ملحم بركات مشى بطريقه.. قبل أن يكشف الأسرار
كان يدرك الموسيقار في سره وفي عز صراعه الخاطف مع المرض ان الأخير سيغلبه، هو الذي صارح الفنانة كارول صقر بأنه لن يعود ليغني حين زارته في المستشفى، داعية اياه للعودة متعافيا ليغنيا معا، حتى رفيق الدرب ورفيق اللحن الشاعر نذار فرنسيس الذي لم يفارق ملحم بركات طوال رقوده في المستشفى كان اكثر من يدرك وضع الموسيقار المستعصي على الشفاء، لكنه لم يفصح بكلمة للاعلام عن الدواعي الحقيقية وراء خطورة الوضع.
زوجة «أبومجد» وأم أولاده الثلاثة حاولت بدورها مرارا عبر الصحافة التأكيد على ان وضع الموسيقار في تحسن وانه سيغادر المستشفى فور اتمام علاجه وزوال الالتهابات التي يعاني منها في الرئتين بشكل خاص، الجميع كتم قساوة الوضع باستثناء الاعلامية نضال الأحمدية التي كشفت منذ لحظة دخول ملحم بركات المستشفى قبل شهر تقريبا ان الموسيقار يصارع المرض الخبيث العابث بكل جسده وان زوجته السابقة الفنانة مي حريري ولدى علمها بالأمر انتحبت بمرارة، وكانت بعض الاقلام التي استعجلت اكثر من مرة في شهر مرض الموسيقار الاعلان عن وفاته اغاظت واغضبت ابنته التي كتبت قبل اسبوع من وفاة والدها عبر حسابها الخاص على «فيسبوك»: «يا عيب الشوم على الفنانين والاعلاميين المقرفين، خافوا الله».
ملحم بركات الذي خطفه المرض وهو لا يزال في غمرة ابداعه الفني كان قد اطل قبل نحو شهرين في مقابلة عبر اذاعة «لبنان الحر» شاء القدر ان تكون الاخيرة له، اطل ليعلن انه حصل اخيرا على الجنسية الاميركية ورغم فكرة الهجرة الى الولايات المتحدة التي كثيرا ما راودته الا انه يرفض مغادرة لبنان، وقال انه عندما يقرر اعتزال الفن سيكشف اشياء كثيرة مخيفة وبالأسماء في الفن والسياسة وكل شيء، اعلن ايضا انه يفكر في تصوير سهرة موسيقية ضخمة على شاشة محطة «LBCI» يغني فيها برفقة اوركسترا كبرى ليلمس الجميع كيف هو ملحم بركات في الغناء الحي، تحدث عن فنانين لا يستحقون قطرة ماء وهم كثيرون ويغيظونه، تحدث عن فنانين كثر تفضل عليهم ثم ندم وندم كثيرا، ملحم بركات وبعد رحيله عن واحد وسبعين عاما، وبعدما غنى في مشواره الفني الحافل «سلم عليها يا هوى»، «على بابي واقف قمرين»، «حبيبي انت»، «يا حبي اللي غاب»، «جيت بوقتك»، «يا صمتي يا معذبني»، «بدك مليون سنة»، و«مشيت بطريقي»، «كيف»، «ولا مرة»، «تعا ننسى»، «الفرق ما بيني وبينك» وغيرها من الاغنيات التي عشقها الجمهور العربي ورددها، نعاه الوسط الفني والاعلامي والسياسي بأرق الكلمات غارفا من مضمون أغنياته ومستذكرا لها، أما آخر حفلات الموسيقار في لبنان فكانت في شهر سبتمبر الماضي ضمن مهرجانات لبنان الصيفية وتحديدا ضمن مهرجان قرطبة حيث يروي بعض الحاضرين ان الموسيقار كان عصبي المزاج ومتعبا وقد طلب ان يستريح على كرسي أثناء الحفل، «أبومجد» أحد صناع مجد الأغنية اللبنانية استراح اليوم الى الابد ومشى بطريقه آخذا اسرارا كثيرة كان ينوي كشفها، مشى في غفلة من محبيه الى المقلب الآخر، هو الذي قال في احدى روائعه: «وحدي انا رح ابقى وحدي، ماشي انا والسما على طول».
اليوم الأحد يشيع أهالي كفرشيما، والوسط الفني الفنان الكبير ملحم بركات، حيث يصلى عليه ظهرا في كنيسة مار نقولا للروم الارثوذكس في الاشرفية - بيروت، ويوارى جثمانه الثرى بمدافن العائلة في مسقط رأسه.الانباء