اقتراح وزير تربية يثير الجدل.. الرقص والموسيقى بدل العلوم بالمدرسة!
تحدث وزير التربية التونسي ناجي جلول عما سمّاه "فلسفة الإصلاح التربوي"، واقترح تقليص تدريس المواد العلمية للتلاميذ على غرار الرياضيات والفيزياء والعلوم مقابل إفساح المجال والوقت أكثر لمواد ترفيهية أخرى كالرقص والموسيقى والرياضة بهدف خلق "طفل سعيد ومتوازن"، وذلك في حوار له لبرنامج "24/7" على قناة الحوار التونسي.
وانتقد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي بمن فيهم مربون ونقابيون، بشكلٍ لاذع الوزير جلُّول، بسبب ما اعتبروه "تمييعاً" للتدريس والابتعاد عن قضايا أهم، تخص منظومة الإصلاح التربوي في تونس بالتشاور مع لجان الاختصاص من داخل الوزارة ومع النقابات.
صراع الوزير ولجان الإصلاح
بدوره أعرب لسعد اليعقوبي، كاتب عام نقابة التعليم الثانوي، عن استغرابه من تصريح وزير التربية في تونس وتعامله مع الشأن التربوي وعملية الإصلاح بشكل "غير مسؤول"، حسب وصفه.
واعتبر اليعقوبي أن "المسؤولية تحتم على الوزير احترام لجان الإصلاح التربوي في إطار اتفاق مسبق أبرم بين لجان من وزارة التربية والاتحاد العام التونسي للشغل والمعهد العربي لحقوق الإنسان"، مضيفاً: "وفي تصريحات الوزير الأخيرة محاولة للتشويش على عمل اللجان، وهو أمر نرفضه وندينه".
ورأى اليعقوبي أن "تصريحات الوزير الأخيرة هي محاولة منه لفرض أمر واقع من خلال الحديث عبر وسائل الإعلام ليتحول بعد ذلك المقترح لواقع وأمر مفروض داخل لجان الإصلاح التربوي"، مستدركاً: "الوزير حاول فرض إملاءاته الخاصة بالزمن المدرسي وفي امتحانات السنة السادسة والتاسعة، لكننا رفضنا ذلك وتصدينا له ونحن نجدد له دعوتنا بالكفّ عن كل ذلك".
ورداً على تصريح الوزير الذي اتهم فيه البعض بـ"قيادة حملة ممنهجة بقصد تشويه صورته"، قال النقابي إن "الوزير بتصريحاته المثيرة للجدل هو من يدفع لتوسيع دائرة الغاضبين عليه باعتباره غير منسجم مع عمل اللجان التربوية، وهو من أعطى الفرصة للتونسيين للحديث معه بهذه الطريقة بعد تصويره الإصلاح التربوي بتلك الطريقة الكاريكاتيرية".
وختم اليعقوبي قائلاً: "نحن نريد توزاناً كاملاً بين كل المواد العلمية والأدبية وغيرها من المواد الإبداعية، ولكن في إطار عملية تربوية كاملة ومتوازنة وليس بأسلوب أضر بسمعة التربية كثيراً، وكأننا نتحدث عن طبق رمضاني نضيف هذه المادة ونقلص من تلك".
رأيٌ آخر
حديث وزير التربية حول إدخال مواد ترفيهية كالموسيقى والرياضة والرقص، سانده عددٌ من التونسيين الذين اعتبروا أن التلميذ بحاجة لهذه المواد للترفيه، ومنهم من ذهب لأبعد من ذلك، إذ كتبت الباحثة الجامعية نايلة السليني تدوينة عبر صفحتها الرسمية بفيسبوك - حذفتها فيما بعد - أعلنت خلالها تأييدها التام لمقترح الوزير ناجي جلول بالتقليص في المواد العلمية وتعويضها بالمواد الترفيهية، قائلة إن "طلبة العلوم والفيزياء والرياضيات هم الأكثر انخراطاً في صفوف داعش من غيرهم من دارسي الأدب والفنون وبأن دارسي العلوم هم من ذوي العقول المتصلبة والمتحجرة".
هل كان خطأ في الفهم؟
من جهته، اعتبر السيد عبدالله عطية، مفتش في المدارس الابتدائية والمعاهد، أن "تصريح الوزير تم فهمه بشكل خاطئ، مضيفاً: "حين نتحدث عن إدخال مادة الرقص لا نقصد بها العراء ولا تمييع الأجيال التربوية بل نتحدث عن الرقص كرياضة وكعقل سليم في جسم سليم فاحتياجات هذا الجيل تختلف عن احتياجات الأجيال السابقة".
ورأى عطية أن "المراجعة الخاصة في المنظومة التربوية في تونس لابد أن تشمل "شبكة التعليمات الخاصة، منها توقيت توزيع الحصص المدرسية الخاصة بالمواد، مشدداً على ضرورة خلق توازن بين المواد العلمية والأدبية وإزاحة تلك الفكرة الخاطئة التي تقوم على تمييز دارسي العلوم الصحيحة عن زملائهم في الأدب واللسانيات".
وختم قائلاً: "لابد أن نزيح تلك الفكرة من أذهان التونسيين، إننا حين نضاعف حصص مادة الفلسفة والرياضيات فإننا سننتج بذلك فيلسوفاً أو عالماً".
(هافنغتون بوست)