بعد فشل الساسة في جلب مساعدات الخليج.. هل يقبل الأردن العرض الإيراني ؟!
أمل غباين - اثار العرض الذي قدمه السفير الايراني في عمان عبر شاشة جوسات حول امكانية تزويد الأردن بالنفط على مدار 30 عاما مجانا مقابل فتح المجال للتبادل التجاري والسياحة الدينية بين البلدين تباينات في الرأي العام.
وفي ظل الوضع الاقتصادي الراهن للمملكة يأتي هذا العرض وسط صمت خليجي ازاء النداءات التي اطلقتها الحكومة لتلك الدول، ليتم طرح المسألة عبر شاشة فضائية محلية وليس من خلال القنوات الرسمية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، أما آن الأوان لأن تعدّد الدولة من خياراتها بعد أن ثبت عدم إمكانيّة حلّ الأزمة الداخليّة دون النجاح في السياسة الخارجيّة ؟ وأن السياسة الخارجية التي كان يتبعها الأردن فشلت في تأمين المساعدات ؟!
لقد تراجع الأردن الرسمي في دوره المحوري الذي سبق وأن كان يلعبه، وتخلى عن كافة أوراق الضغط التي كان من الممكن ان تحقق له المكاسب السياسية والاقتصادية.. وفي هذا الوقت الذي تفاقمت فيه الأزمة الاقتصاديّة حتى باتت تنذر بانفجار الأوضاع، في ظل تخلي دول الخليج عن دعم ومساعدة الأردن، يأتي هذا العرض السخيّ من الجمهوريّة الإيرانيّة.. فكيف سيستفيد منه صنّاع القرار ؟!
jo24 استطلعت آراء اقتصاديين ومحللين سياسيين حول هذا العرض، وامكانية تطبيقه على ارض الواقع، فكانت توصيفاتهم على النحو التالي:
رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي د.جواد العناني يعتقد ان هذا العرض يقوم على دافعين الاول ينطلق من الواقع الذي تعيشه المملكة حاليا في ظل ازمة نفطية إضافة الى الشكوى الاردنية بأكثر من مناسبة حيال تأخر استلام المساعدات من الدول النفطية، فظهرت ايران حسب وجه نظر العناني لتبين انها استجابت لحاجات الأردن.
أما عن الدافع الثاني، يقول العناني، ان ايران تسعى للحيلولة دون الضغط على الاردن من دول غربية للهجوم على سورية، رغم ان موقف المملكة واضح حيال هذه المسألة.
وعن منطقية الطرح يشير العناني الى ان ايران تمتلك نفطا خاما يكفي لتقديم "هدية" للاردن، لكنه يضيف ان استمرايته امر غاية في الصعوبة كون الحاجة للنفط تتضاعف سنة تلو اخرى.
ويرى العناني ان ربط تقديم تلك المنحة طويلة الأمد بفتح باب التبادل التجاري امر جيد ومقبول، الا انه يبدى تخوفه من ربطه ايضا بفتح مجال السياحة الدينية بقوله: "من حيث المبدأ نرحب باي سائح وزائر بعيدا عن العمل السياسي.. الحجاج الذين يريدون زيارة بعض الاماكن الدينية اهلا بهم لكننا نرفض ان تكون مثل هذه الزيارات مصدر تهديد أمني أو سياسي للمملكة".
عبد الرزاق بني هاني يعتقد من وجهة نظره ان هذا العرض من المستحيل تطبيقه على ارض الواقع نظرا لما تعانيه ايران من حصار اقتصادي خانق طال معظم القطاعات الانتاجية على رأسها النفط.
ويضيف أن الانتاج في ايران هبط الى مستويات خطيرة جدا كما وأن انخفاض سعر وحدة العملة المحلية فيها يعني أن التضخم يأكل القوى الشرائية لمداخيل المواطن الايراني.
ويرى بني هاني أن ايران تحاول جاهدة فك الحصار الذي فرضته الولايات المتحدة الامريكية وتسعى لتوسيع دائرة حلفائها. كما قال ان إيران تسعى عبر هذا العرض إلى إحراج الاردن ودول الخليج على حد سواء.
