شمس باردة وأوكسجين مسموم .. كش رئيس
كتب تامر خرمه
في الأيام الأولى لتشكيل حكومته، بدأ رئيس الوزراء د. عبدالله النسور حملة بروباغاندا استهلها بزيارة خيمة اعتصام الصحافيين، واعدا إياهم بأن البلاد ستشهد أوكسجينا جديدا وشمسا جديدة !!
عبارة النسور الشاعرية جاءت ردا على سؤال حول مصير معتقلي الرأي، حيث كان عدد منهم يخوضون إضرابا عن الطعام، فما كان من الرئيس إلا أن أطلق وعده حول الشمس والهواء راسما ابتسامة لم نكن نعلم مغزاها في تلك اللحظة.
ومضت الأيام دون ان يغيّر الرئيس الشاعري شيء من الواقع العرفي الذي فرضته حكومة الظلّ.. فبقي قانون مصادرة حريّة الصحافة على حاله.. واستمر التمسك بقانون الصوت المجزوء، الذي من شأنه تفتيت المجتمع وتقويض قواه الحيّة.. ومازال هناك من ينتظر شمس النسور وهواءه !
وجاءت شمس النسور وهلّ أوكسجينه.. غير أن تلك الشمس -التي تشرق متأخرا بسبب تزييف التوقيت- لم تكن سوى قرار بتجويع الشعب واستهداف فقراء الوطن برفع الدعم عن المشتقات النفطيّة، تحقيقا لمصالح فئة ضيقة احتكرت السلطة والثروة، وسخرت رئاسة الوزراء لتنفيذ مصالحها المتناقضة مع مصلحة الوطن.
أمّا هواؤه.. فلم يكن سوى الغاز المسيل للدموع، الذي أطلقته قوات الدرك بكثافة على المشاركين في الفعاليات الاحتجاجيّة، تنديدا برفع الأسعار.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، بل تمّ إطلاق يد البلطجيّة، واستخدام الرصاص المطاطي وإبر التخدير المحرّمة ضد المحتجين، ناهيك عن ملاحقة الطلبة في الجامعات واعتقال مئات المواطنين، والإمعان في الضرب والتعذيب بمراكز التوقيف، بل والتفنّن في صياغة المفردات لتوجيه تهم "التقويض" وغيرها من الاتهامات التي قد تصل عقوبتها للإعدام.. وكل ذلك لأن المواطن عبّر عن رفضه لسياسة التجويع !!
خنقنا هواؤك أيّها الرئيس.. وشمسك الباردة قوّضت مصلحة الوطن.. أمّا هبّة تشرين التي يظن من يقف خلفك في الظلّ الأمني السياسي أن القمع سيكون كفيل بها، فما هي سوى مقدّمة لحالة شعبيّة لا تملك أية سلطة تحمّل تبعاتها، فالشعب لم يكتو بنار الأسعار حتى الآن، ولم يلمس نتائج هذه المغامرة الرسميّة التي لا مبرّر للإقدام عليها سوى الإصرار على الانتحار السياسي.. ولا يمكن أن يقبل المواطن بأقلّ من استعادة شمسه وهوائه.