15 طبيبة جراحة في الاردن فقط
جو 24 : ماجدة ابو طير - هل تحتار الطبيبة عندما يأتي وقت اختيار التخصص الذي تريد أن تمضي به باقي حياتها العملية، وتأخذ بعين الاعتبار نظرة المجتمع لهذا التخصص وهل هو مقبول لديهم أم لا؟ النتائج العملية أظهرت فعلياً تجنب الكثير من الطبيبات لتخصص «الجراحة» بحد ذاته كونه مرفوضا مجتمعياً، ولا توجد ثقة من قبل المرضى في طبيبة الجراحة من شتى التخصصات الفرعية. الطبيبة الجراحة هبة العبادي، من الخدمات الطبية الملكية، تجد أن اختيارها لتخصص الجراحة تحد ومواجهة كبيرة لأفكار المجتمع، حيث يرفض المجتمع الطبيبات الجراحات ولا يمنحهن الثقة، تقول العبادي: « لنعترف أن المجتمع ما زال سمته العامة هي السمة الذكورية، واختيار أي طبيبة لتخصص الجراحة يعتبر جرأة وكسرا للتابوهات المعتادة، فهذا التخصص يحتاج إلى مجهود كبير وقوة تركيز وقدرة على تحمل ساعات طويلة من العمل، فهل تستطيع الفتاة تحمل كل ذلك؟». وتضيف: «من الأفكار المجتمعية التي تلاحق الطبيبة عند اختيارها هذا التخصص، أنها لن تستطيع الزواج أو يكون لها أطفال نتيجة تواجدها في العمل لساعات طويلة وأحياناً غير محددة، يوجد لدينا الكثير من نماذج الجراحات المتزوجات والناجحات على الصعيد العائلي، وشخصياً قد تزوجت من طبيب جراح، ودائماً يمنحني القوة والإرادة على تحمل طبيعة العمل المجهدة، ومع الوقت سأتخصص جراحة أطفال بإذن الله عزوجل». وتتابع العبادي: «حالياً الفتاة أصبحت تتعلم وتحصل على شهادات عليا وتنافس الرجل في الكثير من المواقع، نحتاج إلى الوقت لتتغير هذه الأفكار، من أكثر العقبات التي تواجه الطبيبة الجراحة مواجهتها للمريض واستغرابه من أنها سوف تشرف على حالته، هنالك عدد من العوامل التي تجعل المريض يثق بالطبيبة الجراحة من أهمها التشخيص الصحيح واهتمامها المستمر بالمريض». مساندة الأهل والزوج أما الطبيبة الجراحة هبة حواشين، من مستشفى الجامعة الأردنية، ترى أن اختيار الفتاة لتخصص الجراحة هو أمر لا يقف فقط على تحدي أفكار المجتمع بل أيضاً ستواجه الطبيبة تحديات داخل المهنة ذاتها، تقول حواشين: «هذا الاختيار متعب حقاً، خاصة في غرفة العمليات التي تواجه بها الطبيبة العديد من المواقف، ويجب أن تتخذ أهم القرارات، ففي المقابل هنالك مريض وحياته مهددة بالخطر، وهو أمانة ومسؤولية يجب أن تهتم بها».
تتابع حواشين لـ «الدستور»: لا أنكر أن الرجل جسدياً قادر على تحمل المصاعب بشكل أكبر خاصة أن المرأة تمر بظروف تحتاج للراحة كالحمل والولادة، لكن الطبيبة الجراحة مع الوقت واعتياد الجهد تصبح قادرة على هذا المجهود. لقد تزوجت وأصبح لدي ابنة، وعائلتي وزوجي يقدمون لي الدعم بشكل دائم، فزوجي طبيب عيون ومتفهم لعملي ولطبيعة الصعوبات التي أمر بها، مع الوقت سأتخصص بجراحة تجميل وحروق وترميم، فهذا التخصص فيه إبداع وعليه إقبال جيد، فالناس يرغبون دوماً في الظهور بشكل حسن.
تواجد قديم الطبيبة الجراحة ميمونة عطيات من مستشفى الأمير حمزة، المتخصصة بجراحة حوادث الطوارئ والعناية الحثيثة تبين أن الطبيب بشكل عام ومن كافة التخصصات يواجه تحديات في الحياة بسبب طبيعة الدوام المجهد وساعات العمل طويلة، والمرأة أيضاً حياتها لا تعد سهلة وخاصة إن كانت أمًّا ولديها مسؤوليات ومهام تجاه أطفالها، وبالتالي فهي قادرة على تحمل الجهد وإثبات أنها مميزة دوماً».
تردف عطيات قائلة: «تواجد النساء في الجراحة ليس بالأمر الجديد بل تواجدت الجراحات في الحضارة الفرعونية وفي أوروبا منذ العصور الوسطى، ولاحقاً بدأ التضييق على المرأة لتصبح مع الوقت مهنة ذكورية، والآن أعداد الجراحات مقارنة مع الجراحين نسبة قليلة، والصورة العامة التي نواجهها دوماً أن المريض يختار طبيب جراح لخوفه أن تكون الجراحة أقل مهارة وخبرة، مع الوقت ستزداد أعدادنا بدون شك وسيتم تغيير هذه النظرة». دراسة وفي دراسة نشرتها حديثاً جمعية معهد تضامن النساء الأردني كشفت بأن عدد أطباء وطبيبات الجراحة المعتمدين بمختلف التخصصات بلغ 516 طبيباً وطبيبة، من بينهم 15 طبيبة جراحة وبنسبة لم تتجاوز 0.03%.
وتركز طبيبات الجراحة على تخصصات جراحة وأمراض العيون (8 طبيبات) وجراحة الكلى والمسالك البولية (3 طبيبات) وجراحة الأنف والأذن والحنجرة (طبيبتان) والجراحة العامة (طبيبتان). وبينت الدراسة أن وجود الطبيبات الجراحات معدوماً في التخصصات الدقيقة، حيث تواجه النساء تحديات ومعيقات خلال دراستها الطب وقبل التخصص من قبل الأهل والمجتمع، وحتى من قبل زملاء الجامعة أو أعضاء هيئة التدريس، تصب في مجملها بأن هذه التخصصات هي للرجال فقط وأن المرأة لا يمكنها العمل أو المنافسة، والأهم من ذلك هو إقناعهن بأن المرضى لن يتقبلوا فكرة إجراء عمليات جراحية لهم من قبل النساء. إن الصورة المرسومة مسبقاً عن النساء الطبيبات وهي صورة نمطية بكل تأكيد، تضع النساء في مواجهة مسبقة مع نظرائهن من الرجال، ويكون الخطأ الأول الذي ترتكبه الطبيبة الجراحة هو الخطأ الأخير، فيما يتغاضى المجتمع عن أخطاء الأطباء الذكور.
وفي تصريح لأول رئيسة للكلية الملكية للجراحين في بريطانيا الدكتورة كلير ماركس بأن هنالك حاجة للتركيز على التطوير المهني للطبيبات الجراحات، علماً بأن عدد الطبيبات الجراحات في بريطانيا لا يتجاوز 800 طبيبة وبنسبة 11% من مجموع أطباء الجراحة، وأشارت إلى عدم المساواة بين الجنسين في تخصص الجراحة. - الدستور