نائب سوري يبيع الحليب والسحلب الشامي في شوارع كندا
جو 24 : نائب سوري مستقل فقد عضويته في البرلمان السوري، وجرد من حقوقه المدنية لمواقفه السياسية، تحوّل بشكل دراماتيكي إلى لاجئ في كندا، يبيع القهوة والكعك في الشوارع.
محمد مأمون بن عادل الحمصي المعروف بمأمون الحمصي، ولد في دمشق عام 1956، مثّل مدينته في مجلس المحافظة من 1986 إلى عام 1990، وحينها أصبح نائباً مستقلاً في البرلمان السوري عن مدينة دمشق تحدث في إحدى المقابلات الصحافية عن تجربته في مجلس الشعب السوري وعن فترة اعتقاله في سوريا بين عامي 2001 ـ 2006 وقال إن النظام السوري أجبره على ترك وطنه ليذهب إلى لبنان والتي بدورها قامت بترحيله بعد محاولات عدة لخطفه واغتياله، كما تحدّث عن مهنته الجديدة في بيع الحليب والقهوة في شوارع فانكوفر في كندا وأمور أخرى.
■ عندما كنتَ نائباً في البرلمان السوري أعلنت عن اعتصام وإضراب عن الطعام، ما هو سبب هذا الاعتصام وماذا كانت مطالبك؟
□ فتح البرلمان السوري باب ترشيح المستقلين عام 1990 وكنّا آنذاك 83 نائباً مستقلاً، وقد شهدت تلك الفترة حراكاً جيداً ولكنه لم يرق لما يريده الشعب، مع قدوم بشار الأسد إلى سدة الحكم عام 2000 حاول النظام استغلال هذا الحراك لإظهاره أمام الوفود الأجنبية التي تزور دمشق من خلال رؤية نقاشات حادّة في سدّة المجلس العليا، وهنا قررنا أنا وبعض الزملاء أمثال محيي الدين حبوش وغيره أن نقوم بالتصعيد فأعلنت عن اعتصام لمدة سبعة أيام وإضراب عن الطعام، محدداً مطالبي بعشر نقاط أبرزها المطالبة بقدسية الدستور، والحد من حالات الطوارئ، وإلغاء الأوامر العرفية، كما طالبت بسيادة القانون وملاحقة الفساد، ورفع أيدي بعض المسؤولين وأبنائهم عن خيرات الوطن، بالإضافة إلى الحد من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة اليومية للمواطن السوري وتشكيل لجنة برلمانية لحماية حقوق الإنسان.
■ كيف تم اعتقالك وكيف تصف فترة السجن؟
□ قمت بالاعتصام داخل مكتبي ثلاثة أيام متتالية مضرباً فيها عن الطعام، وأتحدث إلى وكالات الأنباء المحلية والدولية، ولكن في صباح اليوم الرابع عند الساعة السادسة فجراً جاءت قوة أمنية واعتقلتني لأكون أول نائب في برلمان يتم اعتقالي بسبب رأي، وإثر ذلك تشكلت لجنة في البرلمان الدولي للمطالبة بإطلاق سراحي وهذا ما شكّل ضغطاً على بشار الأسد، وفي الأيام العشرة الأولى جاء إلى السجن زملاء «مستقلون» أحترمهم وأكنّ لهم كل التقدير وكان ذلك بحضور مدير السجن وسألوني عن طريقة لإنهاء الموضوع فكان جوابي حينها أنني لن أقوم بإنهاء الموضوع إلا باعتذار شخصي من بشار الأسد.
بعد ذلك استدعاني وزير الداخلية اللواء علي حمود مرتين وطلب منّي كتابة طلب استرحام لبشار الأسد كي يتم إخراجي من السجن فقلت له «إن خانت أصابيعي قلبي سأقوم بقطعها فأنا نائب وأمثّل شعباً كاملاً».
