طفلٌ حرم من تحريك وجهه بالكامل.. كيف؟
تلك اللحظة من أكثر اللحظات دفئاً بالنسبة لهذه الأم حين تجد رضيعها يقهقه، رغم أنه ليس بإمكانه الابتسام. وعندما يضحك، يستطيع ماكس بولام، ذي الثمانية أشهر، دفع الجميع إلى الضحك، حتى أعتى القلوب وأقساها.
وُلِد ماكس بمتلازمة موبيوس، وهي اضطراب عصبي يؤدي إلى شلل في عضلات الوجه. ولا يستطيع الرضيع، المولود في دانون بأسكتلندا، الابتسامَ أو العبوسَ أو حتى رفعَ حاجبَيه. كما لا يمكنه الغمز بعينيَه أو تحريكهما جانبيّاً. لكن لا يعني عدم قدرته على التعبير عن مشاعره أنها غير موجودة؛ إذ يسجّل الڤيديو الذي صوّرته له أمه صوت ضحكاته الرائعة.
يرفع معنويات من حوله
ورغم حالته، إلا أن ماكس يجد الوقت للضحك بصوت عالٍ مما يرفع معنويّات مَن حوله. وكما يقولان، فإن ضحكاته الأخّاذة تساعد والدَيه نتالي بوزويل (25 عاماً) وستيڤين بولام (27 عاماً) في كفاحهما من أجل علاجه من هذا المرض النادر.
وتقول السيدة بوزويل، وهي أم لطفلين، "صدقاً أرى ضحكته أفضل صوتٍ في العالم. إنها أخّاذة وتدفئ القلب. تجعلني أبتسم ملء شدقيَّ في كل مرة أسمعها". وتضيف: "في البداية كان الأمر من الصعب تقبّل فكرة أني لن أرى طفلي الجميل يبتسم لي. دائماً ما ينتظر الآباء بحماسة في الأسابيع الابتسامة الأولى من طفلهم. لذا تألمّت حقّاً حينما علمت أن ابتسامة ماكس لم تتأخّر فحسب وإنما لن أراها أبداً. بكيت كثيراً لذلك. فدوماً ما نعتبر الأمور البسيطة من المسلّمات وأمراً مفروغاً منه".
وعندما وُلِد ماكس كان في قدميه انحناء، وكذلك كانت لديه بعض المشكلات أثناء التغذية، مما نبّه والدَيه إلى وجود مشكلة. كما لاحظ الوالدَان ظهور انكماش في ذقنه حين يبكي، كما لو أنه يعاني ليفتح فمه. وعند وصوله إلى سن 6 أسابيع، أحيل ماكس إلى طبيب أطفال.
لكنه جرى تشخيص تلك الأعراض على أنها تأخر طفيف بسبب ولادته مبكراً أسبوعين عن موعد الولادة الطبيعية، وأكّد الأطباء لوالدَيه أنه سيستدرك هذا. لكن بدافع القلق، قام الأهل بالبحث بأنفسهم ليعثروا على تفاصيل هذه الحالة التي يعاني منها ماكس. فعندما سمع جدّ ماكس عن متلازمة موبيوس، أدرك والدَاه أن ابنهما ربما يعاني منها. وفي تمّوز الماضي، أكّد لهما طبيب الأمراض العصابية ذلك التشخيص.
تشخيص الحالة
تقول بوزويل "الفضل يعود لوالدي في تشخيص حالة ماكس. فعندما أراني ما وجده عنها، كانت لحظة استنارة وإدراك. فقد صار كل شيء فجأة واضحاً ومفهوماً. فحتى أبسط ما كنا نلاحظه في ماكس كان من أعراض تلك المتلازمة." وتضيف "في الحقيقة، فقد كان هذا بمثابة طوق نجاة من تلك الشكوك والانتظار المتلهّف لأبسط علامة ابتسام تظهر على وجه ماكس." وما زال ماكس يعاني أثناء التغذية، إذ لا يمكنه المضغ بسهولة، لذا يعتمد على بعض طرق التغذية الخاصة تعدّها له والدته.
كذلك يجد صعوبة في إغلاق فمه حول زجاجات الرضاعة، مما يعرّضه لسقوط بعض القطرات أثناء ذلك. ومع ضعف بنيان الجزء العلوي من جسمه، لا يستطيع ماكس الجلوس منتصباً، كما لا يمكنه إسناد رأسه منفرداً.
وينتظم ماكس في برنامج للعلاج الطبيعي لتحسين قوته الجسدية، وتعتزم أسرته استشارة طبيب تجميل نهاية هذا الشهر بشأن إجراء جراحة حينما يكبر سنّه.ومن المفترض أن تساعد الجراحة في رسم البسمة على وجهه، لكنها لن تساعده في التعبير عن أية مشاعر أخرى.
تقول والدته "إنه طفل قوي ورائع. إنه يغمر قلبي بالسعادة والفخر كلَّ يوم بمقدار نجاحه وأدائه حتى اليوم. أتمنى أن يكبر ويدهش الجميع هذا الطفل الصغير الرائع الذي أعشقه وأحبه من كل قلبي".
وتقول بوزويل أنه منذ معرفتهم بتشخيص حالة ماكس يريد الناس معرفة كيف يضحك أو إذا ما كان يستطيع الضحك أصلاً. مضيفةً "أتفهّم صعوبة تخيّل هذا بالنسبة للبعض، لهذا صوّرت هذا الڤيديو له وهو يضحك. أعتقد أنه من الجيد أن يرى الناس كيف يبدو الأمر الذي أصبح معتادًا لنا". وتواصل "إنه يثرثر ويبكي ويضحك؛ تماماً كأي طفل آخر. كما يحدّق بإمعان في وجوهنا. كذلك فإنه يحب الجلوس وتحسس كل جزء من وجهي. كما يحب أيضاً أن أضمه وأحتضنه. كان الأمر سيصبح أصعب بكثير لولا ضحكاته الأخّاذة والرائعة".
(huffpostarabi)