سعودية النشأة.. هذه قصّة مساعدة كلينتون التي سلَّط الإعلام الأميركي الضوء على ماضيها
في الحادي والعشرين من شهر أغسطس/آب 2016 نشرت صحيفة نيويورك بوست الأميركية تقريراً يفيد بأن هُما عابدين، التي عملت نائباً لرئيس الموظفين بوزارة الخارجية خلال ولاية كلينتون في الفترة من 2009- 2013 (وهي أيضاً زوج أنتوني وينر، العضو السابق بمجلس النواب الأميركي عن ولاية نيويورك)، قضت "عقداً من الزمن في تحرير محتوى تقدمه إحدى دوريات النشر الإسلامية الأصولية التي تعادي حقوق المرأة وتلقي باللوم على الولايات المتحدة فيما يتعلق بأحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001"، حسبما نقل التقرير.
محط انتقاد عابدين
وذكر التقرير أن هُما عابدين نشرت مقالات في دورية نشر سعودية، وأنها عملت نائبة رئيس التحرير لتلك الدورية، وهي دورية النشر الخاصة بـ "معهد شؤون الأقليات المسلمة"، الذي تشرف على إدارته صالحة عابدين، والدة هُما عابدين، وهي أيضاً رئيسة تحرير تلك الدورية، وفقا للتقرير الذي نشره موقعSnopes
وفي مقال نُشر بالدورية عام 1996 ويحمل عنوان "حقوق المرأة هي حقوق إسلامية"، توضح عابدين أن الأمهات غير المتزوجات اللائي لديهن أطفال وأيضاً يدخلن في علاقة مثلية، لا ينبغي أن يُعترف بهن كعائلات. كما ذكر المقال أنه كلما انتشرت الفساتين العارية بدعوى حرية المرأة "فإن ذلك الأمر يُترجم إلى نتائج غير مرغوب فيها من العلاقات الجنسية المتعددة غير الشرعية، كما ينشر العنف ضد المرأة بطريقة غير مسؤولة وغير مباشرة".
وفي مقال آخر نُشر في يناير/كانون الثاني عام 1996، كتبت عابدين الأم- والتي شغلت في الماضي منصب مبعوث رابطة العالم الإسلامي لدى مؤتمر الأمم المتحدة- أن كلينتون وبعض المتحدثات الأخريات كُنّ يقدمن أجندة "شديدة العدوانية وتحمل أصولية نسوية"، وكانت غير إسلامية وخاطئة لأنها كانت تركز على تمكين المرأة.
استمرت هُما في العمل مع والدتها حتى عام 2008. ففي البيانات المتعلقة بإحدى إصدارات الدورية التي نشرت عام 2002، ذكرت أن هُما تشغل منصب "نائب رئيس التحرير". وذكرت سطور ذلك الإصدار أن المصير الذي لاقته الولايات المتحدة خلال أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وقع بسبب "العقوبات" التي فرضتها ضد العراق، فضلاً عن "الظلم" الذي حملته ضد العالم الإسلامي.
فانيتي فير تضرب كلينتون على وتر عابدين
لم تكن صحيفة نيويورك بوست الوحيدة التي تحدثت عن عابدين وعلاقتها بتلك الدورية، فقد نشرت مجلة فانيتي فير الشهرية الأميركية في عددها الصادر في يناير/كانون الثاني 2016 عن ذلك الأمر.
وذكرت المجلة أن عابدين كانت تبلغ من العمر عامين عندما انتقلت عائلتها إلى جدة بالمملكة العربية السعودية، حيث استطاع والدها تأسيس معهد شؤون الأقليات المسلمة، وهو مركز بحثي، بمساعدة عبدالله عمر نصيف، الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس جامعة الملك عبد العزيز، ليصير أول رئيس تحرير لدوريته المعنونة بـ "دورية شؤون الأقليات المسلمة"، والتي تقول إن مهمتها إلقاء الضوء على جاليات الأقليات المسلمة حول العالم أملاً في "تأمين الحقوق الشرعية لتلك المجتمعات".
وبعد وفاة الأب سيد زينول عابدين عام 1993، تولت زوجه مسؤولية إدارة المعهد ورئاسة تحرير الدورية، وهي المناصب التي لا تزال تشغلها حتى الآن. ليبدو الأمر كما لو كانت دورية شؤون الأقليات المسلمة هي أعمال حصرية على عائلة عابدين.
شغلت هُما منصب نائب رئيس التحرير في الفترة بين 1996-2008. أما أخوها حسن (45 عاماً) فهو محرر لمراجعات الكتب بنفس الدورية، فضلاً عن عمله باحثاً في مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية، الذي يتولى فيه نصيف منصب رئيس مجلس الأمناء. كما تعمل هبة (26 عاماً)، أخت هُما، أيضاً نائبة لرئيس التحرير.
