تفاصيل اجتماعات اللجنة العليا الاردنية المصرية
عقدت اللجنة العليا الاردنية المصرية المشتركة اعمال دورتها السادسة والعشرين في القاهرة اليوم الاربعاء، برئاسة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي عن الجانب الاردني ورئيس مجلس الوزراء المهندس شريف اسماعيل عن الجانب المصري.
واكد رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي عمق العلاقات الاردنية المصرية وتميزها في المجالات كافة، لافتا الى حرص الحكومة على الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي المشترك الى مجالات اوسع.
ولفت رئيس الوزراء الى الاهمية التي يوليها الاردن للعلاقة مع مصر، مشيدا بدورها ومكانتها التاريخية في الامة العربية والاسلامية ودورها الاقليمي في الحفاظ على الامن والاستقرار، مؤكدا على العلاقات العميقة بين الشعبين الشقيقين وبين جلالة الملك عبدالله الثاني واخيه الرئيس عبدالفتاح السيسي واهمية ان تنعكس هذه العلاقة المتميزة بين قائدي البلدين الى قرارات واجراءات عملية تنعكس اثارها ايجابا على الشعبين الشقيقين.
واعرب رئيس الوزراء الدكتور الملقي ونظيره المصري عن ارتياحهما للمستوى الذي وصلت اليه العلاقات بين البلدين الشقيقين، مشيدين بالنتائج التي توصلت اليها اجتماعات اللجنة المشتركة.
ونقل رئيس الوزراء تحيّات جلالة الملك عبدالله الثاني إلى مصر الحبيبة، وإلى شعبها الشقيق، وإلى قيادتها الحكيمة ممثّلة بالرئيس عبد الفتّاح السيسي.
وقال "لمن دواعي الاعتزاز أن نلتقي في اجتماعات اللجنة العُليا الأردنيّة – المصريّة المشتركة، لنناقش معاً سبل تعزيز التعاون الثنائي بين بلدينا الشقيقين، التي تستند إلى الوشائج التاريخيّة بين شعبينا الشقيقين، وإلى العلاقة الوثيقة التي تجمع جلالة الملك عبدالله الثاني بأخيه الرئيس عبدالفتّاح السيسي"، مؤكدا أنّ لقاء الزعيمين الكبيرين الأسبوع الماضي، وتأكيدهما "وجوب إنجاز جميع المواضيع المتفق عليها بين حكومتيّ البلدين خلال السنوات الماضية، والانتقال إلى مرحلة تؤسّس لآفاق أكثر تميزاً في مستوى العلاقة الاستراتيجيّة"، يشكّل حافزاً لنا لتحقيق الرؤى الطموحة حول مستقبل العلاقات الثنائيّة، لتسهم في تحقيق نقلة نوعية على مستوى التعاون، نجسّدها من خلال تفعيل مجموعة من الاتفاقيات الثنائية الهامة كما أراد لذلك جلالة الملك وأخيه الرئيس.
ولفت الملقي الى اللقاء الذي جمعه برئيس الوزراء المصري على هامش مؤتمر القمّة العربيّة في نواكشوط قبل بضعة أسابيع، والاتفاق على تبادل الزيارات على المستوى الوزاري، مشيرا الى انه تم وضع مجموعة من الاتفاقات وَالتَفاهُمات بما يمهد إلى مزيد من التبادل التجاري، والخدمي، والاستثماري، وإلى تسهيل تجارة الترانزيت، والسياحة، وتنظيم ملفّ العمالة على أسس واضحة تصون حقوق العامل المصري، وتراعي توجّهات الحكومة بتنظيم سوق العمل الأردني.
وقال ان اللقاءات التي أجريناها في عمّان مع الوفد الوزاري المصري الشقيق مطلع الشهر الحالي مثمرة للغاية، تمكّنا خلالها من حلّ قضايا ثنائيّة يعود بعضها إلى عام 2002م، ورسمنا خطوطاً عريضة لتذليل بعض المعيقات التي تعترض طريق التعاون الثنائي بيننا في شتّى المجالات، خصوصاً ما يتعلّق منها بقضايا الاستيراد والتصدير، واعتماد المنتجات، والرسوم الجمركيّة والتنقّل بين البلدين، والحركة عبر المعابر، والعمالة، والعديد من القضايا التي تهمّ مستقبل التعاون الاقتصادي، وتنعكس إيجاباً على مصالحنا المشتركة.
