غيوم في سماء المملكة العربية السعودية - 6
د. حسين عمر توقه
جو 24 :
7: الصواريخ الإسرائيلية :-
في شهر أيلول عام 1979 تم إيقاظ الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بعد منتصف الليل وتم إبلاغه بأن إسرائيل قد قامت بالتعاون مع جنوب إفريقيا بإجراء تجربتها النووية الأولى بكل نجاح في جنوب المحيط الأطلسي.
واليوم وبعد مرور 37 عاما أصبحت إسرائيل تضم في ترسانتها النووية أكثر من 250 رأسا نوويا بالإضافة إلى أحدث الطائرات والتي كان آخرها بتاريخ 22/6/2016 حيث تسلمت إسرائيل 73 مقاتلة من نوع "إف35" الأمريكية وهي أحدث طائرة أمريكية مطورة تستطيع الإختفاء عن شاشات الرادار المتقدمة وقادرة على حمل الأسلحة الذكية. بالإضافة إلى الصواريخ التي تستطيع إيصال الرؤوس النووية إلى حدود تتجاوز الحدود العربية.
وقبل تناول أنواع الصواريخ في ترسانة إسرائيل لا بد لنا وأن نمر سريعا بتاريخ وبدايات التصنيع الحربي في إسرائيل
في تعريف الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم كاظم للتكنولوجيا بأنها الوسائل الديناميكية المتطورة لتحقيق الأهداف والغايات سواء كان ذلك بآلات وأدوات بسيطة أومتطورة أو بطرق أو مجموعة من الطرق أو الوصفات والمعارف التي يفترض فيها القدرة على حل مشكلات الإنسان المعقدة المتداخلة غير المنطقية أحيانا والتي تشكل الإطار الحياتي الطبيعي للإنسان.
أما الأستاذ أسامة الخولي فإنه يعرف التكنولوجيا بأنها مجموعة المعارف والخبرات المكتسبة التي تحقق إنتاج سلعة أو تقديم خدمة ما في إطار نظام إجتماعي إقتصادي معين بطلب إجتماعي يحدد أنواع هذه السلع والخدمات.
وهناك عدد من التعريفات جاءت في بحث تحت عنوان "العرب وتكنولوجيا العصر" تتضمن ما يلي:
أ: إن التكنولوجيا هي معرفة الوسيلة في حين أن العلم هو معرفة العلة
ب: التكنولوجيا هو التطبيق العملي للإكتشافات العلمية والإختراعات المختلفة التي يتمخض عنها البحث العلمي.
ج: التكنولوجيا هي مجموعة المعارف والخبرات المتراكمة والمتاحة والأدوات والوسائل المادية والتنظيمية والإدارية التي يستخدمها الإنسان في أداء عمل أو وظيفة ما في مجال حياته اليومية لإشباع الحاجات المادية والمعنوية سواء على مستوى الفرد أو المجتمع.
كما يعرف الأستاذ حسن بوصفارة التكنولوجيا بأنها دراسة :-
1: مجموعة المعارف والمهارات اللازمة لتصنيع منتج معين وإقامة الآلية الملائمة لإنتاجه
2: والوسائل التي صنعها الإنسان طبقا لطرق علمية وإعتمادا على معارفه وخبراته ومهاراته وسخرها لخدمته.
من كل ما تقدم فإن التكنولوجيا تشكل أربعة عناصر متشابكة متكاملة هي الأدوات وطرق العمل والعلم وقدرة الإبتكار أي أن مفهوم التكنولوجيا يتضمن الآلة "الجانب المادي" وأسلوب استخدامها "الجانب الإستخدامي" والمعرفة "الجانب العلمي" والمهارة "الجانب الإبتكاري".
ولو عدنا إلى مقررات مؤتمر القمة العربي الحادي عشر والذي تم عقده في عمان المملكة الأردنية الهاشمية عام 1980 فلقد تضمنت وثيقة إستراتيجية العمل الإقتصادي العربي المشترك حيث نصت في أولويتها الثالثة على إكتساب القدرة التكنولوجية وتوطين التكنولوجيا الملائمة بدعم الفعالية القومية والقطرية في هذا المجال وجعلها متطورة ومتمشية مع معطيات إحتياجات المجتمع العربي وأهدافه الإستراتيجية وفي مقدمتها الأمن القومي بشتى جوانبه والتصنيع الأساسي.
ولا ننسى في هذا المجال القرار الذي تم إتخاذه من قبل الدول العربية عام 1975 من أجل تأسيس الهيئة العربية للتصنيع الحربي.
