2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

حكاية ثورتين : قرار قد يهز عرش الاسلاميين

حكاية ثورتين : قرار قد يهز عرش الاسلاميين
جو 24 : كتب د. حسن البراري - المقاربة التي تفيد بأن حركات الإخوان المسلمين تصلح بأن تكون محركا للتغيير (لنقل المجتمعات العربية من حالة التسلط السائدة بمسيات واعذار مختلفة إلى حالة يستعيد فيها المواطن دولته وقدرته على تقرير من يمثله ومن يحكمه) تمر في امتحان عسير بعد أن كشف الرئيس المصري المنتخب عن رغبة دفينة لدى الاخوان المسلمين للاستئثار بالسلطة وبخاصة بعد ان ظهرت قوة المرشد العام محمد بديع وتأثيره السلبي على الرئيس المنتخب..

فالاعلان الدستوري المؤقت الذي اتخذه الرئيس المصري محمد مرسي يوم الجمعة جاء لتعزيز صلاحياته التشريعية والتنفيذية أجج الشارع المصري بشكل بات يشكل تهديدا لمنجزات الثورة المصرية، فالمصريون الذين اسقطوا حكم الرئيس مبارك لم يخرجوا ويخاطروا بكل شيء من اجل استبدال مستبد بآخر، لهذا يضع العديد من المراقبين ايديهم على قلوبهم خوفا من امكانية ان تتطور الامور بمصر اتجاه الفوضى وعدم الاستقرار.

الشعب المصري أو للدقة نقول الثورة المصرية تنقسم إلى معسكرين: واحد (علماني، قومي، قبطي، يساري) التزم الشارع رفضا للاعلان الدستوري المؤقت ومناديا باسقاطه وآخر اسلامي تجمهر بالقرب من القصر الرئاسي وبقيادة الاخوان المسلمين مؤيدا لما ذهب اليه الرئيس المنتخب على اعتبار ان ذلك من حقه الدستوري كرئيس منتخب من قبل غالبية الشعب المصري. قرار الرئيس بتحصين قرارته من الطعن يعني بأنه يضرب السلطة القضائية بجرة قلم وهو امر لم يقم به غيره ممن سبقوه ما يعكس بنية ذهنية خطيرة قد تقوض الوحدة الوطنية المصرية التي تعد الضامن الاخير لاستقرار مصر وبخاصة وهي تمر بأزمة اقتصادية طاحنة.

الانقسام الحاصل له اسباب ابعد واعمق بكثير من الاعلان الدستوري المؤقت ويتمحور حول طبيعة وجوهر النظام الذي يتصارع عليه المصريون وبخاصة الذين شاركوا بالثورة والاطاحة بنظام مبارك. فهناك شعور متنامي بين المصريين ان الاخوان المسلمين يريدون فرض وجهة نظرهم في كافة الامور المتعلقة بالسياسة والاقتصاد وهو امر يتعارض مع ابسط قواعد الديمقراطية التي تنص على ان الاغلبية تحترم رأي الاقلية وبخاصة والقضية تتعلق بوضع دستور جديد للبلاد، لهذا السبب نجد العديد من الرموز المصرية تعلن انسحابها من اللجنة التأسيسية للدستور. على أن ما يجري هو في غاية الخطورة، وهناك مخاوف حقيقية من نذر اندلاع اعمال شغب تؤسس لاقتتال اهلي، فهناك حالة من الانقسام والاستقطاب يمكن ان تتطور إن غاب العقلاء ولم يسارعوا الى احتواء الموقف قبل فوات الآوان.

فمثلما كان هناك تأييد دولي للشعب المصري وهو ينزل من قمة الهرم الرئيس المخلوع يهب المجتمع مرة أخرى في توجيه انتقادات قاسية لمحاولات الرئيس مرسي تغييب السلطة القضائية بدلا من العمل على الفصل بين السلطات وتركيز السلطة بيد فرد او حزب معين. فالنقد جاء من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ولاعبين آخرين، وهذه كلها قوى ايدت الشعب في ثورته ولا يمكن لها ان تدعم بدايات دكتاتورية جديدة او ثيوقراطية من نمط جديد.

ينبغي علينا في الوقت ذاته ان نضع ما يجري بمصر بسياقه الصحيح، فالرئيس محمد مرسي يشعر بقوة اضافية بعد ان تمكن من التوسط بين حماس والاسرائيليين بطريقة اعادت لمصر بعضا من ألقها ودورها الاقليمي الذي اضعف غيابه مصر والفلسطينيين معا. كما ان التجربة المصرية اصبحت مثار اهتمام بين الكثير من الدول التي تخشى التغيير بالاقليم ولهذا هناك رغبة وأماني عند هذه الدول بأن تفشل التجربة المصرية حتى لا تكون انموذجا يحتذى به وقابل للنقل الى دولة تصارع لغياب ارادة سياسية لتحقيق الاصلاح. أعداء الاصلاح بالاردن يفركون ايديهم فرحا للانتكاسة وبخاصة وان سببها هم الاخوان المسلمون، فالدولة الاردنية تخوض معركة شيطنة ضد الحركة الاسلامية وتسعى بكل قواها إلى تخويف الاردنيين من الاسلاميين على اعتبار انهم باطنيون ولهم اجندات خفية.

باختصار، الثورة المصرية نالت اعجاب العالم لكن هناك الكثير من الممارسات السياسية التي ربما تهمد لانفجار ثورة مضادة لا يستطيع أحد التنبؤ بمستقبلها وهي ربما تفتح المجال لتدخلات لا تخدم المشروع الديمقراطي الذي ناضل من اجله المصريون واحرار العالم.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير