البرازيليون سيتذكرون ريو ب لحظة واحدة رغم التبعات الاقتصادية السيئة
واستطاعت البرازيل، تجاوز المخاوف بشأن فيروس زيكا، والركود الاقتصادي المؤلم، الذي ترك خزائن الحكومة خاوية، والشكوك المحيطة بمنصب رئيس البلاد، قبل ثلاثة أشهر فقط، على حفل افتتاح أول دورة أولمبية تقام في أمريكا الجنوبية.
وكان أحد المسئولين الكبار، في اللجنة الأولمبية الدولية، حذرقبل عامين، من أن استعدادات البرازيل، هي أسوأ استعدادات تابعها على الإطلاق،إلا أن تسارع الخطى في اللحظات الأخيرة أدى لاكتمال مواقع المنافسات وخط المترو الجديد، الواصل إلى المتنزه الأولمبي، قبل انطلاق الدورة.
كما ثبت عدم صحة المخاوف الأمنية، التي أدت لنشر 85 ألف فرد شرطة وأمن، قبل الأولمبياد، فلم تقع أي هجمات كبيرة مثل تلك التي وقعت مؤخرًا في أوروبا.
وعلى صعيد الفوائد التي سيجنيها السكان والتي ستلحق بصورة ريو في العالم الخارجي على المدى الطويل فقد كان بإمكان الدورة أن تحقق ما هو أكثر من ذلك.
وقال جول بويكوف، الأستاد في جامعة باسيفيك في أوريجون، ومؤلف كتاب عن التاريخ السياسي للألعاب الاأولمبية: "لو كان بإمكاننا أن نصف غياب أي كارثة عن ريو بأنه نجاح للأولمبياد، فإنني سأفترض نجاح الدورة. لكن لو كان هذا هو المعيار، فإننا نكون قد هبطنا بالمستوى بشدة".
وأضاف: "من وجهة النظر الحياتية للأشخاص العاديين في ريو فان الدورة لم تكن ناجحة. كانت فرصة ضائعة على نحو كبير".
وكان الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، قال في عام 2009 عندما فازت البرازيل بحق استضافة الألعاب الاولمبية، قال وهوو يبكي، إن هذا سيضمن للبرازيل الدخول لنادي دول "الدرجة الأولى".
وأضاف لولا وقتها: "أدرك العالم أن الوقت قد حان بالنسبة للبرازيل!" متوقعًا أن تكون الأولمبياد مجالاً لاستعراض مدى تطور الدولة على صعيد الإدارة، والحكم، إضافة لإظهار ما حققته من نمو اقتصادي كبير.
لكن بعدها بسبع سنوات، بدا أن الأولمبياد، جاءت في اللحظة الخاطئة بالنسبة للبرازيل، فقد تعرض الاقتصاد لأضرار شديدة، بينما طالت فضيحة فساد ضخمة شركات البناء والتشييد، القائمة على أعمال البنية الأساسية للألعاب الأولمبية، وهو ما أطاح بحزب العمال اليساري المنتمي له لولا، من السلطة.
وكانت الفترة التي سبقت الألعاب، فرصة لا تعوض لإظهار أكثر المدن البرازيلية روعة وجمالاً، إلا أن تركيز عناوين الصحف، تحول بدلاً من ذلك، صوب مساءلة البرلمان لديلما روسيف، والتي خلفت لولا في السلطة وانتشار فيروس زيكا، وارتفاع معدلات الجريمة في الأحياء الفقيرة للمدينة؛ بسبب ارتفاع معدلات البطالة وانتشار عناصر شرطة غير مجهزة.
ولن تنحصر الصور الراسخة في الأذهان، عن الأولمبياد في مجرد الإنجازات الرياضية العملاقة، بداية من زيادة السباح الأمريكي مايكل فيلبس لغلته إلى 28 ميدالية أولمبية، وصولاً للإنجاز التاريخي للعداء الجاميكي يوسين بولت، بحصد الثلاثية الثالثة له في الألعاب الأولمبية، لكن الأمر سيمتد إلى المشكلات التنظيمية والمقاعد الخالية ومعدلات الجريمة.
وكان رد الفعل الغاضب للبرازيليين، على اختلاق السباح الأمريكي رايان لوكتي، قصة عن سرقته تحت تهديد السلاح، يرجع في جزء منه لإدراكهم أن سمعة الدولة تضررت بشدة على الصعيد الدولي.
وقال كريستوفر جافني، وهو خبير أولمبي وأستاذ الجغرافيا في جامعة زيورخ، والذي عاش في ريو حتى نهاية العام الماضي: "وضعت البلاد صورتها في خطر بتقدمها بعرض لاستضافة الأولمبياد، ولم تجد تلك المخاطرة نفعًا لأنه بدا واضحًا بشكل كبير، أن البرازيل لم تحل مشاكلها".
انصهار الإرث
وتجسدت أجواء عدم الارتياح بين السكان في نحت جليدي وضع في الشارع الرئيسي المواجه لشاطئ ريو وكان عبارة عن كلمة "الإرث". وفي ظل حرارة الشمس الحارقة ذاب هذا النحت.
واقر إدواردو بايس رئيس بلدية ريو الذي يتسم بالصراحة بأن هناك بعض التقدم الذي حدث لكنه أشار إلى أن الأولمبياد، لم تحقق وبشكل كبير الهدف الرئيسي منها على صعيد التصدي للمشكلات البيئية مثل تلوث المياه.
ويتم صرف نحو نصف مياه الصرف الصحي الخاصة بالمدينة دون معالجة في خليج جوانابارا.
وجسد مشهد إستاد ماراكانا، وهو يزهو بالإضاءة، خلال حفل الختام، بينما التيار الكهربائي مقطوع عن الشوارع المجاورة،ما تسبب في حالة من الظلام الدامس حجم الفوائد غير المتوازنة للأولمبياد.
وذكرت وسائل إعلام محلية، أن تعريفة استهلاك الكهرباء، سيتم زيادتها لتغطية نفقات إضاءة الألعاب الأولمبية.
كما تتمثل أحد المصادر الرئيسية لإثارة شكوك البرازيليين في حجم الفاتورة النهائية للألعاب الاولمبية في خضم أعمق ركود اقتصادي، يضرب البلاد منذ ثلاثينات القرن الماضي.
لكن بالنسبة للكثير من البرازيليين، فإن الدورة الأولمبية سيتم تذكرها باعتبارها ناجحة؛بسبب لحظة واحدة وهي عندما سجل نيمار لاعب المنتخب البرازيلي لكرة القدم ركلة الجزاء الأخيرة في المباراة النهائية لمنافسات الرجال أمام ألمانيا ليهدي بلاده الميدالية الذهبية.