ولا بد لنا هنا من الإشارة إلى أن هناك ثلاثة مستويات للكفاءة في التعامل مع التكنولوجيا المتقدمة
1: المستوى الأدنى والذي يكون التركيز فيه على الدراية بهذه التكنولوجيا ومتابعة تطوراتها وتطبيقاتها وتعريف الإحتياجات الوطنية وأولوياتها واكتساب القدرة على التمحيص والإنتقاء والتفاوض والإستغلال لها في إطار القرار الوطني.
2: المستوى الأوسط والذي نضيف فيه إلى ما سبق القدرة على تطويع هذه التكنولوجيا وربما الإبتكار فيها دون إكتمال متطلبات أستغلال هذا الإبتكار إستغلالا إقتصاديا.
3: المستوى الأعلى والذي تتوفر فيه أيضا القدرة على التصميم وتصنيع المعدات وتسويقها والدخول في حلبة المنافسة الدولية في هذا المجال.
ولو حاولنا تصنيف الدول العربية ضمن هذه المستويات الثلاثة لوجدنا أن الدول العربية تقع ضمن المستوى الأدنى من حيث الكفاءة في تصنيع التكنولوجيا الحربية المتقدمة بينما تقع إسرائيل ضمن المستوى الأعلى.
يبدو أن الدولة الوحيدة التي تبنت القرارات العربية وطبقتها في مجال التكنولوجيا والتصنيع الحربي كانت إسرائيل ونعود بالذاكرة إلى عام 1924 حيث تم إفتتاح مركز إسرائيل للتكنولوجيا في حيفا كما تم تدشين الجامعة العبرية في القدس 1925 أي إبان الإنتداب البريطاني لفلسطين.
ونحن في بحثنا هنا سوف نركز على تطوير السلاح النووي الإسرائيلي والصواريخ الإسرائيلية علما بان إسرائيل لديها العديد من الصناعات التقليدية بدءا بصناعة الدبابات والتي بدأت فعلا بتطوير الدبابات الأمريكية من نوع شيرمان بحيث تم تركيب مدفع بمنظار تلسكوبي لتحديد الهدف كما تم استبدال محركات كونتننتال القديمة بمحركات من نوع "كمنز "بالإضافة إلى تركيب مدفع عيار 105 ملم. كما تم تطوير وتحديث ألف دبابة من طراز سنشوريون بحيث تم استبدال محركاتها بمحركات جديدة من نوع "تيلدين كونتننتال" ونظام تغيير أوتوماتيكي من نوع "أليسون". وفي عام 1976 بدأ الإنتاج الفعلي لأول دبابة إسرائيلية هي دبابة "ميركافا 1" وتبعتها بتصنيع ميركافا 2 وميركافا 3. كما تم تصنيع نوعين من ناقلات الجنود المصفحة بالإضافة إلى تطوير ناقلات الجنود السوفياتية التي تم الإستيلاء عليها من الجيش المصري.
أما في مجال صناعة الطائرات فقد تم إنتاج طائرة الفوجامستير التدريبية وطائرة نسر وطائرة كفير سي1 وكفير سي 2 وطائرة وست وند وطائرات سي سكان وطائرة النقل عربا وطائرة لافي. بالإضافة إلى صناعة الزوارق البحرية من نوع LCT وزوارق من نوع رشيف ذات خاصية الإبحار لمسافات بعيدة والتزويد الذاتي بالوقود وزوارق دبور ودفورا وهو أصغر قارب حامل للصواريخ. كماعملت إسرائيل على تصنيع المدافع الخفيفة والثقيلة حيث تم تصنيع مدافع ثقيلة 155 ملم وإم 68 هاوتزر ومدافع هاوتزر إم 17 ومدفع إم 72 بالإضافة إلى مدافع مضادة للطائرات مثل مدافع بيكيت 81 ملم. بالإضافة إلى صناعة راجمات صواريخ من نوع 12 سل 240 ملم بي إم 24. بالإضافة إلى إنتاج نظام إطلاق صواريخ عيار 160 ملم يمكن تركيبها على الدبابات الإسرائيلية بحيث تحمل كل وحدة 24 حاضنة صاروخ.
كما أن الرشاش الخفيف من نوع "عوزي" قد بدأ إنتاجه عام 1949 حيث تم تصنيع الملايين من هذا الرشاش وتم بيعه في أكثر من ثلاثين دولة في العالم وتم استخدامه من قبل الحرس الأمريكي الخاص كما تم إقتباس رشاش إسرائيلي المعروف بإسم "جليل" من الرشاش السوفياتي AK-47 المعروف بإسم كلاشينكوف.