■ ماذا تحدّثنا عن رحلة خروجك من سوريا حتى وصلت إلى كندا؟
ـ في شباط/فبراير عام 2006 خرجت من السجن وبعدها بأسبوع تم اعتقالي مجدداً من قبل أمن الدولة بسبب حجم الضغط الشعبي الكبير الذي جاء لتهنئتي بخروجي من السجن، بعد ذلك بـ 15 يوماً استلم ملفّي اللواء آصف شوكت والذي قام بمداهمة سبعة بيوت من عائلتي في ليلة واحدة ليعتقلني مجدداً وبعد أن وضع عناصر دائمين حول بيتي اضطرت إلى الخروج من سوريا، فذهبت إلى الأردن ثم إلى لبنان حيث أقمت في منطقة عاليه مع أهلها الطيبين وبعد محاولات عديدة لاغتيالي واختطافي، اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بطردي من لبنان بعد أربع سنوات من إقامتي فيها أتنقل بين بيوت متواضعة مؤلفة من غرفة وصالة صغيرة، ولأنني كنت لاجئاً سياسياً اخترت كندا لأسافر إليها والتي استقبلتني وقدمت لي الرعاية والحماية/ واليوم أنا أحمل الجنسية الكندية ووطني الثاني هو كندا.
■ مؤخرا انتشرت لك صورة وأنت تبيع الحليب والقهوة في شوارع كندا، منذ متى وأنت تمارس هذه المهنة وما هي تفاصيل انتشار هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ أنا أبيع الحليب والقهوة في شوارع فانكوفر في كندا منذ شهر تقريباً، فبعد وفاة والدتي بدأتُ هذا العمل لأنني كنت دائماً أحرص على مشاعرها محاولاً باستمرار أن لا أزيد من عذاباتها وعذابات أهلي وأحبتي ممن هم حولي، في أحد الأيام جاءني بعض شبيحة نظام الأسد لشراء الحليب وقاموا بتصويري خلسة بعد أن رفضت التصوير، في صبيحة اليوم التالي وبينما أنا أبيع الحليب اتصلت بي زوجتي وقالت لي «فضيحة» وأخبرتني عن نشر صور لي وأنا أبيع على العربة، فكانت ردة فعلي أن ابتسمت قائلاً لها: «دعيني أبيع قطع الكيك والحليب ومساءً سأعالج الأمر»، وعندما عدت إلى البيت مساء ً كتبت القصة بالتفصيل على صفحتي على الفيسبوك، وفي صباح اليوم التالي اتصل بي زميلي محيي الدين حبوش وقال لي «مبروك وسام الشرف يا أبا ياسين، هنيئاً لك فكل أحرار سوريا قد انتفضوا لأجلك».
المفارقة في الأمر أن نظام الأسد وشبيحته لم يتركوا فرصة إلا وحاولوا التشهير بي واتهامي بالفساد في أحضان المسؤولين الدوليين والعرب وبأنني بنيت ثروات من دماء السوريين، واليوم يقومون بنعتي بأنني أبيع الحليب والقهوة على العربة في شوارع كندا، وأنا أقول بأنني ربحت هذا الوسام الذي أعتز به، فأنا تربيت في بيوت دمشقية عريقة تعلمت فيها أن المال الحلال يأتي من عرق الجبين وليس من دماء الأبرياء كما يفعل أتباع النظام السوري كل يوم، فكل الشكر لأحرار سوريا، وكل الاحترام والحب لكل شخص وقف بصدق وإخلاص مع القضية السورية، فلا أستطيع أن أحصي عدد الذين تواصلوا معي وقالوا لي بأن واجبنا يحتّم علينا أن نرسل إليك المال وكان جوابي بأن واجبكم أن ترسلوا المال إلى المعذبين في الداخل السوري، وأما أنا فلن أتاجر بدماء وعذابات شعبنا الحبيب بكل أطيافه ومكوناته وبإذن الله سأبقى على العهد مدى الحياة وبكل فخر واعتزاز بائع الحليب والسحلب الشامي والقهوة العربية في شوارع كندا.
