كيف نواجه السلوك العدواني عند تلامذة المدارس؟
جو 24 :
حلّ شهر أيلول وبدأت المدارس تفتح أبوابها. لا يمكن نكران وجود سلوك عدواني في مدارس معظم بقاع العالم، وهو على ازدياد سنة بعد سنة، حيث دقّت العديد من المدارس ناقوس الخطر إذ انها لم تعد تستطيع السيطرة على تصرفات طلابها العدائية. وتعلّل دراسات أميركية سبب ذلك بعدم جدية إدارة المدارس في حلّ هذه المشكلة. فما هي أسباب العدوانية بين التلامذة؟ وكيف تتمّ معالجتها؟ العدوانية في المدارس سلوك يؤدي إلى إلحاق الأذى بالتلامذة أو الأساتذة، ويتمثّل بالإهانة، الشتم أو الضرب والعراك. ويعتمد بعض الطلاب أسلوباً تخريبياً أو عدوانياً نحو ممتلكات المدرسة أو ممتلكات التلاميذ الخاصة.
عادةً تكون أسباب هذه العدوانية، أزمات ومشاكل عائلية أو نفسية أو اجتماعية قد يعانيها التلميذ، فنجد الكثير من الأطفال العدوانيين تجاه أصدقائهم أو مربية الصف وهم لم يتجاوزوا الـ5 سنوات. يُذكر أنّ العدوانية لا تعرف سناً أو فئة عمرية أو حتّى جنساً، وهي موجودة عند الذكور كما عند الإناث.
5 أنواع للعدوانية في المدارس
• عدوان لفظي: الإهانة والشتم...
• عدوان جسدي: الضرب والعراك...
• عدوان على شكل نوبات غضب
• عدوان سلبي: العناد، المماطلة، التدخل المتعمّد...
• عدوان غير مباشر: الإعتداء عن طريق شخص آخر
أسباب السلوك العدواني
أسباب عديدة تقف وراء سلوك التلميذ العدواني، ومنها:
أولاً، أسباب إنفعالية، كالشعور بالنقص، كراهية الشخص للسلطة الممارسة عليه، الغيرة وغيرها من المشاعر التي تجعل التلميذ محبّاً للإنتقام من خلال التخريب والعدوانية تجاه التلامذة الآخرين.
ثانياً، أسباب إجتماعية، منها مشاكل عائلية، سلطة ضاغطة، طلاق الوالدين أو سوء معاملة أحد أفراد العائلة للتلميذ، ما يجعله يتأخر مدرسياً ويصبح عدوانياً تجاه رفاقه.
ثالثاً، أسباب نفسية منها عدم قبول الذات، رفض الأساتذة للتلميذ أو عدم متابعة الأهل له في المدرسة، ما قد يحوّله إلى شخص مؤذٍ وعدواني في الوقت نفسه.
تأثير السلوك العدواني على التلامذة
يلاحظ الأخصائيون النفسيون أنّ السلوك العدواني يؤثر نفسياً في تلامذة المدارس من كل الأعمار. لا يمكن تجنّب التأثيرات السلوكية على عمر معين. فتحت تأثير العدوانية يصبح التلامذة أكثر ميلاً للكذب والخداع، ويعانون خوفاً غير مبرر، كما يصابون بعصبية زائدة وتشتّت بالأفكار ويقومون بالعديد من السلوكيات الضارة (تكسير، تحطيم ممتلكات الآخرين، سرقة، عنف كلامي مبالغ فيه، إشعال النيران، عدم مبالاة، تنكيل بالحيوانات...). أمّا على الصعيد النفسي، فيجد الأخصائيون النفسيون بعض نقاط الاكتئاب، إنعدام الثقة بالنفس، المزاجية وعدم الاستقرار النفسي.
في المجال التعليمي، يتدنّى التحصيل الدراسي للأطفال الذين عايَشوا أحد أشكال العدوانية، كما يسجّلون غياباً متكرراً عن المدرسة مع الهروب منها وعدم المشاركة في النشاطات المدرسية، بسبب العزلة الإجتماعية التي يعايشونها.
تعديل السلوك العدواني
إليكم الخطوات التي تساعد على تقليص العدوانية لدى تلامذة المدارس:
• تكثيف ساعات الرياضة لأنها ذات أهمية ليس فقط على الصعيد الصحي للتلميذ ولكن أيضاً على الصعيد النفسي والتنفيس.
• تنفيذ جلسات مصارحة بين التلامذة والطلاب وتنظيم حفلات بسيطة تساعد على تقوية الرابط ما بين الإدارة والأساتذة والتلامذة.
• التوعية على العدوانية في ندوات تمتد خلال فصول السنة الدراسية ويحضرها كلّ من إدارة المدرسة والهيئة التدريسية والمسؤولين والمربّين والأهالي أيضاً. هدف هذه الندوات التوعية حول موضوع التربية المنزلية والجو العائلي الذي يؤدي دوراً بارزاً في تعزيز العدوانية أو إلغائها.
• يؤدي العامل الإجتماعي والأخصائي النفسي المدرسي دوراً في الحد من العدوانية من خلال معرفة «ما وراء» سلوك التلميذ العدواني والتعامل معه ليس بالقساوة بل بالتفهّم والإصغاء. كما يفسّر للأهل خصائص النمو لكل مرحلة عمرية، فكلنا نعرف مثلاً أنّ عمر المراهقة عمر هَشّ يدفع الإنسان إلى تعلّم سلوكيات غير مقبولة إجتماعياً بفِعل تقليد أقرانه.
• مسؤولية كبيرة تقع على عاتق إدارة المدرسة في تربية التلامذة وتوجيههم حول المواضيع الإجتماعية، ومنها العدوانية. ويترتّب على العاملين في المدرسة اعتماد القدوة الحسنة أمام التلامذة، ويعني ذلك الابتعاد عن النصائح الكثيرة واستبدالها بالأفعال، إذ من خلال «الفِعل الحسن» يمكن تغيير تصرفات التلميذ غير المقبولة.
علماً أنّ المربّي الصالح هو القريب من الأطفال، يستخدم كلمات مشجعة فيها عاطفة ومودة ويبتعد عن الكلمات المُحبطة والنقد واللوم المفرط والتصرفات الإصطناعية. ونذكر من الصفات الحسنة للمربّي إحترام جميع التلامذة من دون تمييز وتفريق، والابتعاد عن المقارنة فيما بينهم.
أمّا الإخصائي النفسي فيؤدي دوراً بارزاً في تعريف الأساتذة بالحاجات النفسية والاجتماعية لكلّ مرحلة عمرية وكيفية إشباعها بالأساليب والبرامج التربوية المناسبة، منها الموسيقى والرياضة التي تخفّف كثيراً من الاحتقان النفسي الذي يشعر به التلميذ.
(د. انطوان الشرتوني - الجمهورية)