وحول مدة العرض (30 عاما) يقول بني هاني انه غير مضمون على الاطلاق ان كانت نية ايران صحيحة، باعتبار ان اية دولة في العالم لا تضمن بقاء سياستها على مدار تلك الاعوام.
وسياسيا يعتقد بني هاني ان ايران تحاول تسييس السياحة الدينية والحصول على بعض النفوذ في الاردن. أما من ناحية اقتصادية، يقول بني هاني، أن الاردن يمكن ان يقبل هذا العرض دون تردد لكن عليه معرفة الاهداف السياسية ودراستها بعناية، خاتما " لا يوجد غذاء مجاني في هذا العالم".
الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي يقول من ناحيته أن امكانية تطبيق هذا العرض غير واقعية، نظرا لتباين العلاقة السياسية بين البلدين.
ويشير الدرعاوي الى المحاولات السابقة لايران لتعميق السياحة بين الجانبين متناولا الاتفاقية التي لم تكتمل في عام 2002 بهذا الخصوص بسبب تخوف الجانب الاردني.
ويؤكد الدرعاوي ان التخوفات السياسية من الجانب الاردني لن تمكنه من قبول هذا العرض خاتما" لا يخفى على احد سعي ايران إلى اختراق المنطقة".
أما الكاتب والمحلل السياسي ماهر ابو طير فيرى ان مثل هذا العرض يحمل مبالغة كبيرة لاسباب فنية خصوصا ان ايران غير قادرة على ايصال النفط الى الاردن الا بوسائل بحرية، أما بريا فلن يتم هذا الامر عبر العراق.
ويشدد على ان عرض السفير الايراني مجرد كلام سياسي لا علاقة له بالاقتصاد خصوصا وأن ايران تعاني من مصاعب اقتصادية كبيرة جراء الحصار المفروض عليها.
ويتابع انه لا يمكن لأية دولة في العالم أن تتبرع بالنفط لمدة 30 عاما وبالمجان، مشيرا الى ان توقيت التصريح مدروس بعناية ويهدف لمحاولة توسعة المعسكر السوري الايراني، مؤكدا أن الأردن غير قادر على التعامل مع هذا العرض.
د. هشام غصيب قال من ناحيته:"إن ما يهدد الأمة العربية الكيان الصهيوني في المقام الأول ومن ناحية ثانية الإرهاب الوهابي ويجب على الأردن تحصين نفسه منهما".
ويضيف غصيب أن الكيان الصهيوني والانصياع الكامل لصندوق النقد الدولي والفساد هما ما يضعف الاردن، مؤكدا ان ايران لا تشكل تهديدا وانها موضوعيا حليف استراتيجي.
ويتابع ان دعم ايران لحزب الله وحماس ردع للكيان الصهيوني، وهذه خدمة كبيرة للشعب الفلسطيني وللأمة العربية، كما انه شكل عاملا ايجابيا في مواجه الكيان والارهاب الوهابي –حسب قوله-.
وينوه غصيب إلى أن ايران تدرك بأنها مهددة من قبل الكيان الصهيوني، وهذا العرض جاء في سياق الدفاع عن نفسها وطموحها في تعميق نوذج اسلامي محدد.
ويؤكد ان مصالح الاردن تلتقي مع المصالح الايرانية مشيرا الى ان وضعنا الاقتصادي "المربك" يدفعنا للموافقة على مثل هذا العرض.
وبين غصيب أن الأردن "لن يجرؤ" على قبول هذا العرض الايراني، "بسبب الطغيان الصهيوني والغربي والسعودي".
وعن مدى جدية العرض قال ان الإيرانيين لا يطلقون مثل هذا العرض الا بعد ان يكونوا قد درسوه بعناية ولا يطلقون مثل هذه التصريحات جزافا.
ولا يجد غصيب خطرا من السياحة الدينية معتبرا أن العرض ايجابي وذو فائدة طويلة الأمد على المملكة.
ويعتقد د.منير حمارنة ان المملكة يجب ان تتوقف عند هذا العرض مطولا وتتعامل معه بجدية للتوصل فيما ان كان الطرح حقيقيا اولا، وان كان مرتبطا بأية قضايا اخرى ثانيا.
ومبدئيا يجد حمارنة ان العرض ايجابي جدا في هذه المرحلة على وجه التحديد.