ولقد كانت صناعة قذائف المورتر من الصناعات المتقدمة في إسرائيل حيث قامت بتصنيع أربعة عيارات هي 60ملم و81 ملم و120 ملم و160 ملم. كا أن مركز الصناعة الحربية الإسرائيلي قد قام بتصنيع جميع أنواع الألغام المضادة للأفراد والدبابات كما قامت شركة بيتا الهندسية بإنتاج الأجهزة الإلكترونية ذات القدرة على كشف الألغام.
أما بالنسبة إلى عالم الإلكترونيات فقد قامت شركة إلتا للإلكترونيات بتصنيع جميع أنواع الرادارات المتنوعة والمتقدمة المحمولة يدويا والمحمولة جوا ورادارات أرضية وبحرية.
أما بالنسبة إلى قطاع الإتصالات فهو يعتبر من أكثر الصناعات الحربية تقدما وتطورا وتعتبر شركة تاديران من أكبر الشركات الإسرائيلية للصناعات الإلكترونية وخاصة في مجالات الإتصالات التكتيكية وكثير من أجهزة الإتصالات قد تم تصنيعها تحت ترخيص من الولايات المتحدة وهي تغطي الإتصالات لسلاح الجو والبحرية والإتصالات الأرضية والسلكية بالإضافة إلى إرسال المعلومات الرقمية وصناعة المقاسم والمضادات الإلكترونية وأجهزة التشويش الإلكتروني وأجهزة التنصت والإستطلاع.
كما أن إسرائيل متقدمة في صناعة أجهزة ضبط وتنظيم الرمي حيث أنتجت شركة رافائيل جهاز "ديفيد" وهو حاسب إلكتروني لبطارية مدفعية لغاية ستة مدافع يمكن أن تشاغل ثمانية وعشرين هدفا. وأنتجت شركة "إيلبيت" نظام القيادة والسيطرة البحري التكتيكي الذي يقوم بتزويد حسابات ملاحية ترتبط بأنظمة الحرب الإلكترونية وأجهزة إلإستشعار الإلكتروني ومعلومات رادارية وتربط ما بين الزوارق والقيادات الأرضية بواسطة نظام إتصالات وتسجيل معلومات تكتيكية.
كما أن شركة م.ب.ت أنتجت جهازا خاصا لتحديد الأهداف وهو جهاز ربط رماية يرتبط مع صاروخ جابرييل سطح/سطح كما أن هذا الجهاز يمكنه تحصيل ومتابعة عشرين هدفا وتم إنتاج نظام مشابه هو نظام دفورا/ جابرييل لضبط الرمي البحري حيث يمكن هذا النظام الزوارق الصغيرة من طراز دفورا من زيادة قوة وكثافة النيران لتساوي الزوارق الكبيرة.
أما في مجال الحرب الإلكترونية فلقد تم تطوير جهاز "إم إن 53" من قبل شركة "إيلبيت" لجمع المعلومات عن المشعات الإلكترونية. كما قامت شركة أميركان أيلكترونيكس لاباراتوريز بتصنيع أجهزة حرب إلكترونية بحرية وجوية وتم تزويد الطائرات المقاتلة والطائرات العمودية بأجهزة لكشف وتحليل المعلومات.
وفي مجال الأجهزة الكهروبصرية والرؤيا الليلية فلقد قامت شركة صناعة الطائرات الإسرائيلية بإنتاج أول جهاز إطلاق وملاحة "جهاز 141" والذي تم تصميمه لطائرة كفير. كما تم تطوير نظامين آخرين وهما نظام 80 ونظام 82 وقد تم استخدامهما في إطلاق القذائف الذكية كما قامت شركة رافاييل بإنتاج "جهاز ماهات" لإستعماله في طائرات الميراج والسكاي هوك لغايات القصف الدقيق جدا عن قرب. كما قامت شركة تامان بتصنيع جهاز تنظير جيروسكوبي يبطل الإضطرابات الناجمة عن الحركة والإهتزازات والتغيرات الجوية التي تؤثر على الصورة ودقة التخطيط في الطائرات الخفيفة والزوارق والدبابات. كما قامت شركة إيلوب بتطوير أجهزة الرؤيا الليلية من أجل زيادة حدة الصورة ووضوحها وهي تستخدم من قبل سائقي دبابات سنشوريون ومركافا وفي طائرات الهيلوكبتر.
