النظام إذ يلوح بـ«خيار شمشون» ؟!
عريب الرنتاوي
جو 24 : تحريك النظام السوري لأسلحته الكيماوية، تطور لافت في الأزمة السورية، استدعى قيام واشنطن بتوجيه تحذيرات جدية للنظام في دمشق، ليس عبر وسائل الإعلام فقط، وإنما من خلال القنوات “الموثوقة” التي يدرك النظام أنها “لن تكذب” عليه: موسكو..وهي تحذيرات تطاول حواف التدخل العسكري.
نحن لا نعرف على وجه الدقة، لماذا حرّك النظام منظومته الاستراتيجية، هل بغرض تأمينها بعد أن تهاوت قبضته على مناطق ومساحات متزايدة من الأراضي السورية، وبعد أن بدأ يفقد قواعده العسكرية والجوية ومراكز أفواجه وألويته تباعاً، في محيط دمشق ومناطق الشمال والشمال – الشرقي وصولاً إلى جنوب سوريا والمناطق الحدودية مع الأردن.
أم أن النظام الذي لجأ في الأشهر الأخيرة إلى تصعيد استخدامه لسلاح الجو وأسلحته الثقيلة، قرر تفعيل نظرية “هدم المعبد”، واعتماد وسائل مستوحاة من تجربة النظام العراقي في استخدامه المفرط للقوة “الكيماوية” ضد أكراد الشمال...سؤال بدأ يثير الكثير من علامات الإستفهام وإمارات القلق.
يقول البعض، أن النظام بإقدامه على “تحريك” سلاحه الكيماوي، ربما يكون أراد “توجيه” رسائل قوية للمعارضة المسلحة والأطراف الإقليمية والدولية التي تدير الحرب من غرف عمليات مشتركة في تركيا وداخل الأراضي السورية، بأنه ذاهب في “حرب البقاء” حتى المعركة الأخيرة، ومهما كان الثمن وبلغت الكلفة...وهذا سيناريو من ضمن سيناريوهات مرجحة..لكن السؤال الذي يظل مع ذلك من دون جواب: هل بلغ النظام “اللحظة الحرجة”؟..هل وصل إلى طريق مسدود؟...هل أخذت لحظة الحقيقة والاستحقاق تقرع أبوابه السميكة وغرفه المحصنة؟...أسئلة وتساؤات لا بد من انتظار بعض الوقت، لمعرفة الإجابة الأكثر وضوحاً عنها.
خلال الأسابيع القليلة الفائتة، طرأ تطور ملحوظ على “ميزان القوى على الأرض” في الحرب المفتوحة على سوريا...النظام يتراجع بسرعة ملحوظة في الميدان..المعارضة تتقدم على مختلف الجبهات، وسط انتظار شديد لـ”معركة دمشق الثانية”، التي يُقال أنها باتت وشيكة، بعد أن حشدت المعارضة أكثر من أربعين ألف مسلح في أطرافها وحواريها وأحيائها، في إطار خطة منسقة، يبدو أن “خبراء” و”جنرالات” غير سوريين، هم من وضعها وهم من يشرف على تنفيذها...نوعية المواجهات العسكرية الأخيرة، تدلل على دخول أسلحة وخبرات جديدة إلى ساحة القتال، تؤكد وجود إدارة جديدة للمعارك ومستويات مختلفة من القيادة والتحكم والسيطرة.
النظام يدرك كل ذلك، ولديه من المعرفة بمجريات الأمور، أكثر من غيره..وهو في الحقيقة بات محشوراً بين خيارين: أما الإدلاء بخطاب “الآن فهمتكم” والمغادرة إلى ملاذ آمن، أو سلوك خيار “الطلقة الأخيرة” و”الرمق الأخير” على طريقة القذافي وصدام حسين...ومن الواضح تماماً أن الخيار الأخير، بات مرجحاً، ومعظم المؤشرات تؤكد سير النظام على طريقه.
ربما يدور في “العقل الباطن” للنظام، أن التلويح بـ”خيار شمشون” وإبداء الإصرار على “الطلقة الأخيرة”، ليس في واقع الأمر، سوى محاولة لتحسين شروطه التفاوضية، وأن ورقة تدمير سوريا قد يكون لها وقعها على الأطراف، لإرغامها على التفاوض حول “صفقة” تنقذ ما يمكن إنقاذه من النظام...هذا احتمال، وهو احتمال تراهن عليه أيضاً، قوى إقليمية (إيران) ودولية (روسيا) داعمة للنظام، ولا تريد لمعركة الحسم معه أن تنتهي إلى هزيمته وهزيمتها..ولا يمكن بحال من الأحوال، التقليل من أهمية هذا العامل في دفع وتحفيز، العملية السياسية.
لكن عنصر “المقامرة” في هذا الخيار، تكمن في صعوبة التحكم به حتى نهاية المطاف، والجزم بأنه سيستثير عناصر الحل السياسي فقط، فثمة احتمال آخر، وهو أن يستدعي هذا الاستخدام المفرط للقوة، إلى التفكير بخيارات وبدائل عسكرية لحسم الأزمة السورية، وإذا ما استمر النظام في مغامرته غير المحسوبة هذه، فقد يدفع ذلك دولاً وأطراف ما زالت “مترددة”، لحسم ترددها والنزول بكثافة إلى ساحة “الحسم العسكري”.
