قوات النظام تتقدم في شرق حلب والاسد يدعو المسلحين للمغادرة
حقق الجيش السوري تقدما ميدانيا هو الاول منذ العام 2013 داخل الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة حلب، فيما اعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان قواته ستواصل محاربة "المسلحين" في حلب حتى يغادروا المدينة، الا اذا وافقوا على الخروج بموجب اتفاق مصالحة.
وترافق التقدم على الأرض مع إعلان الجيش السوري الخميس تقليص ضرباته الجوية والمدفعية على الاحياء الشرقية، في خطوة يرى محللون أنها تشكل "خدعة إعلامية"، بينما حذر الموفد الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا الخميس، من ان هذه الأحياء معرضة "للدمار التام".
على الصعيد الدبلوماسي، وفي اطار السعي لتمرير مشروع القرار الفرنسي حول سوريا في مجلس الامن، التقى وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت الخميس نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو وقال له ان "لا شيء يمكن ان يبرر حمم النار" التي تتساقط على حلب.
ووجه دي ميستورا الخميس نداء مؤثرا لانقاذ الاحياء الشرقية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في مدينة حلب، والتي قال انها قد تدمر بشكل كامل بنهاية العام، داعيا مسلحي جبهة فتح الشام الى مغادرة المدينة.
وصرح دي ميستورا لصحافيين في جنيف "خلال شهرين او شهرين ونصف كحد اقصى، اذا بقيت الامور تسير على هذه الوتيرة فقد تدمر احياء شرق حلب بالكامل".
وتتعرض الاحياء الشرقية في حلب منذ اكثر من اسبوعين لقصف عنيف من قوات الحكومة السورية بدعم روسي، استهدف كذلك المستشفيات.
-"مبرر"-
وقال دي ميستورا ان وجود مقاتلي جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل اعلان فك ارتباطها بتنظيم القاعدة) في المدينة يشكل مبررا لموسكو ودمشق لمواصلة الهجوم عليها.
واضاف مخاطبا مقاتلي النصرة "اذا قررتم الخروج بكرامة ومع اسلحتكم (...) فانني مستعد شخصيا لمرافقتكم".
ويفيد المرصد السوري لحقوق الانسان ان عدد المقاتلين المناهضين لنظام الاسد في احياء حلب الشرقية يبلغ نحو 15 الف مقاتل بينهم 400 لجبهة فتح الشام (النصرة سابقا).
من جهته اعلن الرئيس السوري بشار الاسد ان قواته ستواصل محاربة "المسلحين" في حلب حتى يغادروا المدينة، الا اذا وافقوا على الخروج بموجب اتفاق مصالحة، وفق مقابلة تلفزيونية مع قناة دنماركية نشرت نصها وكالة الانباء السورية الرسمية الخميس.
وقال الاسد ان هدف القوات السورية والروسية في المرحلة المقبلة "الاستمرار في محاربة المسلحين حتى يغادروا حلب"، مضيفا "ينبغي أن يفعلوا ذلك، ليس هناك خيار آخر، لن نقبل بأن يسيطر الإرهابيون على أي جزء من سوريا".
لكنه اشار في الوقت ذاته الى انه "إذا كان هناك أي خيار آخر مثل المصالحات التي تمت في مناطق أخرى فإن ذلك هو الخيار الأمثل وليس الحرب".
كما نفى الاسد تعمد قواته استهداف المستشفيات في شرق حلب، مؤكدا انه اذا حصل مثل هذا الاستهداف فيكون حتما "من قبيل الخطأ لكن ليس لدينا أي معلومات بأن ذلك قد حدث".
-إيرولت ولافروف في موسكو -
في موسكو التقى ايرولت لافروف وقال الاول "ان فرنسا تستهجن لكنها لا تستسلم"، مضيفا "لقد التقيت سيرغي لافروف وكررت امامه القول وانا انظر مباشرة في عينيه، ان احدا لا يمكنه ان يتساهل مع هذا الوضع. ان فرنسا لا تستطيع التساهل مع ذلك، والامر سيان بالنسبة لروسيا".