واضاف "ها نحن اليوم نأتيكم لنجسّد هذه التفاهمات بصورة قرارات وسياسات على أرض الواقع، لنزيد من متانة العلاقة الثنائيّة وعُمقِها، لتقوم على العمل المؤسسي الواضح والممنهج، الذي يضمن لها تجاوز العقبات، ويمنحها فرصة الديمومة والاستمرار، بما يخدم مصالحنا المشتركة".
واكد ان ما بين البلدين من تفاهمات ليست مجرد مصالح متبادلة، بل هي علاقات استراتيجية متينة، تضرب جذورها في أعماق التاريخ، وتصبّ في وحدة المصير والهدف، إذ تربط بيننا جَوامِعُ مشتركة كالثقافة، واللغة، والحضارة، والدين والعادات والتاريخ والمستقبل الواحد.
كما اكد رئيس الوزراء انه في ظلّ ما يعتري إقليمنا العربي من فوضى وأحداث مؤسفة طال أمدُها، فالحاجة اليوم تبدو ماسّةً أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى التعاضد والترابط وتمتين العلاقات لنقف صفّاً واحداً قويّاً في وجه التحدّيات التي تسود عالمنا العربي، ولنكون سدّاً منيعاً ضدّ أصحاب الفكر الظلامي، خوارج هذا العصر، الذين يسيئون إلى جميع معتقداتنا الدينيّة وقيمنا الإنسانيّة، ويحاولون تبديد فرصنا في تحقيق التنمية، ومنعنا من أن نكون جزءاً أساسياً في هذا العالم، كما كنّا على مرّ العصور، نسهم بفاعلية في بناء حضارته الإنسانيّة.
واكد الملقي أننا ورثة دين سَمْحٍ يقبل الآخر، ويدعو إلى الوسطية والاعتدال، ويدافع عن الضعيف، ويحارب البُغاة والمستبدّين، ويناصر أصحاب الحقوق من عامّة الناس،" لذا نحن شركاء في إبراز وَجْه الإسلام السمح الذي حاول أن يشوّهه الظلاميّون ليجعلوا عباد الرحمن الساعين في الأرض فرائس للمتطرّفين".
وشدد رئيس الوزراء على ان الأردنّ يؤمن إيماناً مطلقاً بأنّ الحرب على الإرهاب تتطلّب منهجاً شموليّاً وجهداً تشاركيّاً، وهي حربنا كمسلمين في المقام الأوّل، إذ لابدّ لنا من مجابهة الأفكار الظلاميّة التي تسيء إلى الإسلام وقيمه السمحة، وإبراز القيم الصحيحة التي تقوم على التسامح والتعايش وقبول الآخر، علماً بأنّ الرؤية الأردنيّة للحرب على الإرهاب تستند إلى ثلاث جبهات أساسيّة: عسكريّة، وأمنيّة، وأيديولوجيّة فكريّة، وهي رؤية تتطلّب جهداً مضاعفاً وتشاركيّاً لإنجاحها.
ولفت الى انه وفي ظل حجم التحدّيات السياسيّة التي تواجهنا بشكل مباشر، فأجندتنا السياسيّة زاخرة بالأحداث، والمواقف الأردنيّة – المصريّة حول مجمل القضايا تتشابه، بل تتطابق إلى حدٍّ كبير، من قبيل وحدة المصلحة والمصير والذود عن الذات ومصالح الأمّة.
وقال ان الأردن ومصر الشقيقة يجهدان من أجل الوصول إلى حلول سياسيّة في مناطق الصراع والحرب في سوريا، واليمن وليبيا، بغية تحقيق الهدف الأسمى، ألا وهو إشاعة الأمن والاستقرار، والحفاظ على وحدة الدول وكرامة شعوبها، وإيقاف نزف الدماء وهجرة اللاجئين، ومنع ضياع الأجيال الصاعدة من الأطفال والشباب.
