الانتخابات ليست الحلّ
جو 24 :
تامر خرمه- يزعم الاتحاد الاوروبي حرصه على استقرار الاردن ومستقبله، ولكن لا يخفى على أحد أن هذا "الحرص" نابع من الخلل الاستحواذي القسري، المهيمن على الغرب، والمتّصل بالحاجة الملحّة لضمان أمن "جارتنا"، ورعاياها من أتباع يهوا.
ويمكن للبعض المجادلة بأنّ هذا أمر "حسن"، فحاجة الغرب اللحوحة لضمان أمن واستقرار "اسرائيل" يستوجب في البداية ضمان أمن واستقرار الأردن، وبالعربي البسيط: "إحنا بخير" مهما عصفت التغيّرات الكارثيّة بالمنطقة.. ولكن هل هذا صحيح؟
"الحرص" الغربي على أمن الأردن واستقراره، يوازيه تحميل هذا البلد الفقير، الذي يقتات على فتات المساعدات الخارجيّة، وزر التدخّل الأرعن لدول الاتّحاد الأوروبي والولايات المتّحدة في شؤون المنطقة. هذا التدخّل الذي أدّى إلى تهجير الملايين من أشقّائنا في سوريّة والعراق وغيرهما.
وما يثير السخرية هي تلك المقاربة الغربيّة التي يراهن عليها البعض، والمتعلّقة بإجراء الانتخابات النيابيّة المقبلة. الاتّحاد الأوروبي أنفق الملايين لضمان سير العمليّة الانتخابيّة على النحو الأمثل، ولكن هل حقّاً هكذا تورد الإبل، وهل إجراء انتخابات برلمانيّة "نزيهة وشفّافة" سينتشل الأردن من مأزقه المركّب؟!
اليوم تمّ توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الخارجية وشؤون المغتربين بالنيابة عن الحكومة من جهة، والاتحاد الاوروبي من جهة أخرى، تتعلق بتسهيل عمل بعثة الاتحاد الاوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية.
بالفعل يعتقد ساسة القارّة العجوز أن مشكلة الأردن تقتصر على مسألة الانتخابات، وكأن جراحة تجميليّة كهذه ستشفينا من سرطان الفساد والاستسلام الكامل لشروط واملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين.
عندما انطلق أوّل تظاهرة خلال الربيع العربي، وحتّى قبل ثورة يناير المصريّة، في لواء ذيبان يوم 7- كانون الثاني- 2011، لم يطالب المحتجّون بتغيير قانون الانتخاب، ولا بإجراء انتخابات نزيهة وشفافة، وكذلك كان الأمر يوم الجمعة الموافق 14- كانون الثاني- 2011، يومها رفع المتظاهرون في وسط البلد ذات الشعار: خبز.. حرية.. عدالة اجتماعيّة.
ولطالما كان الفساد، ولا يزال، هو المعضلة الأساسيّة التي تدفع الناس إلى الاحتجاج، إلى جانب حالة البؤس التي تنهش بالمناطق المهمّشة. المشكلة يا سادة لا علاقة لها بالبرلمان أو بقانون الانتخاب.
وحتّى إذا أردت الرهان على مسألة الانتخابات، فما الجديد الذي تفضّل به قانون الانتخاب بعد تعديله؟ تقول إن المجلس المرتقب سيكون نتاج قوائم تشكّلت على أساس تحالفات سياسيّة؟ راقب إعلانات المرشّحين "الفرادى" أو قم بإلقاء نظرة خاطفة على أسماء "الحشوات" لتدرك كيف يصفع الواقع أيّ وعود تتعلّق بالتغيير.