قوائم الاسلاميين سمك لبن تمر هندي.. وحشوات انتخابية في التحالف الوطني
جو 24 :
محرر الشؤون الانتخابية - عندما قاطع الاخوان المسلمون الانتخابات النيابية السابقة، وتلك التي سلفتها، بالتحالف مع أحزاب اليسار، كانت حجّتهم الأوضاع السياسية ورجعيّة قانون الانتخاب، واستناده إلى الصوت الواحد المجزوء.. طيّب، تمّ تعديل القانون، لكنّ الوضع لم يتغير بشكل حقيقي، وها هي الحركة الاسلاميّة تخوض معركتها الانتخابيّة بعيداً عن استحقاقات "العصريّة" و "الديمقراطيّة". بل إنّها لم تتجاوز تجربة "الكتل البرلمانيّة" التي طالما انتقدتها.. وربما كان لذلك علاقة مباشرة في رغبتها بالعودة إلى المشهد السياسي مرة أخرى وتجاوز الانقسامات وحالة التشرذم التي شهدتها الجماعة وتعطي انطباعا بأنها ما زالت موجودة وقادرة على ترشيح 122 شخصا و20 قائمة، وهذا كلّه مشروع... ولكن.. كيف ستكون المشاركة؟!
قالوا إنهم سيشاركون في الاستحقاق الدستوري ضمن تحالف وطني واسع! لكن الحقيقة أنهم لم يتحالفوا مع أحد، وقاموا هم أنفسهم بانتقاء شخصيات وطنية لتكون "حشوات" في قوائمهم بعيدا عن التحالفات السياسية وكل ما يتّصل بالأسس المنطقيّة التي تشكّل قانون الانتخاب وفقها. وقد وصلت براغماتيّة الحركة الاسلاميّة حدّ نكران المبادئ بل وجحودها، فبعض الاسماء التي طرحت في قوائم الاسلاميين تعكس وجهات نظر متناقضة تماما مع طرح الحركة وتوجهاتها، وسرعان ما سيتفتت هذا التحالف بعد دخول قبة البرمان.
منصور مراد، أحد الأسماء التي درجت في قوائم الحركة الاسلامية للانتخابات النيابية المرتقبة. الرجل كان على الدوام نصير وحليف نظام بشار الاسد، الذي يناصبه الاسلاميون العداء، ويراهنون على زواله بالتحالف مع شتّى القوى الاقليميّة، غير أن هذا لم يمنعهم من إدراج اسمه وكأنّه حليف استراتيجي، لخوض معركتهم الانتخابيّة، وحصد أصوات أقاربه.
الواقع أنها تحالفات ما أنزل الله بها من سلطان، تغيب عنها أدنى مقاييس الفقه السياسي، وكلّ هدفها هو حصد بضعة أصوات لولوج البرلمان، دون أدنى واعز قد يحفّزه الضمير.. وقوائم لا تختلف عن تلك التي يشكّلها "حيتان" ذيّلوا أسماءهم بالحشوات، ولكن ما نستغربه أن يصدر هذا الفعل عن القوة التنظيميّة الأكبر في هذا الوطن، الذي تنهشه السلطة ذات يمين، وتنهشه المعارضة ذات يسار.
والأنكى من هذا الدعايات التي تشنّها الحركة -التي نصرّ على اعتزازنا بها كونها التنظيم السياسي الأكبر والمعبّر عن الغالبيّة العظمى من أبناء مجتمعنا- ضدّ خصومها سواء في حركة زمزم أو غيرها. بصراحة، لا يليق هذا الموقف بتاريخ الاخوان المسلمين، ولا بسيرة القائد المؤسّس حسن البنّا أو غيره من شخصيّات فرضت نفسها على التاريخ.
نأمل أن يعود صوت الرشد والحكمة إلى خطاب هذه الحركة الوطنيّة، فما نشهده إساءة لأهمّ وأنبل تيّار سياسيّ في هذا الوطن المغلوب على أمر أعدائه.