واشار الى حجم الأعباء الأمنيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة التي تحمّلها الأردن جرّاء استقباله لنحو مليون وثلاثمئة ألف لاجئ سوري يشكلون نحو 20 بالمئة من سكّان المملكة، مؤكدا ان هذا العدد الهائل شكل ضغطاً كبيراً على قطاعات التعليم والصحّة والطاقة والخدمات، حيث تضمّ المدارس الحكوميّة في الأردن نحو مائة وخمسين ألف طالب سوري، كما استقبلت المستشفيات الحكوميّة مئات الآلاف من اللاجئين، وقدّمت لهم كامل أنواع الرعاية الصحيّة التي يحتاجونها. وقال رئيس الوزراء "العالم مطالب بالمساهمة في حلّ هذه الأزمة، وجميع أزمات المنطقة، بالإضافة إلى دعم الدول المستضيفة للاجئين بموجب القانون الدولي الإنساني كونها تتحمّل العبء نيابة عن العالم أجمع".
واضاف "في إطارٍ موازٍ، تُعدُّ القضيّةُ الفلسطينيّةُ محطّ اهتمامنا ومحور نقاشنا الدائم، فكلانا نؤمن بأنّها القضيّة الجوهريّة المصيريّة التي ترتبط بها جميع القضايا الأخرى، وأنّ حلّها العادل والشامل من شأنه أن يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، بل وفي العالم أجمع".
وفيما يتعلق بسبل تعزيز العمل العربي المشترك الذي يتعذر من دونه مواجهة التحديات في المنطقة العربية، اكد الملقي انه لا بدّ من تسخير جانب واسع من الجهود السياسيّة والدبلوماسيّة لكلا البلدين الشقيقين في سبيل تعزيز العمل العربيّ المشترك، وإحداث نقلة نوعية في أداء المؤسّسات العربيّة، لبناء ثقل عربيّ إقليميّ يعزّز مستقبل الأمّة ويحقق مصالحها المشتركة، ويسهم في ترسيخ الأمن الإقليمي والدولي وحفظ الأمن والسلم الدوليين.
واكد إننا أحوج ما نكون إلى تضافر الجهود من أجل المساهمة في بناء بلدينا على أساس تعظيم المكاسب المشتركة للجانبين لتحقيق التنمية المستدامة، وهو الامتحان الذي يقاس به الإنجاز مثلما اكد قناعة الأردن بالعمل مع مصر الشقيقة كفريق واحد، نبني علاقتنا على أسس متينة من الثقة المتبادلة، والمصلحة المشتركة والغاية الواحدة، ونجسّد ذلك عبر تعزيز التجارة والاستثمار المتبادل، والانسياب الكامل لعناصر الإنتاج، وتطوير خدماتنا العابرة للحدود، وأن يكون كل منا منفذاً للآخر والى دول ومناطق أخرى، دون معيقات أو إجراءات معقّدة.
ولفت الملقي الى ان اتفاقية التجارة الحرّة التي تجمعنا، والتي نحتكم فيها إلى علاقاتنا الوطيدة التي بنيناها على مرّ الزمن، جاءت ليتم حل أيّ اجتهاد أو خلاف في وجهات النظر بالسرعة الممكنة وبروح الأخوّة والمحبّة التي تغلّفت بها وتعمقت من خلالها علاقتنا على الدوام.
واعرب رئيس الوزراء عن تقديره للتجاوب الذي ابداه اعضاء الفريق الوزاري في التعامل مع القضايا بين البلدين، متقدما بالشكر لرئيس الوزراء المصري على منح السفن القادمة والمغادرة إلى ميناء العقبة عبر قناة السويس حاويات/ كارجو وحبوب ترتيبا خاصا على رسوم العبور، واستكمال تسجيل المصانع الأردنيّة المؤهلة للتصدير إلى مصر لدى الهيئة العامّة للرقابة على الصادرات والواردات، وإعفاء منتجات سلطة منطقة العقبة الاقتصاديّة الخاصة من الرسوم الجمركيّة بموجب اتفاقيّة تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية كونها منطقة اقتصادية خاصّة وليست منطقة حرّة.
