وزارة الذنيبات وعطلة العناني وصدامية حماد تضع حكومة الملقي في مهب الريح
جو 24 :
أحمد عكور - ثلاثة وزراء في حكومة الدكتور هاني الملقي يمكن القول إنهم أصحاب القرار في الحكومة المكلّفة؛ نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات الدكتور محمد ذنيبات، نائب رئيس الوزراء لشؤون الاقتصاد الدكتور جواد العناني، ووزير الداخلية سلامة حماد.. وهي أسماء اعتبرها الشارع الأردني عموما عناصر التأزيم في حكومة الملقي السابقة، وقام الرئيس بتكرارهم في حكومته الجديدة!
في البداية دعونا نلتفت إلى وزير الداخلية حماد والذي ظلّ يلجأ لنهج "الصدام" مع المواطنين في جميع مواقعهم؛ من ذيبان إلى اربد مرورا بالعاصمة عمان، واعتقد بأنه إذا ما كتم الأنفاس فإن الأمور بخير، وهذا اعتقاد خاطئ ووهم كبير تقع به الحكومة وسيهدد أمن الوطن.
المشكلة في حماد أنه لا يستقوي إلا على المواطنين السلميين من أصحاب الحقوق أو أصحاب الرأي، وأما ما دونهم من المجرمين الذين يسيئون إلى هيبة الدولة فلا سلطان له عليهم إلا في حالات ضيقة، والشواهد كثيرة؛ منع مسيرات واعتصامات سلمية كان لها مطالب خدماتية أو فعاليات معبّرة عن آراء سياسية محترمة ووزانة ولا تطال النظام السياسي في الأردن، ومؤخرا كان منع محاضرة اسلامية للداعية الوسطي الدكتور محمد راتب النابلسي وما شهدناه مؤخرا من قمع لاحتجاجات "طلبة مدارس" ومعلمين محتجين على تغيير المناهج، وعدم قدرته على ملاحقة متعاطي وتجار المخدرات في العديد من البؤر الساخنة رغم ترديده عبارة "سنضرب بيد من حديد على كلّ من يتجاوز القانون".
حمّاد لم يتمكن من الحدّ من انتشار المخدرات في العديد من محافظات المملكة، ولم يتمكن الرجل من خفض معدلات الجرائم، كما أنه فشل فشلا ذريعا بحماية العملية الانتخابية رغم أن الجهات السيادية والرسمية تركت له حرية الحركة بما يضمن اجراء انتخابات كادت أن تكون نزيهة لولا الانفلات الأمني الذي شهدته عدة مناطق كان على رأسها دائرة بدو الوسط إلى جانب عدم تمكّن الأجهزة الأمنية من ضبط أي عملية بيع وشراء أصوات بالرغم من بلاغات المواطنين والهيئة المستقلة للانتخاب.
عَطلة العناني
وأما الدكتور العناني، والذي يعتبره مراقبون أحد الأسباب التي ستعطّل عمل الحكومة وفريقها الاقتصادي وبخاصة وزيري الشؤون الاقتصادية يوسف منصور، والصناعة والتجارة يعرب القضاة.
في الحقيقة إن العناني وخلال عمله في حكومة الملقي الأولى لم يفعل شيئا أكثر من التنظير، وهو ما كان يجيده طيلة فترة ابتعاده عن المواقع الوزارية، وأما تأثيره فقد كان سلبيا أكثر من كونه ايجابي، فهو المسؤول بعد الملقي عن أي ارتفاع للرسوم الجمركية أو الغاء الاعفاء عن البضائع (من المركبات وحتى الألبسة والأحذية).
وبالإضافة لعدم تمكن العناني من فرض قرار خفض أسعار المطاعم الشعبية بالقدر المطلوب، فقد أدخل نائب رئيس الوزراء الحكومة في أزمة مع الشارع حول التعديلات التي شهدتها المناهج التعليمية والإشارة إلى أن الآيات القرآنية الواردة فيها تحفّز الارهاب، وذلك على الرغم من تبرؤ وزير التربية ذنيبات من تلك التصريحات، بالاضافة إلى اتفاقية استيراد الغاز من الاحتلال الصهيوني والتي يدافع عنها العناني حتى لو كلّفه ذلك الاساءة للارادة الشعبية الرافضة للاتفاقية.
