مقاه في مصر تعتذر عن تقديم مشروبات فيها سكر
داخل أحد المقاهي في العاصمة المصرية القاهرة، يقدم النادل بصوت مرتفع، اعتذاره من الزبائن عن تقديم أية مشروبات ساخنة تحتوي على السكر، لعدم توفره.
وبالنسبة للنادل، فهي المرة الأولى التي يشهد نقصاً حاداً في سلعة السكر تدفع المقهى للاعتذار من زبائنه عن تقديم المشروبات الساخنة لعدم توفر سلعة السكر.
ويعكس الموقف الذي شهده المقهى، جانباً من أزمة تفجرت مؤخراً في مصر، تتجسد في نقص مادة السكر في البلاد، التي يرجعها خبراء ومراقبون إلى أسباب تبدأ بأزمة الدولار ولا تنتهي بالاحتكار وغياب الرقابة.
وتفاقمت أزمة نقص السكر في مصر خلال الأسابيع الماضية، وتجسدت على شكل طوابير طويلة من المواطنين الذين اصطفوا أمام المجمعات الاستهلاكية، للحصول على رطل (3 كيلو).
تتزامن أزمة السكر، مع إعلان وزير التموين محمد علي مصيلحي، في 9 من الشهر الجاري, أن أرصدة السكر في البلاد آمنة حتى فبراير/ شباط 2017.
وأعلن الوزير المصري الأحد الماضي، أن الوزارة تعاقدت على شراء 134.300 ألف طن سكر ستكون جاهزة للضخ في الأسواق الشهر المقبل، إضافة إلى 500 ألف طن، لضمان الحفاظ على استقرار الأسواق الداخلية من أي تغيرات للأسعار العالمية للسكر.
وبحسب مواطنين، فإن السكر أصبح يباع (على نطاق ضيق في بعض المحافظات)، بعيداً عن محال السوبرماركت، في أسواق أشبه بـ "السوق السوداء".
وتعمل في مصر 5 شركات حكومية لإنتاج السكر، إضافة إلى شركتين من القطاع الخاص.
وارتفعت أسعار السكر من نحو 4 جنيهات (48 سنتاً) للكيلو، سواء في السوق الحر أو بطاقات التموين في عام 2015، إلى 5 جنيهات (52 سنتاً) للكيلو في بطاقات التموين ونحو 10 جنيهات في السوق الحر، ونحو 13 جنيها في السوق الموازية (السوداء).
تأتي هذه التطورات المثيرة، بحسب مراقبين، رغم إعلان مجلس الوزراء المصري في نهاية مايو/ أيار 2016، أن الاحتياطي الاستراتيجي من السكر يغطي حاجات البلاد حتى مطلع عام 2017.وقررت مصر في ذات الشهر إعفاء مستوردي السكر الخام من الرسوم الجمركية لنهاية 2016، وفرضت رسوماً على صادرات السكر بواقع 900 جنيه (101دولار) للطن.
وأعلنت وزارة التموين المصري الإثنين الماضي، عن طرح خمسين ألف طن سكر على مراحل عبر سيارات الوزارة المتنقلة بميادين المحافظات، مقابل 6 جنيهات للكيلو جرام.
وقال محمود حسونة أمين النقابة العامة للبدالين التموينيين في مصر (أهلية وتضم 26 ألف تاجر)، إن نسبة العجز في مادة السكر تصل إلى نحو 30% في المتوسط، مع وجود تباين في النسبة حيث تصل إلى نحو 40% في بعض المحافظات.
وأضاف حسونة للأناضول، أن"كبار التجار" يقفون وراء نقص السكر في الأسواق حالياً، بعد سحبه وتخزينه ترقباً لارتفاع الأسعار في قادم الأيام.
واعتبر أن "عدالة التوزيع" لمادة السكر بين المحافظات والمناطق، كفيلة بتراجع نسبة العجز إلى نحو 20% خلال نحو 20 يوماً أو شهر على الأكثر.وأرجع استاذ الاقتصاد الزراعي المصري، جمال صيام، أزمة السكر الحالية والتي وصفها بأنها الأولى من نوعها في البلاد، إلى عدة عوامل.
وبحسب صيام، تتضمن العوامل كثرة الحديث عن قرب تعويم العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار، إضافة إلى عدم تفعيل قانون مكافحة الاحتكار، وفشل الحكومة في ضبط الأسواق والرقابة عليها.
ووصف صيام في حديثه مع الأناضول أزمة السكر الحالية، بأنها "غريبة ومثيرة لعلامات استفهام كثيرة لدرجة تدعو إلى الريبة والشك".
وقال: "مصر تنتج نحو 2 مليون طن من السكر، ويبلغ الاستهلاك المحلي نحو 3 ملايين طن، ويتم سد الفجوة التي تصل إلى مليون طن، عبر الاستيراد سواء الحكومة أو القطاع الخاص.ويرى مراقبون أن أزمة نقص السكر، قد تستمر رغم محاولات حكومية، حتى موسم الإنتاج الجديد من قصب السكر، في يناير/ كانون ثاني والبنجر في فبراير/ شباط من العام المقبل.
ووصلت أزمة السكر إلى أروقة النيابة والأمن في مصر، فقد أمرت النيابة العامة المصرية مطلع الأسبوع الجاري بضبط وإحضار معارضين، من أنصار جماعة الإخوان المسلمين (تدرجها الحكومة إرهابية)، وكلف قطاع الأمن الوطني (جهاز شرطي) لملاحقتهم.
واتهم النائب العام المصري، المطلوبين، بـ"تأسيس خلية (خلية السكر) تابعة للتنظيم (الإخوان)، مهمتها التخطيط لجمع السكر وبعض السلع الاستراتيجية من الأسواق؛ بهدف إثارة الرأي العام"، وهو ما تنفيه الجماعة. الراي