من جهته قال وزير الخارجية الروسي انه "مستعد للعمل" على مشروع قرار وقف اطلاق النار في حلب الذي قدمته فرنسا في مجلس الامن. الا ان لافروف اشترط مع ذلك ان لا يتعارض مشروع القرار مع "المقاربات المبدئية الواردة في الاتفاقات الروسية الاميركية، وان ياخذ بعين الاعتبار القرارات التي سبق وان اتخذها مجلس الامن والمجموعة الدولية لدعم سوريا".
وكانت فرنسا اعلنت عزمها على طرح مشروع قرار لها يتعلق بسوريا على التصويت في مجلس الامن في نهاية هذا الاسبوع، ويتضمن وقفا لاطلاق النار.
وعلى رغم التوتر مع موسكو، أجرى كيري الاربعاء اتصالا هاتفيا بنظيره الروسي سيرغي لافروف للتباحث في الازمة السورية.
من جهة ثانية كرر وزير الدفاع الفرنسي جان-ايف لودريان الخميس تأكيد "عزم" فرنسا على "استئصال" عصابة داعشا لارهابية، وذلك خلال زيارة الى حاملة الطاِئرات شارل ديغول التي تقوم بعمليات في البحر المتوسط.
وقال وزير الدفاع الفرنسي "اريد ان اؤكد عزم فرنسا على المضي، في اطار التحالف (الذي تقوده الولايات المتحدة) حتى الاستئصال التام لداعش" .
تقدم لقوات النظام
وكان الجيش السوري أعلن قبل اسبوعين بدء هجوم هدفه السيطرة على الاحياء الشرقية لحلب، وذلك إثر انهيار هدنة في 19 ايلول/سبتمبر كان تم التوصل اليها بموجب اتفاق اميركي روسي وصمدت اسبوعا.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن الخميس "باتت قوات النظام السوري تسيطر على نصف مساحة حي بستان الباشا في وسط مدينة حلب".
واوضح انه "التقدم الاهم لقوات النظام داخل الاحياء التي تسيطر عليها الفصائل منذ العام 2013" وترافق الهجوم مع غارات روسية كثيفة واخرى سورية اوقعت 270 قتيلا على الاقل بينهم 53 طفلا، وفق حصيلة للمرصد. كما تسببت بدمار هائل في الابنية والمستشفيات، ما استدعى تنديدا من حكومات ومنظمات دولية تحدثت عن "جريمة حرب" ترتكب في حلب.
وافاد المرصد الخميس بتراجع وتيرة الضربات الجوية على الاحياء الشرقية في حلب، في وقت تدور اشتباكات عنيفة في حي بستان الباشا.
ويقول الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية إميل حكيم لوكالة فرانس برس "اتخذ النظام وحلفاؤه قرارا بالسيطرة قدر الامكان على شرق حلب وهم يتحركون على هذا الاساس".
وعن اعلان الجيش تقليص ضرباته الجوية على المدينة، يضيف "اعتقد ان اعلانات مشابهة هي في الواقع هامشية. انها خدعة إعلامية".
ولا يستبعد الباحث المتخصص في الشؤون السورية في جامعة ادنبره توما بييريه ان يكون هدف الجيش من هذه الخطوة لجم الضغط الدولي المتزايد على خلفية الوضع في شرق حلب.
والخميس افادت سانا بمقتل ثمانية اشخاص واصابة اكثر من 55 اخرين بجروح "نتيجة قذائف صاروخية أطلقتها المجموعات الارهابية" على حي الجميلية في غرب حلب.
على جبهة اخرى في سوريا، قتل 29 مقاتلا على الأقل من فصائل سورية معارضة مدعومة من انقرة، في تفجير انتحاري تبنته عصابة داعش، عند معبر أطمة على الحدود بين سوريا وتركيا.