كما اعرب عن الشكر أيضاً على انفتاح الجانب المصري للوصول الى تفاهمات تخدم البلدين الشقيقين في مجالات النقل والزراعة والدواء، والتي تُوِّجت باتفاق الطرفين على توقيع بروتوكولات مشتركة في مجال تسهيل النقل بين البلدين ومن خلالهما وتنشيط التبادل التجاري للمنتجات الزراعية، والتعاون في مجالي الصحة والدواء لوضع قواعد مشتركة ودائمة للتعاون وإزالة المعيقات التي تواجه ملف التجارة في الدواء بين البلدين.
هذا بالإضافة إلى التوصّل لتفاهمات مشتركة بخصوص سياسة التسعير لمنتجات الفوسفات، وبحث جميع مجالات التعاون المتعلقة في المواصفات والمقاييس، وحماية الإنتاج الوطني، والاستثمار والمناطق الحرة، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، والجمارك، والطاقة والثروة المعدنية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والنقل، والسياحة والآثار، والاعلام، والتربية والتعليم العالي، والتعاون الأمني والقنصلي، والأوقاف والشؤون الدينيّة، والبيئية، والتنمية الاجتماعية، وتطوير القطاع العام وغيرها. وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على الإرادة السياسيّة لدى الجانبين لدفع العلاقات نحو آفاق أرحب خدمة للمصالح المشتركة لبلدينا الشقيقين.
واكد رئيس الوزراء على قناعة الأردنّ الاستراتيجيّة بدور مصر الإقليمي وريادتها، وهو ما انبرى الأردنّ للحديث عنه في كلّ المنابر العالميّة، مثلما اكد أنّ علاقتنا الثنائيّة أنموذجٌ حقيقيٌّ لما يجب أن يكون عليه العمل العربي المشترك، كيف لا وهذه اللجنة العُليا أقدم لجنة عمل عربي مشترك على الإطلاق؟.
من جهته اكد رئيس مجلس الوزراء المصري الحرص على الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي بين البلدين ليصل الى حجم العلاقات السياسية المتميزة بين البلدين الشقيقين.
واعرب رئيس الوزراء المصري عن شكره وتقديره لجلالة الملك عبدالله الثاني والحكومة الاردنية على الاهتمام بأوضاع العمالة المصرية في الاردن واعطائها المجال لتصويب اوضاع المخالفين.
واكد التزام الحكومة المصرية بكل ما تم توقيعه بين البلدين من اتفاقيات ومذكرات تفاهم "وسيتم ترجمتها على ارض الواقع وتحويلها الى واقع ملموس".
وبحضور رئيسي الوزراء وقع البلدان ثلاث عشرة اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامجا تنفيذيا للتعاون بين البلدين الشقيقين كما وقع رئيسا الوزراء في البلدين محضر اجتماعات الدورة السادسة والعشرين للجنة العليا المصرية الاردنية المشتركة.
وشملت الاتفاقيات التي وقعها الجانبان مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الدواء وبرنامجا تنفيذيا للتعاون في مجال السياحة للأعوام 2016- 2018 وبرنامج تعاون مشترك بين وكالة الانباء الاردنية (بترا) ووكالة انباء الشرق الاوسط "ا ش ا" وبرنامجا تنفيذيا للتعاون الثقافي للأعوام 2017 – 2019 وبرتوكول تعاون فني في مجالات الجيولوجيا والتعدين واتفاق تعاون في مجال النقل البحري.
وشملت ايضا برنامجا تنفيذيا للتعاون الفني في مجال التدريب المهني لعامي 2017 – 2018 ومذكرة تفاهم للتعاون وتبادل الخبرات في مجالات تطوير الادارة العامة وملحق البرنامج التنفيذي السادس في مجال القوى العاملة لعامي 2017 – 2018 ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال التامين والتضامن الاجتماعي وبرنامجا تنفيذيا للتعاون في مجال الشؤون الاسلامية.
كما شملت برنامجا تنفيذيا مقترحا لاتفاقية التعاون العلمي والفني في مجال التخطيط لعامي 2017 – 2018 والبرنامج التنفيذي للتعاون في مجال الشباب للأعوام 2017 – 2019.