النسور يطرح مبادرة جديدة لنزع فتيل الأزمة
كشف أحدث الحوارات الدائرة داخل مؤسسات القرار الأردنية تبايناً ملحوظاً بين أجنحة الحكم المختلفة في ما يخص المواقف والإجراءات الواجب اتباعها، إثر قرار الحكومة رفع أسعار المحروقات والاحتجاجات العنيفة التي أعقبت اتخاذ القرار، في وقت علمت «الحياة» أن رئيس الحكومة عبدالله النسور طرح مبادرة جديدة لسحب فتيل الأزمة وإنهاء حال «الانسداد السياسي» الذي آلت إليه المملكة منذ اندلاع الاحتجاجات المطالبة بالإصلاح في كانون الثاني (يناير) عام 2011.
وقالت مصادر رسمية أردنية لـ «الحياة» إن «التباين الملحوظ بين الحكومة ومراكز قوى واسعة النفوذ داخل الدولة بلغ أشده، عقب مبادرة قدمها النسور خلال الـ48 ساعة الماضية تتضمن العودة الفورية للحوار مع قوى المعارضة، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين». وأضافت أن «مراكز نفوذ قوية، بينها أجنحة أمنية، حذرت من الذهاب باتجاه أي مقاربات جديدة يكون عنوانها تقديم تنازلات إضافية في ما يخص قانون الانتخاب لصالح جماعة الإخوان» التي أعلنت مقاطعتها سابقاً الانتخابات احتجاجاً على قانونها. وأوضحت أن هذه المراكز ما زالت تراهن على انحسار الاحتجاجات وتراجع زخمها تدريجاً.
وكشفت معلومات رسمية حصلت عليها «الحياة» أن النسور تمكن خلال الساعات القليلة الماضية من إقناع مؤسسة الديوان الملكي بضرورة تقديم مبادرة جديدة لاحتواء الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد، عبر حوار تتبناه الحكومة شرط أن يحظى بتأييد ودعم ملكي. وفي حين أوضحت مصادر متطابقة وقريبة من مطبخ القرار أن صيغة المبادرة لم تتضح بعد، توقعت هذه الأخيرة انطلاق أول حوار رسمي مع قادة «الإخوان» والمعارضة منتصف الأسبوع الجاري، مؤكدة حرص رئيس الحكومة على بدء الحوار قبيل الجمعة المقبلة التي ستتوج بتظاهرات يتوقع أن تكون ضخمة دعت إليها «الإخوان» والجبهة «الوطنية للإصلاح» التي يقودها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات.
وعلمت «الحياة» أن المبادرة التي طرحها النسور على نحو مفاجئ جاءت عقب صدور توصيات رسمية جديدة وأخرى أصدرتها مراكز أبحاث محلية (بعضها ممول من الحكومة) خلال الـيومين الماضيين، تحذر من أن الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها المملكة تهدد الاستقرار والسلم الأهلي عشية إجراء الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل. وجاء في التوصيات أن «الانتقاد المباشر لرموز الدولة، يشير إلى احتمال حدوث اضطرابات جديدة على نطاق واسع خلال الأسابيع المقبلة».
ورجحت هذه التوصيات استغلال «الإخوان» للاضطرابات الناجمة عن رفع أسعار بعض أنواع المحروقات لإضعاف السلطات، ورأت أن الانتخابات المقبلة «ستتضرر أكثر» إن نجح الإسلاميون بذلك.
وقال الناطق باسم الحكومة الأردنية الوزير سميح المعايطة إن «من واجبات الدولة تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات المقبلة عبر فتح قنوات جديدة للتواصل والحوار مع الأطراف المختلفة». وأضاف أن «رئيس الحكومة جلس مع جميع القوى قبيل التشكيل الحكومي، وحاول الوصول إلى توافقات معينة، لكن ذلك لا يلغي الحاجة لمزيد من التواصل والحديث عن كل المسارات». وأكد «جدية الحكومة بدرس الخيارات المتاحة لتهدئة الأجواء»، معتبراً أن الوصول إلى تفاهمات جديدة مع المعارضة و»الإخوان» «يجب أن يتم على أرضية دستورية وقانونية».
في المقابل، نفى نائب المراقب العام لجماعة «الإخوان» زكي بني أرشيد وجود اتصالات جديدة مع الحكومة، وقال لـ «الحياة»: «نرحب بأي مبادرة سياسية وجادة تسعى إلى إخراج الأردن من أزمته، لكن إن كانت تهدف لتنفيس تظاهرات الجمعة، فإنها تمثل خطوة مكشوفة لا تليق بدولة ولا بأزمة».
إلى ذلك، طالب حزب «جبهة العمل الإسلامي» الذارع السياسية لجماعة «الإخوان» أمس بوضع حد لما أسماها «التصريحات التي تعزز البلطجة على لسان بعض المسؤولين». وجاءت هذه المطالبة بعد أن وجه مسؤول أردني اتهاماً مباشراً لـ «الإخوان» بـ «السعي إلى حرب أهلية في الأردن».
وكان محافظ مدينة العقبة (جنوبي البلاد) فواز أرشيدات صرح على نحو مفاجئ أول من أمس بأن «الإخوان يخططون لجر البلاد نحو حرب أهلية». وقال إن «الإخوان مراوغون ويركبون الموجة ويسعون إلى تمثيل ما حصل في مصر وتونس».
يأتي ذلك، فيما وجه المدعي العام لمحكمة أمن الدولة العسكرية أمس تهمة «التحريض على مناهضة نظام الحكم» لثلاثة من أعضاء الحزب، وفق مصدر قضائي قال في تصريحات إن «المدعي العام في محكمة أمن الدولة وجه لـ 3 أعضاء بحزب جبهة العمل الإسلامي، بينهم عضو مجلس شورى الحزب عماد أبو حطب، بتهمة التحريض على مناهضة نظام الحكم».
(الحياة اللندنية)