نيوزويك تسلِّط الضوء على ماضي عابدين
وفضلاً عن صحيفة نيويورك بوست ومجلة فانيتي فير، سلطت مجلة نيوزويك الأسبوعية الأميركية الضوء على الأمر ذاته في إحدى أعدادها الصادرة في شهر مايو/أيار 2016.
وذكرت المجلة الأسبوعية أن والدَي هُما قضيا مشوارهما المهني بالجامعات السعودية. إذ كانت صالحة عابدين أستاذة علم الاحتماع ونائب عميد إحدى كليات البنات في جدة.
أما والدها، فقد ساعد قبل رحيله في إنشاء دورية دولية تعمل على خدمة الأقليات المسلمة في البلاد غير المسلمة، والتي تسمى "دورية شؤون الأقليات المسلمة".
وأوضحت المجلة أن عابدين عملت بدوام جزئي في تلك الدورية خلال الفترة بين عامي 1998 و2009، إلى أن شغلت منصباً في وزارة الخارجية الأميركية.
ويرى الجناح اليميني أن هذا الأمر يعد دليلاً على تحقيق تلك المؤسسة نجاحاً بعد مرحلة ركود طويلة، فضلاً عن الحقيقة التي تقول إنها عملت في هيئة رابطة الطلاب المسلمين بجامعة جورج واشنطن، والتي عمل بها أنور العولقي، رجل الدين المرتبط بتنظيم القاعدة، وذلك بعد رحيلها عنها.
لكن قيادة الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي أسكتت بسرعة مزاعم عضوة الكونجرس ميشيل باكمان، التي قالت فيها إن عائلة عابدين تربطها علاقات مع الإخوان المسلمين.
لم تتناول عابدين كثيراً نشأتها في جدة، غير أنها تذكر أن أباها أرشدها لقراءة كثيرٍ من الروايات الإنجليزية وأنها شاهدت كريستيان آمانبور وقررت أن تصير صحفية.
يقول أحد الموظفين، والذي عمل عن كثب مع عابدين خلال الفترة التي قضتها بوزارة الخارجية، إنها لم تتحدث على الإطلاق عن رأيها في سياسات الشرق الأوسط أو الإسلام، غير أنها كانت بين الحين والآخر تساعد في تنظيم احتفالات إجازات المسلمين داخل الوزارة.
حملة كلينتون تنفي
وحتى هذه اللحظة، نفت الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون الادعاءات التي تقول إن عابدين لعبت أي دور حقيقي في هيئة تحرير الدورية، مؤكدة أنها "لم تكن سوى رمزٍ وليست عضوة حقيقية في هيئة التحرير".
وقال نيك ميريل، المتحدث الرسمي باسم مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون "حسب علمي، فإن اسمها كان يوضع ضمن العناوين الصحفية خلال تلك الفترة، لكنها لم تلعب أي دور تحريري في تلك الدورية".
كما أضاف ميريل أنها كانت رمزاً فحسب، وأنها لم تعمل بدورية شؤون الأقليات المسلمة، التي تحمل آراءً أصولية مناهضة للحركات النسوية وداعمة للشريعة الإسلامية المتشددة التي تُنتقد لاضطهاد المرأة.
وكانت المعلومات الواردة بالدورية عن عابدين (40 عاماً) تقول إنها تحمل درجة علمية في الصحافة من جامعة جورج واشنطن، وتعطيها صفة "نائب رئيس التحرير خلال الفترة من 1996 وحتى عام 2008، وهو العام الذي أُزيل فيه اسمها من هيئة التحرير عندما بدأت في العمل مع هيلاري كلينتون بوزارة الخارجية.
ويصف الموقع الإلكتروني الحالي لدورية شؤون الأقليات المسلمة، ما تقوم به الدورية بالتالي:
"تعد دورية شؤون الأقليات المسلمة الدورية العلمية الوحيدة التي تعمل على دراسة أحوال الجاليات المسلمة بالمجتمعات غير المسلمة. وتوفر معلومات قيّمة عن تلك الجاليات لا يمكن الحصول عليها من أي مصدر آخر في مثل هذه الصورة الموثقة. كما فتحت آفاقاً جديدة في تخصصات دراسات الأقليات مستعينة بمقالات أصيلة تخاطب أحوال الأقليات من الناحية التاريخية والديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية.
تمتد اهتمامات أبحاثنا لتضم الأقليات غير المسلمة التي تعيش في المجتمعات المسلمة وأيضاً الحوار بين الأديان لنشر التفاهم بينها، فضلاً عن دراسة النساء في الأقليات المسلمة اللائي يواجهن تحديات ومصاعب خاصة بسبب تواجدهن وسط جاليات الأقليات ومحاولتهن الحفاظ على هوياتهن الإسلامية. واضطلعت الدورية بذلك الدور الريادي من خلال فحص القضايا النظرية والفكرية التي تعرف وتشرح تجارب الأقليات".