التعيينات على الوظائف القيادية ومخالفة العدالة
قال المحامي إسلام الحرحشي مدير مركز إحقاق للدراسات والاستشارات في معرض تقديم دراسة قانونية كم تشريعا تم في الأردن حول التعيين في الوظائف العامة وخاصة القيادية ابتداءا من الدستور وصولا لقرارات رئيس الوزراء ، وهذه التشريعات تستغرق جهدا وطنيا واموالا عامة ، والنتيجة انه لا داع لها ، ولا يلتفت اليها عند التعيين في الوظائف القيادية ، وما اجرأ المسؤول الأردني بالتعدي على المال العام وتجاهل التشريعات والعدالة ، والامثلة كثيرة على ذلك ومنها عندما تم الإعلان عن تعيين مراقب شركات قامت الحكومة بالتعيين من خارج المتقدمين وكذلك الحالي دون تطبيق النظام الذي وضعه مجلس الوزراء نفسه . وقس على ذلك في اغلب الوظائف القيادية.
وأضاف المحامي الحرحشي أن تطبيق مبدأ سيادة القانون يقتضي من الدولة ومؤسساتها الدستورية لا سيما مجلس الوزراء أن يعمل على تعديل (نظام التعيين على الوظائف القيادية رقم 3 لسنة 2013) من أجل إرساء أسس العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص في التعيين على الوظائف القيادية العليا، من أجل تحقيق المصلحة العامة والرقي بهذا الوطن إلى المراتب العليا بين الدول، فيكفي إجراء التعيينات على أسس شخصية تنمي الشللية في الوظائف القيادية العليا التي تعتبر مواطن صنع القرار.
وقالت الدراسة القانونية التي أعدها مركز إحقاق للدراسات والاستشارات أن المادة (45) من (نظام الخدمة المدنية رقم 82 لعام 2013) قد قضت بأن يعين شاغلو وظائف الفئة العليا (الوظائف القيادية) وتنهى خدماتهم أو يعفون منها بقرار من مجلس الوزراء بناء على تنسيب رئيس الوزراء فيما يتعلق بالمجموعة الأولى، وبتنسيب من الوزير المختص للمجموعة الثانية على أن يقترن قرار مجلس الوزراء بالتعيين بالإرادة الملكية السامية.
وأضافت الدراسة أن الفقرة (أ) من المادة (17) من نظام الخدمة المدنية قد حددت المهام والمسؤوليات التي تتولاها وظائف الفئة العليا التي تضم المجموعتين الأولى والثانية وهي:
1- الإشراف على إعداد الخطة الاستراتيجية للدائرة والخطط التنفيذية وفق أطر زمنية محددة ومؤشرات أداء مستهدفة واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لتحقيق مخرجات الأعمال والنتائج المقررة بما يضمن تحقيق الأهداف الموضوعة وزيادة كفاءة العمل، وترشيد استخدام الأموال العامة.
2- الإشراف على العاملين في الدائرة، وتوجيه جهودهم بما يخدم تحقيق الأهداف الاستراتيجية للدائرة، والعمل على تحفيزهم على الإبداع والالتزام بالتشريعات والتعليمات الإدارية والمالية المعمول بها وزيادة الإنتاجية وتقديم المبادرات وتشجيع العمل بروح الفريق وتعزيز مبدأ القيادة الجماعية التشاركية.
3- متابعة الأداء المؤسسي للدائرة وتقييمه بما يحقق الكفاءة والفاعلية الإدارية لها.
4- متابعة جهود إدارة الموارد البشرية وتنميتها والإشراف على تبسيط إجراءات العمل وحوسبتها وتطوير البرامج والآليات اللازمة لتحقيق أهداف الدائرة.
5- الإشراف على تطوير الخدمات التي تقدمها الدائرة وضمان تحسين جودتها.
وتتضمن هذه الفئة العليا المجموعتين التاليتين:
المجموعة الأولى: (قاضي القضاة، ورئيس ديوان المحاسبة، ورئيس ديوان الخدمة المدنية، ورئيس ديوان التشريع والرأي).
والمجموعة الثانية: (الأمين العام، والمحافظ في وزارة الداخلية، والمستشار في رئاسة الوزراء أو في ديوان التشريع والرأي الذي يقرر مجلس الوزراء تعيينه في هذه المجموعة بناء على تنسيب رئيس الوزراء، وأمين سر مجلس الوزراء، ومدير عام مكتب رئيس الوزراء، ومدير عام مكتب رئيس مجلس الأعيان، ومدير عام مكتب رئيس مجلس النواب، ومراقب عام الشركات، وأمين سجل الجمعيات).
وبينت الدراسة أنه بموجب المادة (19) من نظام الخدمة المدنية تحدد الرواتب الأساسية لوظائف الفئة العليا وبدل التمثيل والعلاوات الخاصة على النحو التالي:
1- المجموعة الاولى: يتقاضى من يشغل أيا من وظائف هذه المجموعة راتب الوزير العامل وعلاواته وامتيازاته الأخرى.
