روافع فلسطينية
ليست معركة " عمود النار " نهاية المطاف وخلاصة العدوان والتبجح الأسرائيلية ، فقد سبقها الرصاص المصبوب عام 2008 وغيرها العديد من المعارك المماثلة في الضفة ، وخارج فلسطين بسلسلة الأجتياحات بدءاً من معركة الكرامة بعد الأحتلال الثاني لفلسطين عام 1967 وإجتياح جنوب لبنان عام 2006 ، وحتى داخل مناطق الأحتلال الأولى عام 1948 لم يسلم العربي الفلسطيني من شرهم وأذاهم وعدوانيتهم ، من شهداء كفر قاسم عام 1956 إلى شهداء إنتفاضة تشرين أول عام 2000 تضامناً مع إنتفاضة الضفة والقطاع ، ولذلك يستطيع العدو الأسرائيلي توجيه ضربات موجعة للشعب الفلسطيني كما يفعل حالياً في قطاع غزة مخلفاً الدمار والموت والرهبة ، ولكنه لن يستطيع إيقاف مسيرة شعب يتوسل المساواة والأستقلال والعودة كعناوين لحقوقه الثلاثة المشروعة .
إغتيال الشهيد الجعبري يوم 14 تشرين الثاني ضربة موجعة وخسارة حقيقية لحركة حماس ، وخسارة معنوية أكبر للشعب الفلسطيني بأكمله ، ولكنها ضريبة الحرية التي بدأت بغسان كنفاني وشهداء الفاكهاني الثلاثة وتواصلت مع أبو جهاد وأحمد ياسين والرنتيسي وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي وغيرهم ، وتوجت بإغتيال الرئيس عرفات ، ولن تتوقف حتى يتوقف التفوق والقدرة الأسرائيلية على إيذاء الشعب الفلسطيني ويتم كنس الأحتلال والظلم والعنصرية عن أرض فلسطين ويستعيد الشعب العربي الفلسطيني كامل حقوقه غير المنقوصة على أرض وطنه بالمساواة والأستقلال والعودة .
العدو الأسرائيلي وجه ضربة موجعة لحركة حماس ، وكان رد الجهاد الأسلامي بسلسلة الصواريخ على تل أبيب ، بمثابة الرافعة لمعنويات الفلسطينيين وضربة معنوية لحكومة نتنياهو ولمجمل الأسرائيليين ، ولكن الرد الفلسطيني الحقيقي المطلوب على الأستفراد الأسرائيلي بقطاع غزة ، يكون عبر العمل بإتجاه تحقيق هدفين أولهما التراجع عن الأنقلاب وإنهاء الأنقسام وإستعادة الوحدة والأحتكام مرة أخرى إلى صناديق الأقتراع ، لولادة قيادة فلسطينية مشتركة ، وثانيهما صياغة برنامج وطني مشترك ، ومؤسسة تمثيلية موحدة عبر منظمة التحرير ، وإختيار الأدوات الكفاحية المناسبة لمواصلة النضال .
المشروع التوسعي الأسرائيلي ليس قدراً ، لا يمكن الفكاك منه أو إستحالة إزالته ، وهزيمته ، فقد غزا المنطقة العربية العديد من الحملات الهمجية الأستعمارية ، وتلاشت ، وبقي العرب عرباً ، وبقيت بلادنا لأهلها ، وإندثر تبعات الأستعمار وبقيت شواهد على مرورهم المؤقت على صدور من سبقونا ، ولن يكون الأسرائيلييون أفضل حالاً طالما واصلوا عدوانيتهم وإستعلائهم وسلوكهم الأستعماري ، فالتفوق الأسرائيلي ، ليس فريداً في نوعيته ، فقد كان الجزائريون الأضعف أمام الفرنسيين ، والفيتناميون أمام الأميركيين ، والأفغان أمام السوفيت ، وبقيت الشعوب وإندحر غزاتهم وإستعمارهم ، وفلسطين لن تكون الأستثناء ، من بين هذه الشعوب التي إستعادت كرامتها ونالت إستقلالها .