وفي مجال التشبيه والمساعدات التدريبية فلقد قامت شركة رافاييل بإنتاج جهاز رافاييل التشبيهي لنظام الإطلاق العامل في سلاح الجو الإسرائيلي بحيث يتم تدريب الطيار الإسرائيلي على رماية جو/جو ورماية جو/أرض. وهناك جهاز تشبيهي مماثل "جهاز جابرييل" مختص بالتدريب على إطلاق صاروخ جابرييل من كافة الوضعيات إطلاق سطح/سطح أو سطح/جو. كما تنتج شركة إيلبيت مركز تدريبي تكتيكي يشمل على جهاز كمبيوتر على الشاطىء يمكن ضباط البحرية من التدريب على إتخاذ القرارات التكتيكية عن طريق استخدام المعلومات الرقمية بحيث يمكن توسيعه وتطويره حسب متطلبات التمرين. وهناك جهاز آخر طورته شركة إيلبيت وهو جهاز تدريب بحري ضد الغواصات.
من الجدير ذكره في هذه الدراسة العاجلة أن هناك الكثير من المشاريع والصناعات التي كانت قيد السرية لا سيما تلك الصناعات التي شاركت فيها إسرائيل الولايات المتحدة فالمعلومات عنها تكاد تكون معدومة ولكن هذا لا يمنعنا من ذكر أسمائها مثل نظام "نمرود" المضاد للدروع والموجه بأشعة الليزر ومشروع نظام "سمارت" الراداري لإدارة النيران ونظام "لاوز" لحماية السفن ضد الحرب الإلكترونية ونظام "أوفير" لتوجيه صواريخ جو/ أرض ومشروع إنتاج طائرة بدون طيار ولا يعلم أحد عدد هذه الطائرات في الترسانة العسكرية لإسرائيل.
كما أن هناك مصانع إسرائيلية تغطي كافة إحتياجات الجيش الإسرائيلي من ملابس وخوذ ونطاقات وحمالات وأحذية وبطانيات وكل المستلزمات الفردية.
الأقمار الصناعية الإسرائيلية :-
قبل الإنتقال إلى موضوع التسلح النووي في إسرائيل وصناعة الصواريخ الإسرائيلية المتقدمة وشبكات الدفاع الجوي والقبب الحديدية لا بد لنا من أن نستعرض صناعة الأقمار الصناعية وأهمية هذه الصناعة من النواحي التكنولوجية والتقدم الإستراتيجي وما تهيء هذه الصناعة من منح إسرائيل المراكز المتقدمة في التكنولوجيا العسكرية.
لقد شهد العالم في منتصف القرن الماضي سباقا جديدا يتعدى الحدود التي تعارفت عليها الجيوش طوال قرون خلت حيث انتقل الصراع الى الفضاء وبدأت الدول في إستغلاله عن طريق إطلاق أقمار صناعية تبعها إطلاق
مركبات إلى الفضاء في مدار حول الأرض وشهد العالم صراعا لا يرحم بين القطبين الأعظم في ذلك الوقت هو حرب النجوم وظهرت أنواع جديدة من الأقمار صاحبها تنافس مجنون على إنتاج أفضل الصواريخ لإطلاق هذه الأقمار الصناعية ذات الأنواع والإستخدامات المختلفة فهناك على الأقل عشرة أنواع من هذه الأقمار منها أقمار تجسس ذات كاميرات لأغراض التصوير وأقمار تجسس ذات أجهزة تنصت الكترونية وأقمار خاصة بمسح ومراقبة البحار والمحيطات وأقمار خاصة بالإنذار المبكر والأقمار الخاصة بالطقس والأحوال الجوية والأقمار الخاصة بالإتصالات والأقمار الخاصة بالملاحة والأقمار الخاصة بالبحث عن الثروات والمعادن الطبيعية والأقمار الخاصة بمبادرة الدفاع الإستراتيجي والأقمار الخاصة بالبث التلفزيوني والأقمار الخاصة بالكوارث الطبيعية..
ولو تساءلنا كيف تتمكن إسرائيل من شن هجماتها وغاراتها الجوية بكل نجاح وبدون خسائر كما حدث على سبيل المثال في عملية تدمير المفاعل النووي العراقي وفي عملية تدمير مركز جمرايا للأبحاث العلمية في سوريا
إن إسرائيل قد تمكنت من شن هذه الغارات بواسطة الحصول على المعلومات الإستخبارية إما بواسطة زرع عملاء على الأرض أو بواسطة إختراق شبكات الإتصالات أو بواسطة إختراق شبكات الإنترنت والكومبيوترات حيث أن كل جهاز مزود بجهاز (CPU) وحدة المعالجة المركزية يتم تصنيعه في شركة (إنتل) في إسرائيل والذين كانوا حتى قبل عامين يستطيعون من خلاله الإختراق والتعرف والكشف ومراقبة معظم المعلومات في جهاز الكومبيوتر التي لا تخلو منها القيادات المركزية ومراكز القيادة والسيطرة في كل الجيوش العربية أو بواسطة الأقمار الصناعية الخاصة بالتجسس يساعدها في ذلك طائرات من نوع "سوبر هيركيوليز" الأمريكية والتي يطلق عليها الإسرائيليون إسم "شمشون" وتستخدم لعمليات التشويش على الرادارات العربية وتعطيلها.
