كان يا ما كان.. الاسلام هو الحل
جو 24 :
محرر الشؤون الانتخابية- منذ عودة الحياة الديمقراطية الى الاردن، أو لنقل: منذ بدء مرحلة "الانفتاح السياسي"، في العام 1989، كانت القوّة السياسيّة الأكثر تنظيما "جماعة الاخوان المسلمين"، تطرح شعارها الراديكالي، متمسّكة بأنّ "الإسلام هو الحلّ".
ومنذ ثمانينيات القرن الماضي، و"الاخوان" هم "الحلقة الأقوى" في المعادلة السياسيّة الأردنية، طبعا أيّ متابع لتاريخ الأردن يمكنه الإجابة على سؤال "ليش؟"، ويمكنه اقتضاب إجابته بعبارات من قبيل:
"فشل مشروع عبد الناصر"..
"هزيمة العام 1967"..
"ثورة الخوميني"..
"انهيار الاتحاد السوفياتي"..
وأخيرا والأهمّ: "محاربة وقمع الدولة لأية جهة سياسيّة ما عدا "الاخوان".
المهمّ، بات الاخوان المسلمون همّ الجهة التنظيميّة الأكثر فعاليّة وتأثيراً في المجتمع الأردني، وهذا ما عكسته نتائج الانتخابات النيابية في ذلك العام، وهذا أيضاً ما دفع القوى الخارجيّة إلى فرض قانون الصوت الواحد على الاردن في العام 1991، بهدف صياغة برلمان خال من أغلبية الاخوان، الذين ما كانوا سيمررون اتفاقية وادي عربة في العام 1994، انسجاماً مع مبادئهم العقائديّة.
ورغم كلّ التقلّبات والتناقضات السياسيّة، بقيت الحركة الاسلاميّة في الأردن متمسّكة بشعارها "الثوري" المتمرّد على كافّة النظم العلمانيّة والحديثة واللادينيّة، مردّدة في كلّ سجال، بأن "الإسلام هو الحل".
وكان هذا الشعار هو الأبرز، وربّما الوحيد، في كل صولة وجولة انتخابية تخوضها الحركة الاسلامية لتمثيل الشعب في البرلمان.
اليوم اختلف المشهد.. القوى الخارجيّة "إيّاها" قرّرت في ظلّ الأحداث التي تشهدها المنطقة، بأن مصلحة الأردن تستوجب صياغة قانون انتخاب ديمقراطي، بعيدا عن معادلة الصوت الواحد.
تيارات واتّجاهات سياسيّة متنوّعة، طرحت أسماء مرشّحيها للبرلمان المرتقب، ومن ضمنها الحركة الاسلاميّة، التي طرحت ذاتها ضمن قائمة "الاصلاح". واللافت غياب شعار "الاسلام هو الحل"، عن طرح القائمة!!
غريب كيف بات "الاصلاح" هو الحل بعد أن كان الحل يتمثل بمنظومة عقائدية متكاملة، هي الاسلام!!
أيّة براغماتيّة دفعت بالاخوان إلى استبدال شعارهم على هذا النحو؟ حتّى ميكافيلّي لم يكن ليجرؤ على كشف ذاته على هذا النحو!!
ترى، هل للتطوّرات الإقليميّة والدوليّة الراهنة، والتي تحاول -عبثا- ربط الاسلام بالارهاب، لدوافع استعمارية بحتة، هي ما أثارت مخاوف الاسلاميين، وحملتهم على استبدال الاصلاح بالاسلام؟!!
أم تراها مغازلة لساسة للقارة العجوز وسفارة اليانكيز بهدف تجميل صورة الحركة الاسلامية، وفقا للمعايير الغربية، طمعا بتغيير قانون الانتخاب في المستقبل، وفرض معادلة القوائم المغلقة، التي لا تحقق سوى مصلحة الاسلاميين؟
غريب كيف يتحول الراديكالي المتمسك بمبادئه العقائدية -المستمدة من شرع الله- إلى براغماتي يتوسل مقعدا في مجلس نيابي.. ترى، هل أمست النيابة أولوية تتقدم نهج حسن البنا وسيد قطب؟
في النهاية "ذاب الثلج وبان ما تحته".. الحركة الاسلامية التي طالما تغنت بأن "الاسلام هو الحل"، استبدلت شعارها بالاصلاح (طبعا دون ترجمة هذا المفهوم) ليتبين أنها محض حركة سياسية، كأي حركة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، غير أنّ كوادرها يتحدثون بالدين كثيرا...