أيام وتتضح الوجهة التي ستسلكها التطورات في سوريا، سيما إن قُدّر لمعركة دمشق، أن تبدأ.
(الدستور)
نحن لا نعرف على وجه الدقة، لماذا حرّك النظام منظومته الاستراتيجية، هل بغرض تأمينها بعد أن تهاوت قبضته على مناطق ومساحات متزايدة من الأراضي السورية، وبعد أن بدأ يفقد قواعده العسكرية والجوية ومراكز أفواجه وألويته تباعاً، في محيط دمشق ومناطق الشمال والشمال – الشرقي وصولاً إلى جنوب سوريا والمناطق الحدودية مع الأردن.
أم أن النظام الذي لجأ في الأشهر الأخيرة إلى تصعيد استخدامه لسلاح الجو وأسلحته الثقيلة، قرر تفعيل نظرية “هدم المعبد”، واعتماد وسائل مستوحاة من تجربة النظام العراقي في استخدامه المفرط للقوة “الكيماوية” ضد أكراد الشمال...سؤال بدأ يثير الكثير من علامات الإستفهام وإمارات القلق.
يقول البعض، أن النظام بإقدامه على “تحريك” سلاحه الكيماوي، ربما يكون أراد “توجيه” رسائل قوية للمعارضة المسلحة والأطراف الإقليمية والدولية التي تدير الحرب من غرف عمليات مشتركة في تركيا وداخل الأراضي السورية، بأنه ذاهب في “حرب البقاء” حتى المعركة الأخيرة، ومهما كان الثمن وبلغت الكلفة...وهذا سيناريو من ضمن سيناريوهات مرجحة..لكن السؤال الذي يظل مع ذلك من دون جواب: هل بلغ النظام “اللحظة الحرجة”؟..هل وصل إلى طريق مسدود؟...هل أخذت لحظة الحقيقة والاستحقاق تقرع أبوابه السميكة وغرفه المحصنة؟...أسئلة وتساؤات لا بد من انتظار بعض الوقت، لمعرفة الإجابة الأكثر وضوحاً عنها.
خلال الأسابيع القليلة الفائتة، طرأ تطور ملحوظ على “ميزان القوى على الأرض” في الحرب المفتوحة على سوريا...النظام يتراجع بسرعة ملحوظة في الميدان..المعارضة تتقدم على مختلف الجبهات، وسط انتظار شديد لـ”معركة دمشق الثانية”، التي يُقال أنها باتت وشيكة، بعد أن حشدت المعارضة أكثر من أربعين ألف مسلح في أطرافها وحواريها وأحيائها، في إطار خطة منسقة، يبدو أن “خبراء” و”جنرالات” غير سوريين، هم من وضعها وهم من يشرف على تنفيذها...نوعية المواجهات العسكرية الأخيرة، تدلل على دخول أسلحة وخبرات جديدة إلى ساحة القتال، تؤكد وجود إدارة جديدة للمعارك ومستويات مختلفة من القيادة والتحكم والسيطرة.
النظام يدرك كل ذلك، ولديه من المعرفة بمجريات الأمور، أكثر من غيره..وهو في الحقيقة بات محشوراً بين خيارين: أما الإدلاء بخطاب “الآن فهمتكم” والمغادرة إلى ملاذ آمن، أو سلوك خيار “الطلقة الأخيرة” و”الرمق الأخير” على طريقة القذافي وصدام حسين...ومن الواضح تماماً أن الخيار الأخير، بات مرجحاً، ومعظم المؤشرات تؤكد سير النظام على طريقه.
ربما يدور في “العقل الباطن” للنظام، أن التلويح بـ”خيار شمشون” وإبداء الإصرار على “الطلقة الأخيرة”، ليس في واقع الأمر، سوى محاولة لتحسين شروطه التفاوضية، وأن ورقة تدمير سوريا قد يكون لها وقعها على الأطراف، لإرغامها على التفاوض حول “صفقة” تنقذ ما يمكن إنقاذه من النظام...هذا احتمال، وهو احتمال تراهن عليه أيضاً، قوى إقليمية (إيران) ودولية (روسيا) داعمة للنظام، ولا تريد لمعركة الحسم معه أن تنتهي إلى هزيمته وهزيمتها..ولا يمكن بحال من الأحوال، التقليل من أهمية هذا العامل في دفع وتحفيز، العملية السياسية.
لكن عنصر “المقامرة” في هذا الخيار، تكمن في صعوبة التحكم به حتى نهاية المطاف، والجزم بأنه سيستثير عناصر الحل السياسي فقط، فثمة احتمال آخر، وهو أن يستدعي هذا الاستخدام المفرط للقوة، إلى التفكير بخيارات وبدائل عسكرية لحسم الأزمة السورية، وإذا ما استمر النظام في مغامرته غير المحسوبة هذه، فقد يدفع ذلك دولاً وأطراف ما زالت “مترددة”، لحسم ترددها والنزول بكثافة إلى ساحة “الحسم العسكري”.
أيام وتتضح الوجهة التي ستسلكها التطورات في سوريا، سيما إن قُدّر لمعركة دمشق، أن تبدأ.
(الدستور)