أحضان السامبا، سيكون الدافع قويا هذه المرة لدى البرازيليين من أجل تقديم أفضل ما لديهم وانتزاع الميدالية الذهبية لتعويض الاخفاقات المتكررة للكرة البرازيلية والتي كان أحدثها الخروج من دور المجموعات في كوبا أمريكا 2016 بعد الخروج المبكر أيضا من دور الثمانية في كوبا أمريكا 2015 والخسارة المهينة 1 / 7 أمام المنتخب الألماني في المربع الذهبي لكأس العالم 2014 بالبرازيل.
وكانت الفرصة سانحة أمام المنتخب البرازيلي للفوز بالذهبية في أولمبياد لندن 2012 لكنه أطاح بها وخسر أمام نظيره المكسيكي في المباراة النهائية.
وقبل أربع سنوات، قال سيباستيان كو رئيس اللجنة المنظمة لأولمبياد 2012 ، إن كرة القدم تستحق مكانها في جدول فعاليات الدورة.
وأوضح كو، الفائز بميداليتين ذهبيتين في سباق 1500 متر بالدورات الأولمبية: "هناك فرصة رائعة واستثنائية للاعبين الشبان.. العديد من البلدان تستغل المسابقة كوسيلة لمنح الخبرة إلى اللاعبين الشبان عندما تكون هذه المسابقة أحيانا أقل أهمية بالنسبة لهذه الدول من البطولات القارية أو كأس العالم".
وطالما ظلت المسابقة مقيدة بهذه اللوائح، ستظل العلاقة الصعبة بين كرة القدم والدورات الأولمبية على هذا المنوال.