القدس العربي
محمد مأمون بن عادل الحمصي المعروف بمأمون الحمصي، ولد في دمشق عام 1956، مثّل مدينته في مجلس المحافظة من 1986 إلى عام 1990، وحينها أصبح نائباً مستقلاً في البرلمان السوري عن مدينة دمشق تحدث في إحدى المقابلات الصحافية عن تجربته في مجلس الشعب السوري وعن فترة اعتقاله في سوريا بين عامي 2001 ـ 2006 وقال إن النظام السوري أجبره على ترك وطنه ليذهب إلى لبنان والتي بدورها قامت بترحيله بعد محاولات عدة لخطفه واغتياله، كما تحدّث عن مهنته الجديدة في بيع الحليب والقهوة في شوارع فانكوفر في كندا وأمور أخرى.
■ عندما كنتَ نائباً في البرلمان السوري أعلنت عن اعتصام وإضراب عن الطعام، ما هو سبب هذا الاعتصام وماذا كانت مطالبك؟
□ فتح البرلمان السوري باب ترشيح المستقلين عام 1990 وكنّا آنذاك 83 نائباً مستقلاً، وقد شهدت تلك الفترة حراكاً جيداً ولكنه لم يرق لما يريده الشعب، مع قدوم بشار الأسد إلى سدة الحكم عام 2000 حاول النظام استغلال هذا الحراك لإظهاره أمام الوفود الأجنبية التي تزور دمشق من خلال رؤية نقاشات حادّة في سدّة المجلس العليا، وهنا قررنا أنا وبعض الزملاء أمثال محيي الدين حبوش وغيره أن نقوم بالتصعيد فأعلنت عن اعتصام لمدة سبعة أيام وإضراب عن الطعام، محدداً مطالبي بعشر نقاط أبرزها المطالبة بقدسية الدستور، والحد من حالات الطوارئ، وإلغاء الأوامر العرفية، كما طالبت بسيادة القانون وملاحقة الفساد، ورفع أيدي بعض المسؤولين وأبنائهم عن خيرات الوطن، بالإضافة إلى الحد من تدخل الأجهزة الأمنية في الحياة اليومية للمواطن السوري وتشكيل لجنة برلمانية لحماية حقوق الإنسان.
■ كيف تم اعتقالك وكيف تصف فترة السجن؟
□ قمت بالاعتصام داخل مكتبي ثلاثة أيام متتالية مضرباً فيها عن الطعام، وأتحدث إلى وكالات الأنباء المحلية والدولية، ولكن في صباح اليوم الرابع عند الساعة السادسة فجراً جاءت قوة أمنية واعتقلتني لأكون أول نائب في برلمان يتم اعتقالي بسبب رأي، وإثر ذلك تشكلت لجنة في البرلمان الدولي للمطالبة بإطلاق سراحي وهذا ما شكّل ضغطاً على بشار الأسد، وفي الأيام العشرة الأولى جاء إلى السجن زملاء «مستقلون» أحترمهم وأكنّ لهم كل التقدير وكان ذلك بحضور مدير السجن وسألوني عن طريقة لإنهاء الموضوع فكان جوابي حينها أنني لن أقوم بإنهاء الموضوع إلا باعتذار شخصي من بشار الأسد.
بعد ذلك استدعاني وزير الداخلية اللواء علي حمود مرتين وطلب منّي كتابة طلب استرحام لبشار الأسد كي يتم إخراجي من السجن فقلت له «إن خانت أصابيعي قلبي سأقوم بقطعها فأنا نائب وأمثّل شعباً كاملاً».
