كيف غيّر السوبرماركت وجه العالم فجأة؟.. إليك تاريخ التسوق منذ إنشائه
مضى ما يقرب من 100 عام تقريباً منذ فَتَحَ أول سوبرماركت في أميركا أبوابه.
ربما يبدو التقاط سلة التسوق أمراً طبيعياً هذه الأيام، لكنَّ هذه الفكرة كانت مُبتكرةً يوماً ما، ولم يكن هذا هو الأمر الوحيد الذي تغير يوم فتَحَ "بيغلي ويغلي" - أول سوبر ماركت أميركي حديث - أبوابه منذ 100 عامٍ مضت.
افتتح كلارنس سوندرز أول "بيغلي ويغلي" يوم 11 سبتمبر/أيلول 1916 في ممفيس بولاية تينيسي، بعد تأجيل افتتاحه عدة مرات أثناء بنائه، ليصبح رائد نموذج الخدمة الذاتية الذي كان أمراً مختلفاً جذرياً عمَّا كانت عليه الأمور منذ فترة طويلة سبقت ظهوره.
ففي محلات البقالة قديمة الطراز، كان الزبائن يُمررون للبائع قائمة مشترياتهم، وهو بدوره يضع الأشياء في حقيبة للمُتَسَوِّق، لكن في "بيغلي ويغلي" كان المستهلكون يضعون ما يختارونه بأيديهم، بينما تقوم المنتجات بدور الإغراء.
بداية العلامات التجارية
يقول جون ستانتون، الأستاذ في تسويق الأطعمة بجامعة القديس يوسف: "أصبحت تلك الطريقة تعني أن المستهلك يمكنه اتخاذ قرار بشأن ما يُريد شراءه، وهو ما جعل الشركات تحاول جذب انتباهه ويُعدُّ هذا بالفعل أصلَ العلامات التجارية".
أعاد سوندرز تصميم تسوق الأطعمة، ورتب الأشياء بشكلٍ منهجيٍ بترتيبٍ يتناسب مع أسلوب تسوق الزبائن، فمثلاً، وضع الحلوى وغيرها من السلع الشبيهة عند منفذ دفع النقود، وبالإضافة لإطلاق "بيغلي ويغلي" نموذج الخدمة الذاتية، قدم للعالم سِلَال التسوق، والبنود ذات بطاقة السعر، والموظفين المُرتدين للزي الموحد، ونموذج امتياز علامة السوبر ماركت التجارية.
سوبر ماركت بيغلي ويغلي
ويضيف ستانتون: "لزمن طويل كان لدينا محلات التجزئة المتخصصة، مثل الجزارين، والخبازين، وصُنَّاع الشموع، ثم أصبح لدينا تلك المحلات الأكبر التي تقول: دعونا نقلل التكلفة ونجعل السلع بأسعار معقولة".
جذب السوبر ماركت المستهلكين والعمال، بسبب انخفاض أسعار السلع مع انخفاض التكلفة العامة.
ازدهرت العديد من محلات السوبرماركت كذلك، مع افتتاح كينغ كولين عام 1930 في كوينز، بنيويورك، وتأقلُم بقالة سيفواي، وكروجر مع الوضع الجديد. ولا يزال بعض الخلاف يدور حول ما إذا كان كولين أم سوندرز هو من أسس أول سوبرماركت، لكن في الواقع تُرَجِّح تواريخ الافتتاح أنَّ "بيغلي ويغلي" كان الأصل.
استمر السوبرماركت في إثبات نجاحه المُثمر أثناء الحرب العالمية الثانية، عندما اضطرت آلاف محلات البقالة الصغيرة لإغلاق أبوابها بسبب ذهاب موظفيها إلى الحرب، لكن بالنسبة للسوبرماركت فإن خسارة موظف أو اثنين لا يُخرج سلاسل المحلات من الخدمة. استمرت شعبية الثلاجات والسيارات المتزايدة داخل كل منزل تقريباً في تغذية هذا النموذج بعد الحرب، لدرجة أنَّ وجود ساحة انتظار للسيارات أصبح ضرورة عند كل سوبرماركت.
دخول الأطفال إلى عالم السوبر ماركت
يُضيف ستانتون: "أثبتت محلات السوبرماركت أنها ظاهرة أميركية خلال الخمسينات، لقد كانت أعجوبة لدرجة أنَّه أثناء زيارة الملكة إليزابيث والأمير فيليب للرئيس أيزنهاور، قاما بزيارة محل ماريلاند للبقالة لمدة 15 دقيقة لمشاهدة كيف يبدو".
يُقال إن الملكة كانت مُندهشة بسبب مقعد الأطفال القابل للطي في عربة البقالة، إذ علَّقت قائلة: "إنَّه شيء جميل كونك تستطيع إحضار أطفالك إلى هذا المكان".
وجود الأطفال داخل السوبرماركت غيَّر لعبة العلامات التجارية بشكل جذري، مع وجود مُصممين قادرين على وضع الأطعمة في مستوى نظر الأطفال، بشكل يجعل الأطفال يُقنعون آباءهم بسهولة للقيام بمشتريات متعددة.
يقول ستانتون: "فكرة التسويق داخل المحل ككل، أصبحت مهمة مع ظهور "بيغلي ويغلي"، واستمرت الفكرة بداية من لافتات مطلع القرن العشرين، وصولاً إلى النظام الإلكتروني الذي يقوم بتمييز المستهلكين بشكلٍ فرديٍ داخل المحل لكي يقوم بالترويج لهم بشكل شخصي".
وكما غيرت التكنولوجيا اللعبة داخل المحل، غيرت اللعبة خارجه أيضاً، مع تصاعد شعبية تسوق البقالة عبر الإنترنت لدرجة أنَّه يُتوقع أن يقوم أكثر من ثلث المستهليكن بشراء بقالتهم عبر الإنترنت عام 2016.
لا يشعر ستانتون بالدهشة، "إنها عملية مستمرة، حركة مستمرة تُغير المكان الذي يتسوق الناس منه، وكيف يفضلون التسوق"، ويُضيف: "لعبت محلات السوبر ماركت دوراً كبيراً في اقتصادنا، وفي تطور مجتمعنا، وتوجد الآن أشياء أخرى تتشارك بؤرة الضوء تلك".
لكن وبينما يَظهر تاريخ وإرث السوبرماركت بوضوح، فإنَّ شيئاً واحداً ليس واضحاً: كيف اكتسب "بيغلي ويغلي" اسمه الغريب، إذ يظل أصل التسمية غامضاً، لكن عندما سُئل كلارنس سوندرز ذات مرة عن سبب اختياره لهذا الاسم، رد بكل بساطة، "حتى يسأل الناس هذا السؤال تحديداً".