الاستعراض الحكومي في مستشفى البشير لا يثمر.. مروحة ودماء ودخان وسباب!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - يبدو أن رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ومن بعده وزير الصحة الدكتور محمود الشياب يعتقدان أن الزيارات الميدانية والمفاجئة للمؤسسات الرسمية كافية لإبهار أحدنا وإقناعه بأن أحدهم يعمل بجدّ لمصلحة المواطن والارتقاء بالخدمات المقدّمة إليه، لكن الحقيقة أننا لم نلمس أثرا أو انجازا على الأرض لتلك الزيارات وبخاصة مستشفى البشير الذي تمت زيارته ثلاث مرات على الأقل خلال الثلاثة أشهر الماضية..
الملقي والشياب افتتحوا جولاتهم الميدانية في أول أسبوع من التكليف بزيارتين إلى المستشفى، ومن بعدها قام الوزير بزيارة فردية مفاجئة إليها للاطلاع على واقع الخدمات، والواضح أن تلك الزيارات كانت أقرب لـ"الاستعراض" أمام المواطن وصاحب القرار على حدّ سواء..
ربما كان قضاء يوم واحد في أروقة المستشفى كافيا لكشف الحقيقة أمام من يبتغيها وبالتأكيد فكلّما زادت فترة البقاء انكشفت المأسي أكثر فأكثر؛ وهذا ما حدث أول أمس حيث اضطررت للبقاء ساعات داخل قسم الباطنية في زيارة أحد الأقرباء الذي أُدخل المستشفى لسوء حالته الصحية..
في البداية ظلّ ذلك المريض ينتظر في غرفته نحو 5 ساعات لإجراء فحص "أذن" لدى عيادة "الطوارئ" في القسم، دون اتخاذ اجراء طبي يخفف عنه آلامه، وعندما جاء وقت الفحص غابت الطبيبة الوحيدة المسؤولة عن غرفتها المليئة بالدماء لنحو نصف ساعة كاملة، وقامت بعد عودتها بإجراء الفحص الذي لم يستغرق أكثر من دقيقة واحدة وأوعزت بتقطير نقطتين زيت في اذن المريض أو شراء قطرة معقمة من خارج المستشفى..
ربّما كان حقّا للممرضة "الصائمة" أن تغضب من ذلك التأخير، لكن لا يمكن تقبّل فكرة أن تعكس سوء مزاجها على المرضى الذين جاؤوا للمستشفى حاملين آلامهم وتعاستهم معا وترفض القيام بواجبها في خدمة المواطنين أو تبدي امتعاضها من تلك الخدمة، فالأمر لا يحتمل سماع أي كلمة أو رؤية أي تعبير مزعج أبدا..!
مشهد السيدة التي تزور قريبتها حاملة "مروحة" كان غريبا للغاية وجديدا، لكنه مبرر إذا ما علمت أن المرضى يقيمون في غرفهم دون تكييف أو أي وسيلة تبريد في هذه الأجواء الحارّة، والأنكى من ذلك أن كادر المستشفى يغضب إذا ما تم إزاحة السرير مقابل النافذة الصغيرة الموجودة في الغرفة وينصحون ذوي المرضى بجلب "مروحة" لكون هذا المبنى لا زال حديثا -رغم سوء حالته من الداخل وتردي اوضاع اثاثه-
الأمر الجميل في المستشفى أن الأجواء لا تشعرك بوجودك في مكان مختلف عن السوق؛ هذا المرافق يصرخ على الزائر والممرض ينادي بأعلى صوته على زميله وزائرون لا يجدون حرجا بإطلاق أقبح الشتائم وأقذرها على مرافقيهم وبصوت مرتفع يهزّ أركان المبنى!
موظّف الأمن والحماية أصرّ على أن يضع بصمته في ذلك اليوم أيضا، حيث فاجأ العديد من الزوار بوجوده جالسا بين الغرف وبيده فنجان قهوته و"سيجارة" مشتعلة يدخنها دون ابدائه أي مظهر من مظاهر الحرج والمسؤولية..