في تمام الساعة الحادية عشرة والدقيقة الثانية والثلاثين من صباح يوم 19/9/1988 تمكنت مؤسسة الفضاء الإسرائيلية من إطلاق القمر الصناعي الإسرائيلي الأول من قاعدة بلماخيم جنوب تل أبيب لتحقق بذلك مفاجأة جديدة في عالم التكنولوجيا الحديثة ولتصبح إسرائيل الدولة الثامنة في العالم التي تمتلك التقنية والتكنولوجيا لإطلاق مثل هذا القمر الصناعي ولقد أطلقت إسرائيل إسم "أفق 1" على هذا القمر واستخدمت صاروخ دفع إسرائيلي من طراز شافيت.
وبتاريخ 4/3/1990 تم إطلاق القمر الصناعي "أفق 2" من قاعدة بلماخيم وهو يحمل أجهزة إرسال وأجهزة تصوير تجريبية بواسطة صاروخ شافيت.
بتاريخ 28/3/1995 تم إطلاق القمر الصناعي "تيك سات 1" الإسرائيلي من قاعدة "بلستك الروسية" بواسطة الصاروخ الروسي إس إس 25 ويحمل القمر أجهزة قياس الأشعة السينية والمجال المغناطيسي ودراسة طبقة الأوزون ومعدات للإتصال وأجهزة إستشعار وكاميرات تصوير.
بتاريخ 5/4/1995 قامت إسرائيل بإطلاق القمر الصناعي "أفق 3" بواسطة صاروخ شافيت مزود بأجهزة تصويرية كهروبصرية تستطيع قراءة أرقام السيارات في كل من بغداد ودمشق ويغطي هذا القمر المنطقة العربية بالإضافة إلى الباكستان وأفغانستان وإيران وأجزاء كبيرة من تركيا.
بتاريخ 15/5/ 1996 قامت إسرائيل بإطلاق القمر الصناعي "أموس 1" بواسطة الصاروخ الفرنسي "أريان 4" ويوفر هذا القمر الإتصالات الهاتفية والتلكس والتيليفاكس والبث التلفزيوني المباشر ويوفر القمر تغطية إشعاعية لمنطقة الشرق الأوسط وجزء من شمالي إفريقيا وجزء من شرق أوروبا.
هناك أقمار صناعية عديدة أنتجتها جامعة تل أبيب مثل القمر الصناعي "توفكس" الذي يضم ثلاثة تلسكوبات تعمل بالأشعة فوق البنفسجية وهي جزء من مجموعة أجهزة تستخدم لإجراء تجارب علمية فضائية مشتركة بين روسيا والدنمارك وهناك قمر صناعي آخر "ديفيد" بالإشتراك مع وكالة الفضاء الألمانية وهو عبارة عن قمر إستشعار عن بعد.
إن ما يهمنا هنا هو الأقمار الصناعية التي تغلب عليها الصبغة الإستراتيجية العسكرية. ففي عام 1988 فشلت إسرائيل بإطلاق القمر "أفق 4". ولكنها نجحت في 28/5/2002 بإطلاق القمر "أفق 5" والذي جاء نتيجة تعاون مكثف مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بدعوى المشاركة في حرب "الإرهاب" وتمكين إسرائيل القيام بدورها في مراقبة الحركات المتطرفة والإرهابية في الدول العربية والإسلامية ورصد إتصالاتها.
وفي عام 2004 فشلت إسرائيل في إطلاق القمر الصناعي "أفق 6" الذي احترق عند إطلاقه.
بتاريخ 25/4/2006 أطلقت إسرائيل القمر الصناعي "إيروس بي" الذي يدور في المدار القطبي وهو قادر على تصوير أجسام في حجم 70 سنتيمترا بكل دقة وهو مخصص لتصوير المناطق الإستراتيجية النووية في إيران بالإضافة إلى سوريا ومن الجدير بالذكر أن هذا القمر قد التقط صورا لقاعدة صواريخ إس 300 الروسية الصنع في الجزائر.
بتاريخ 11/6/2007 تم إطلاق القمر الصناعي "أفق 7 "وتأتي أهمية إطلاق هذا القمر أنه تزامن مع بدء أكبر سلسلة مناورات جوية بين إسرائيل والولايات المتحدة في صحراء النقب. وهو يعد الجيل الأحدث من الأقمار الصناعية ويكمل منظومة برنامج الفضاء الإسرائيلي في إحتلال أكبر منطقة من الفضاء فوق الدول العربية والإسلامية وهو بالغ الدقة في الرصد والمتابعة بحيث يستطيع متابعة ورصد أهداف أرضية
على مدار 24 ساعة بدون توقف بواسطة جهاز رادار متطور يعتبر الأحدث في العالم.
وفي بداية عام 2008 تمكنت إسرائيل بالتعاون مع الهند من إطلاق قمر صناعي للتجسس "تيك سات "من قاعدة صواريخ هندية
وبتاريخ 31/10/2010 أشارت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن إطلاق القمر الصناعي "أفق 8 "يأتي في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة لجمع المعلومات الإستخبارية الإسرائيلية من رصد ما يجري في إيران عدة مرات يوميا بواسطة عدة أقمار تجسس صناعية من خلال إلتقاط صور ثلاثية ألأبعاد بدقة عالية جدا. ومن الجدير ذكره أنه لم يتم الإعلان رسميا عن إطلاق هذا القمر وتمت إحاطة المعلومات المتعلقة بهذا القمر قيد السرية والتعتيم.
بتاريخ 23/6/2010 تم الإعلان عن إطلاق القمر الصناعي "أفق 9" من قاعدة بلماخيم الجوية ولم يقم أي مسؤول بتقديم أي بيان أو أي تفاصيل عن مهام هذا القمر الصناعي الجديد.
بتاريخ 3/12/2011 كشف وزير العلوم الإسرائيلي البروفيسور دانيال هرشكوفتش في المؤتمر الدولي للبحث في التطور التكنولوجي في مجال الطيران والفضاء المعقود في القدس المحتلة أن عدد الأقمار الصناعية الإسرائيلية المنتشرة في الفضاء اليوم يفوق عدد الأقمار الصناعية الأوروبية مجتمعة وأكثر من نصف عدد الأقمار الصناعية الأمريكية. وفي نفس المؤتمر صرح رئيس شركة "رفائيل" للصناعات العسكرية الإسرائيلية الجنرال إيلان بيران أنه في عام 2015 ستصبح إسرائيل قادرة على تدمير أي صاروخ يطلق بإتجاهها أيا كان نوعه وحجمه ومداه وتدمير أي طائرة حربية تقترب من أجوائها وتدمر أي تهديد يأتيها من الفضاء.
بتاريخ 9/4/2014 تم إطلاق القمر "أفق 10" بنجاح حيث صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بأن هذا القمر سوف يحسن من القدرة المخابراتية لإسرائيل فهو يعمل على مدى أربع وعشرين ساعة وفي مختلف الظروف الجوية.
بتاريخ 6/6/2014 نشرت صحيفة إسرائيل اليوم جانبا آخر من جوانب الأقمار الصناعية الإسرائيلية حيث أعلنت أن وكالة الفضاء الإسرائيلية كانت قد وقعت اتفاقية مع لجنة الأمم المتحدة لإستخدام الفضاء للأغراض السلمية وتمخضت عن هذه الإتفاقية ازدياد التعاون بين إسرائيل ومنظمة "سبايدر" وهي منظمة تابعة للأمم المتحدة ومتخصصة في الكوارث الطبيعية حيث ستقوم وكالة الفضاء الإسرائيلية التابعة لوزارة العلوم والتكنولوجيا والفضاء الإسرائيلية بتفعيل الأقمار الصناعية الإسرائيلية من نوع "أروس A "وأروس B "ووضعها فوق مناطق الكوارث وتقوم بنقل الصور والمعلومات مباشرة إلى منظمة سبايدر التابعة للأمم المتحدة.
منظومات شبكات الدفاع الجوي :-
منظومة إم آي إم -104 باتريوت
لقد كانت إسرائيل من أوائل الدول التي حصلت على هذا النظام من الولايات المتحدة ولا نعرف بالضبط كم عدد الأنظمة التي حصلت عليها ولكن المعلومات الإستخبارية تفيد أن هذه المنظومة تغطي كافة الحدود الإسرائيلية والمناطق الإستراتيجية الحساسة. بل هناك معلومة استخبارية أن بعضا من الدول العربية المجاورة لإسرائيل قد تم تزويدها بمثل هذه المنظومة كي تكون خطا دفاعيا متقدما عن الأجواء الإسرائيلية بالإضافة إلى حماية أجوائها.
