لماذا تكرهون أحلام؟
أحلام صاحبة صوت ممتلئ بالحياة متوقد يطربك حد البذخ في طبقاته العليا، وتشعر معه بالأمان كلما هدأ وكأنه يطفو على الماء، في حنجرتها مساحة مغطاة بالمخمل والدانتيل لم يمسسها أحد، وفي عينيها يلوح قوس قزح وفصل مفقود من رواية حالمة لم تكتب عناوينها بعد، قبل 21 عاماً، وتحديداً في عام 1995 غنت شابة خليجية ببحة متمردة "أنا ربي بلاني فيك بلوة.. عشقتك والعشق أكبر مصيبة"، استقبلها الجمهور بحفاوة لها، ما يبررها كون الوسط الفني متعطشا لصوت نسائي جريء بخامة صوت أحلام، وأيضاً لأن الساحة الخليجية من الأساس فقيرة في إبراز أصوات أنثوية لها طابع التفرد والاستمرارية.
الألبوم الأول تجاوز المدى، وفي عز النشوة بالنجاح طرحت الألبوم الثاني الذي أكد للمراقبين أن هذه الـ"أحلام" باتت حقيقة، فأغنياتها سرت عبر أثير الإذاعات، وصورتها غزت محطات التلفزة العربية في وقت وجيز، الكل كان يتساءل عن الشابة التي قدمها الملحن أنور عبدالله للمرة الأولى أين كانت؟ وكيف تعلمت؟ أهي لديها شهادة ميلاد أم أن معلوماتها دونت على نوتة موسيقية؟! دون أن يعلموا أن قيمة "فاتورة كهرباء" لم تستطع أسرتها سدادها كانت هي اللحظة المستفزة الأهم في حياتها، أرادت أن تقهر الظلام وأشعلت شمعة منذ ذلك الوقت إلى الآن لم تنطفئ، وتلك الفتاة البسيطة التي لم تنعتق عن صورة بنت "الفريج" – القرية – التي ترتدي "الدرّاعة" في أول كليبين قدمتهما أصبحت اليوم زبونة دائمة على دور أزياء ميلانو وباريس ولندن، وباتت أكثر حدة وشراشة.
هجوم وشتائم
تلقائية أحلام التي نزعم بأنها نابعة من بياض سريرتها أوقعتها كثيراً في فخاخ المتربصين بها دون أن تعلم، وأصبحت هدفاً سهلاً للشاتمين والشامتين سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو الوسطين الفني والإعلامي، ومنذ دخولها الأول إلى تويتر درج البعض على استفزازها وإخراجها عن طورها وكانت تنصاع إلى ذلك الهجوم بلا شعور، وتزبد وترعد ضد معرفات أغلبها يتخفى وراء ستار وهمي كان أحد أهدافها جر أحلام إلى حفلات الشتائم لخدش صورتها أمام الناس، وسلبها شخصيتها الفنية، وتم استفزازها بفتح ملفات لخلافات قديمة في الوسط الفني، مستغلين تهورها، ورغم أنها تحاول أن تجعل حسابها في تويتر احتفائي بجمهورها إلا أنه في كل مرة تنقاد إلى مثل تلك الخصومات، والملاحظ مؤخراً أن أحلام صارت أكثر هدوءاً من الماضي وأكثر استيعاباً لقواعد اللعبة.
سبب كره أحلام
الإجابة التقليدية عن هذا السؤال أن كل ناجح محارب، إلا أنه في حالة أحلام نزعة الكراهية أخذت أبعاداً أخرى، فهي باتت تحمل ملفاً ثقيلاً من القضايا المرفوعة في المحاكم العربية، ومصدر هذه الكراهية في أحيان يكون طبقيا وشخصيا، أو بدافع تحريضي أو تكون غيرة، لأنها ترفض أن تكون تحت مظلة أحد، وأغلب كارهي أحلام لا تجدهم ينبسون ببنت شفة عندما يكون الحديث عن فنها، وأغلب هجومهم يكون شخصيا، وتعليقاتهم لا تتجاوز طريقة ضحكتها أو تسريحتها وجلستها، وفي أحيان يطال الانتقاد حتى الطاولة التي تتكئ عليها، أما على الصعيد الفني فمصطلح "طقاقة" تم تفريغه من مضمونه والذي يعني مطربة أفراح وتحويره في سياق شتائمي، حتى إنه تصدر صفحات بعض وسائل الإعلام اللبنانية التي استوردت هذا اللقب بعد أن عجزت عن النيل منها إلا بنعتها بمفردة "طقاقة"، وفي ظهورها الأخير مع الزميل علي العلياني أكدت أحلام أن هذا اللقب لا يستفزها أو يثير حنقها وقالت: "أكون طقاقة ولا أكون خريجة "كباريهات"!.
هل هي مستهدفة؟
عندما يتحول النقد إلى هجوم يأخذ طابع التجريح الشخصي فإنه يفقد قيمته، وحينما يسير الناقد خلف مشاعر الحب والكراهية التي يكنها في صدره فإنه لا يمكن أن يعول على طرحه، إلا أننا ومن خلال متابعة لبعض ما يدور في الإعلام حول الفنانة أحلام، ومحاولة تحويلها إلى "أضحوكة"، وإشغالها عن فنها، نجد أنه في سبيل هذا الهدف هناك من شن ضدها حربا غير نظيفة ولا تتسم بالنزاهة وأخلاقيات المهنة، حيث وجهت ضدها أقذع أساليب الإساءة ومفردات التهكم والكراهية، وتحولت كثير من البرامج إلى بؤر للشتائم والانتقاص الشخصي منها، ولا يمكن بطبيعة الحال التعميم على الإعلام اللبناني ولكن السقوط الأخلاقي المريع وتجريدها من إنسانيتها كشف الأقنعة عن موجة استهداف موجهة ضد أحلام التي فسرت ذلك في إحدى المرات بأنه يأتي في إطار الحرب الإعلامية ضد كل ما هو خليجي، وكان بودنا استعراض بعض تلك الألفاظ من باب "ناقل الكفر ليس بكافر"، ولكن احترام القارئ الكريم يفرض علينا عدم خدش حيائه، وقد يقول قائل "أحلام لديها خلافات في الخليج أيضاً؟"، نعم لديها خلافات ولكن تلك الخلافات محدودة ولم يسقط أصحابها في وحل البذاءة اللفظية.
نصيحة
في حديث سابق لـ"العربية.نت" نصح الملحن ناصر الصالح أحلام بالتوقف عن "تويتر" والتفرغ لفنها، وقال: "أم فاهد فنانة كبيرة، وأسديت لها النصح بالتوقف عن النشر في تويتر، والتركيز على الفن، لأن هذه المواقع جلبت لها المشاكل، ووعدتني بذلك"، ولكن يبدو أن أحلام تخشى أن يتم تفسير انسحابها من قبل أولئك الذين تصفهم بـ"المقهورين من الملكة" بأنه هزيمة لها، وأعتقد أيضاً أنها لا تستطيع ترك ما يزيد عن 6 ملايين متابع وإن كلفها الأمر مزيداً من القضايا.