وزارة الذنيبات..
لعلّه أكثر الوزراء اثارة للجدل في الشارع الأردني، ولعلّ تأثيره السلبي تجاوز قطاع التربية والتعليم إلى التعليم العالي، وما المشكلات والمناوشات التي شهدتها علاقة ذنيبات ووزير التعليم العالي السابق وجيه عويس إلا أكبر دليل على ذلك..
كنّا نعتقد أن الوزير ذنيبات سيستفيد من وجوده في حكومة الدكتور الملقي ويتعلّم من الرئيس كيف أن المسؤول لا يجب أن يجد حرجا بالتراجع عن أي قرار يجد نفسه مخطئا باتخاذه، لكن هذا لم يحدث أبدا، بل على العكس تماما.
احتاج الوزير ذنيبات أربعة أيام من الاحتجاجات العارمة والمتزايدة في محافظات الشمال للاستجابة نسبيا لمطالب الشارع، غير أنه مصرّ على عدم الاستجابة الكاملة لرغبات الطلبة والأهالي والمعلمين، ونحن هنا لا نقول أن العملية التعليمية يجب أن تسير وفقا لرغبات الأهالي والطلبة، ولكنها يجب أن تراعي المنطق الذي يقول بأن الطالب غير قادر على تحمل تلقي المعلومات في تسع حصص كاملة مدة الواحدة 45 دقيقة، ثم يعود إلى منزله بعد ثمانية ساعات كاملة من "التلقي" ليرتاح ثم يخلد للنوم دون أن يراجع دروسه حتى!
وبدا ذنيبات عامل تأزيم أكثر من أي شيء اخر في أزمة المناهج، ورأى الجميع كيف أن الرجل اتخذ من الاتهامية نهجا له في التعاطي مع الاحتجاجات التي عمّت المملكة، واساءته لمعظم المحتجين.
لم يتمكن ذنيبات طيلة ثلاث سنوات ماضية من تخفيض عدد الأميين في الصفوف الابتدائية الأولى، فقد ارتفع العدد الذي أعلنه عام 2013 من 100 ألف طالب لا يجيد القراءة والكتابة إلى 130 ألف في احصائيته الجديدة التي أعلنها مؤخرا.. وهذا تقصير ودليل على فشل سياسته في التعاطي مع المشكلة التي كشف عنها..
ذنيبات، ومنذ توليه وزارة التربية والتعليم وقطاع التعليم الجامعي الخاص يعاني الأمرّين بحسب ما أكده رؤساء جامعات خاصة لـJo24، حيث عمل الرجل على تخفيض نسب النجاح بطرق غير مدروسة ودون وضع علاج لمشكلة تدني مستوى الطلبة.. بل إنه لاحق الطلبة في المناطق النائية والأقلّ حظّا وفرض عليهم قيودا تحدّ من امكانية نجاحهم بتجاوز مرحلة الثانوية العامة.
وخلق ذنيبات أعداء للحكومة والوزارة عبر احالته عددا كبيرا من اصحاب الكفاءات للتقاعد والاستيداع لأسباب شخصية أو تكاد تكون شخصية، كما أنه خسر تأييد المعلمين بمحاربة النقابة التي تمثلهم وتحاول الذود عن مصالحهم ولأسباب غير معلومة، وذلك بالرغم من كون مجلس النقابة الحالي مثلا مدّ أذرعه للوزارة مرارا ولكن دون فائدة..
الواقع أن اولئك الوزراء الثلاث قد وضعوا حكومة الدكتور الملقي في مهبّ الريح قبل الأوان، وهم أنفسهم من سيعيدنا إلى العهد السابق الذي كنا نشهد فيه تشكيل حكومة لثلاثة أو ستة أشهر فقط..