وهي منظومة دفاع جوي صاروخي من نوع أرض جو تم تصنيع النظام من قبل شركة رايثيون الأمريكية حيث حل نظام الباتريوت محل كل من نظام (نايك/هرقل) للدفاع العالي والمتوسط ونظام إم آي إم – 23 هوك التكتيكي للدفاع المتوسط حيث كان الهدف من هذين النظامين الإشتباك مع الطائرات وإمكانية محدودة للتعامل مع الصواريخ الباليستية في مدى 70 كيلو متر وبسرعة تفوق 3 ماك ثم تم التطوير والتحديث لهذه المنظومة الدفاعية وتم تزويدها بصاروخ ذي قدرة على البحث وتدمير الطائرات التي تقوم بالتشويش على الرادارات ثم جاء صاروخ باك 2 وهو أول صاروخ لإعتراض وتدمير الصواريخ الباليستية وتم تطويره تحت اسم صاروخ باك 3.
أما مكونات نظام الباتريوت فهو يتكون أولا من صاروخ الباتريوت وهناك نوعان من صواريخ الباتريوت النوع القديم (PAC-2) يبلغ طوله حوالي 5 أمتار فيما يصل وزنه إلى 900 كيلو جرام مواد متفجرة وتصل سرعته عند إطلاقه فوق سرعة الصوت ويمكن تزويد منصة الإطلاق بأربعة صواريخ دفعة واحدة. أما النوع الثاني والذي دخل الخدمة عام 2002 وهو صاروخ باتريوت الحديث (PAC-3) يصل طوله حوالي 5 أمتار ووزنه يصل إلى 312 كيلو جرام منها 73 كيلو جرام من المواد المتفجرة ويمكن تحميل منصة الإطلاق 16 صاروخا دفعة واحدة.
أما المكون الثاني فهو منصة إطلاق صواريخ الباتريوت والتي تحتوي على 16 قاذفة ل 16 صاروخ تحتوي على أربع خانات كل خانة يمكن أن تحمل أربع صواريخ وكل قاذفة متصلة مع نظام تحكم عن طريق الألياف الضوئية أو من خلال الإتصال اللاسلكي وعند إطلاق صاروخ الباتريوت تنطلق ذراع هيدرو كلوريكية تحمل صاروخا بديلا مكان الصاروخ الذي تم إطلاقه من أجل تسريع عملية الإطلاق
أما المكون الثالث فهو نظام الرادار في الباتريوت حيث تحتوي كل منصة إطلاق على رادار (AN/MPQ-53/6) من نوع مصفوفة المسح الإلكتروني السلبي. وهو قادر على كشف مدى الصواريخ لمسافة 100 كيلومتر وبإمكانه كشف أي صاروخ معادي كما يحدد الرادار سرعة الصاروخ ومساره وتحديد ما إذا كان الصاروخ معاديا أو صديقا من خلال نظام تشفير بين الأسلحة الصديقة. وبفضل تقنية المصفوفة الطورية يمكن لهذا النظام تتبع مسار 100 صاروخ معادي والتحكم في مسار 9 صواريخ باتريوت في نفس اللحظة.
أما المكون الرابع فهو نظام التحكم وهو عبارة عن حاسوب متصل مع نظام الرادار ومع منصة الإطلاق ومزود ببرامج التحكم والتوجيه. ويعمل على نظام التحكم ثلاثة أشخاص في الحالات الطارئة أما في الأغلب فيتم وضع النظام في حالة التحكم التلقائي ويعمل النظام كوسيط بين منصة الإطلاق ونظام الرادار وفي حال وجود أكثر من منصة إطلاق صواريخ باتريوت فإن نظام التحكم يصل هذه المنصات مع المنصة الرئيسية للتنسيق بينهما في إطلاق الصواريخ.
منظومة القبة الحديدية في إسرائيل:-
بعد حرب تموز 2006 أطلق حزب الله ما يقارب 4000 صاروخ كاتيوشا قصيرة المدى سقطت في معظمها شمال إسرائيل وأدت إلى مقتل 44 إسرائيلي حيث عمد سكان القرى الإسرائيلية والمدن الإسرائيلية في الحدود الشمالية إلى اللجوء إلى الملاجىء. كما أن استمرار حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية بإطلاق أعداد كبيرة من صواريخ الكاتيوشا وقذائف الهاون من قطاع غزة بإتجاه إسرائيل فلقد تكشف الضعف لدى القيادة الحربية الإسرائيلية بأن هناك عجزا كبيراً في التصدي للصواريخ البدائية والتي لا تحتوي على أجهزة إطلاق وتوجيه تكنولوجية متقدمة حيث وقفت أجهزة ومنظومات الدفاع الجوي في إسرائيل موقف العاجز أمام هذه الصواريخ البدائية والتي سقطت بكثافة داخل العمق الإستراتيجي الإسرائيلي.