■ ماذا تحدّثنا عن رحلة خروجك من سوريا حتى وصلت إلى كندا؟
ـ في شباط/فبراير عام 2006 خرجت من السجن وبعدها بأسبوع تم اعتقالي مجدداً من قبل أمن الدولة بسبب حجم الضغط الشعبي الكبير الذي جاء لتهنئتي بخروجي من السجن، بعد ذلك بـ 15 يوماً استلم ملفّي اللواء آصف شوكت والذي قام بمداهمة سبعة بيوت من عائلتي في ليلة واحدة ليعتقلني مجدداً وبعد أن وضع عناصر دائمين حول بيتي اضطرت إلى الخروج من سوريا، فذهبت إلى الأردن ثم إلى لبنان حيث أقمت في منطقة عاليه مع أهلها الطيبين وبعد محاولات عديدة لاغتيالي واختطافي، اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بطردي من لبنان بعد أربع سنوات من إقامتي فيها أتنقل بين بيوت متواضعة مؤلفة من غرفة وصالة صغيرة، ولأنني كنت لاجئاً سياسياً اخترت كندا لأسافر إليها والتي استقبلتني وقدمت لي الرعاية والحماية/ واليوم أنا أحمل الجنسية الكندية ووطني الثاني هو كندا.
■ مؤخرا انتشرت لك صورة وأنت تبيع الحليب والقهوة في شوارع كندا، منذ متى وأنت تمارس هذه المهنة وما هي تفاصيل انتشار هذه الصور على مواقع التواصل الاجتماعي؟
ـ أنا أبيع الحليب والقهوة في شوارع فانكوفر في كندا منذ شهر تقريباً، فبعد وفاة والدتي بدأتُ هذا العمل لأنني كنت دائماً أحرص على مشاعرها محاولاً باستمرار أن لا أزيد من عذاباتها وعذابات أهلي وأحبتي ممن هم حولي، في أحد الأيام جاءني بعض شبيحة نظام الأسد لشراء الحليب وقاموا بتصويري خلسة بعد أن رفضت التصوير، في صبيحة اليوم التالي وبينما أنا أبيع الحليب اتصلت بي زوجتي وقالت لي «فضيحة» وأخبرتني عن نشر صور لي وأنا أبيع على العربة، فكانت ردة فعلي أن ابتسمت قائلاً لها: «دعيني أبيع قطع الكيك والحليب ومساءً سأعالج الأمر»، وعندما عدت إلى البيت مساء ً كتبت القصة بالتفصيل على صفحتي على الفيسبوك، وفي صباح اليوم التالي اتصل بي زميلي محيي الدين حبوش وقال لي «مبروك وسام الشرف يا أبا ياسين، هنيئاً لك فكل أحرار سوريا قد انتفضوا لأجلك».
المفارقة في الأمر أن نظام الأسد وشبيحته لم يتركوا فرصة إلا وحاولوا التشهير بي واتهامي بالفساد في أحضان المسؤولين الدوليين والعرب وبأنني بنيت ثروات من دماء السوريين، واليوم يقومون بنعتي بأنني أبيع الحليب والقهوة على العربة في شوارع كندا، وأنا أقول بأنني ربحت هذا الوسام الذي أعتز به، فأنا تربيت في بيوت دمشقية عريقة تعلمت فيها أن المال الحلال يأتي من عرق الجبين وليس من دماء الأبرياء كما يفعل أتباع النظام السوري كل يوم، فكل الشكر لأحرار سوريا، وكل الاحترام والحب لكل شخص وقف بصدق وإخلاص مع القضية السورية، فلا أستطيع أن أحصي عدد الذين تواصلوا معي وقالوا لي بأن واجبنا يحتّم علينا أن نرسل إليك المال وكان جوابي بأن واجبكم أن ترسلوا المال إلى المعذبين في الداخل السوري، وأما أنا فلن أتاجر بدماء وعذابات شعبنا الحبيب بكل أطيافه ومكوناته وبإذن الله سأبقى على العهد مدى الحياة وبكل فخر واعتزاز بائع الحليب والسحلب الشامي والقهوة العربية في شوارع كندا.
القدس العربي