وبناء على دراسات قدمتها شركة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة بهدف إعتراض الصواريخ القصيرة المدى والقذائف المدفعية ولحماية الحدود الشمالية والحدود الجنوبية فلقد اختار وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عمير بيرتس في شهر شباط عام 2007 البدء بتطوير نظام دفاعي جديد لإبعاد خطر الصواريخ قصيرة المدى والقذائف المدفعية من عيار 155 ملم وقذائف الهاون. وتشمل المنظومة جهاز رادار ونظام تعقب وبطارية مكونة من عشرين صاروخا إعتراضيا تحمل إسم (تامر).
ولقد تم تطوير هذا النظام والذي تمت تسميته (بمقلاع داوود) بالتعاون بين شركتي رافائيل الإسرائيلية وشركة رايثيون الأمريكية من أجل تصميم نظام مشترك بين وكالة الدفاع الصاروخي الأمريكية ومنظمة الدفاع الصاروخي في إسرائيل من خلال عقدين منفصلين قيمة كل منهما 100 مليون دولار. ويهدف العقد الأول إلى تطوير مشترك للصاروخ الإعتراضي (ستانر STUNNER) وهو صاروخ إعتراضي يتميز بالإصابة المدمرة المباشرة ونظم الدفاع الجوي والصاروخي المدمجة الحليفة.
أما العقد الثاني فيتعلق بتطوير وإنتاج وتوفير الدعم اللوجستي لوحدة الإطلاق الصاروخي وهو الجزء الذي يعطي النظام قدرة الإطلاق العمودي للصاروخ الإعتراضي تغطي قدرة الدفاع الجوي والصاروخي الموسع بزاوية 360 درجة.
وبالرغم أن الفكرة الرئيسة لهذا النظام بدأت في إسرائيل إلا أن الولايات المتحدة قد تبنتها ودعمتها، حيث وافق مجلس النواب الأمريكي في أيار عام 2010 على تخصيص 205 مليون دولار لتنفيذ مشروع القبة الحديدية.
وبإختصار شديد يعتمد النظام الصاروخي في القبة الحديدية على صاروخ إعتراضي مجهز برأس حربي قادر على إعتراض وتفجير أي هدف في الهواء بعد قيام منظومة الرادار بالكشف والتعرف على الصاروخ أو القذيفة المدفعية وملاحقة مساره. وبعد ذلك يتم نقل الإحداثيات والمعلومات إلى وحدة إدارة المعركة والسيطرة والمراقبة لتحليل مسار الهدف وتحديد موعد ومكان سقوطه الإفتراضي. وفي حال تبين أن الصاروخ أو (القذيفة المدفعية) يشكل خطرا مباشرا يعطى الأمر خلال ثوان للصاروخ بالإعتراض لملاقاة الهدف في الجو. حيث يتم نقل إحداثيات مسار الهدف من وحدة إدارة المعركة بواسطة رابط يسمى بالوصلة الصاعدة للإتصالات عبر القمر الصناعي الإسرائيلي المعد لهذه الغاية إلى صاروخ الإعتراضي. ولدى إقتراب الصاروخ الإعتراضي الإسرائيلي من هدفه يستعمل راداره الخاص لإلتقاط المسار وتوجيه نفسه ذاتيا للمسافة المطلوبة وعند الإقتراب من الهدف يتم تفجير الرأس الحربي لتدمير الهدف في الجو دون الإرتطام به مباشرة ويحتوي الرأس الحربي للصاروخ الإعتراضي على 11 كيلو غرام من المواد شديدة الإنفجار فيما يتراوح مداه ما بين 4 كيلومترات إلى 70 كيلومتراً.
وبالرغم من التصريحات المتناقضة حول فعالية القبة الحديدية وفعاليتها في التصدي للصواريخ الفلسطينية من قطاع غزة حيث أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنه من خلال قيام حماس بإطلاق 737 صاروخا من قطاع غزة نحو إسرائيل في عملية البنيان المرصوص خلال ثلاثة أيام فلقد تمكنت القبة الحديدية من التصدي ل 245 صاروخ بينما تمكنت الأخرى من ضرب أهداف داخل الأراضي الإسرائيلية.
وفي تقارير صحفية غير مؤكدة أورد موقع "ويللا" الإخباري في شهر نيسان 2016 أن هيئة الصناعات العسكرية الإسرائيلية قد تمكنت من تطوير منظومة جديدة للدفاع الجوي من خلال إنتاجها قبة حديدية ضد الطائرات المسيرة كالتي استخدمتها حركة حماس من قطاع غزة إبان عملية الجرف الصامد. من أجل توفير الحماية الخاصة بالإسرائيليين والطائرات الإسرائيلية التي تحلق في المنطقة حيث تعمل هذه القبة الجديدة في جميع أحوال الطقس وعلى مدار الساعة.
* الكاتب باحث في الدراسات الإستراتيجية والأمن القومي