2- المجموعة الثانية: يتقاضى من يشغل أيا من وظائف هذه المجموعة راتبا أساسيا مقداره (1030) دينارا وزيادة سنوية مقدارها (25) ديناراً ولخمس عشرة سنة حدا أعلى، على أن تحتسب هذه الزيادة من تاريخ تعيينه في هذه المجموعة، وعلاوة فنية بنسبة (50%) من الراتب الأساسي وعلاوة غلاء معيشة مقدارها (200) دينار والعلاوة العائلية المقررة وفقا لأحكام هذا النظام، وإذا كانت الدائرة التي يعمل فيها تمنح موظفيها علاوة مؤسسة وفقا لأحكام الفقرة (أ) من المادة (26) من هذا النظام فيمنح بالإضافة إلى ما سبق ما نسبته (30%) من علاوة المؤسسة المقررة لموظفي الفئة الأولى في تلك الدائرة.
ولا يدفع لأي من شاغلي وظائف الفئة العليا أي بدل أو علاوة أخرى غير منصوص عليها في البندين (1) و (2) من الفقرة (أ) من هذه المادة، مهما كان اسمها أو نوعها أو مقدارها، باستثناء العلاوة العائلية ومكافآت تمثيل الحكومة في مجالس إدارة المؤسسات الرسمية العامة، أو الشركات التي تساهم فيها الحكومة، أو في إدارتها، والمكافأة أو البدل المقرر مقابل العضوية في أي لجنة أو مجلس أو هيئة، شريطة أن يكون اجتماع أي منها خارج أوقات الدوام الرسمي، وكذلك أي مكافأة أو بدل مقابل عمله خارج أوقات الدوام الرسمي في غير دائرته، بناء على موافقة الجهة المختصة وفقا لأحكام هذا النظام.
ويشترط أن لا يتجاوز مجموع المكافآت السنوية التي تدفع لشاغلي الوظائف العليا عن (50%) من مجموع رواتبهم الاجمالية السنوية.
ويتقاضى الرئيس المتفرغ لمجلس أي هيئة أو سلطة راتبا اجماليا لا يتجاوز ثلاثة آلاف دينار، ويتقاضى العضو المتفرغ لمجلس أي هيئة او سلطة أو المدير التنفيذي لأي مؤسسة رسمية عامة خاضعة لأحكام هذا النظام راتبا اجماليا لا يتجاوز الراتب الاجمالي لمن يشغل أيا من وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا، وتحدد سائر الشؤون المتعلقة بكل منهم وحقوقهم بقرار من مجلس الوزراء على أن لا تدفع لهم أي علاوة أو زيادة لم ترد في قرار تعيينهم.
وبموجب المادة (66) من نظام الخدمة المدنية يؤدي الموظف عند تعيينه في وظيفة من وظائف الفئة العليا القسم التالي:
” أقسم بالله العظيم أن أعمل بأمانة وإخلاص، وأن أحافظ على ممتلكات الدولة وهيبتها وأن أقوم بمهام وظيفتي وواجباتها بتجرد وحياد دون أي تمييز.”
1- أمام رئيس الوزراء للموظف من المجموعة الأولى من الفئة العليا.
2- أمام الوزير للموظف من المجموعة الثانية من الفئة العليا.
وتحفظ نسخة من هذا القسم في ملف الموظف بعد تأديته له.
وقد بينت الدراسة التي أعدها (مركز إحقاق) أنه قد صدر نظام يسمى (نظام التعيين على الوظائف القيادية رقم 3 لسنة 2013)، ويفترض في هذا النظام أن يحكم وينظم عملية وإجراءات التعيين على الوظائف القيادية (الوظائف العليا) لتتم وفق معايير وأسس العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص، ولكن للأسف فإن هذا النظام على النحو الحالي لا يلبي الطموح وهو بحاجة إلى تطوير من أجل تحقيق معايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص، وحتى لا يكون كلامنا مرسلاً، نبين فيما يلي مثالب هذا النظام وهي:
مثالب نظام التعيين على الوظائف القيادية العليا
أولاً: لقد عَرَّف هذا النظام في المادة الثانية الوظيفة القيادية بأنها اية وظيفة من وظائف المجموعة الثانية من الفئة العليا او ما في حكمها الواردة في نظام الخدمة المدنية واية وظيفة يتم التعيين عليها بقرار من المجلس ويقرر شمولها بأحكام هذا النظام،
وبذلك نجد أن هذا التعريف يجعل الوظائف القيادية التي تسري عليها أحكام هذا النظام هي الوظائف القيادية العليا من المجموعة الثانية وما في حكمها فقط، ولا تسري على الوظائف القيادية العليا من المجموعة الأولى، أي أن يد مجلس الوزراء مطلقة في التعيينات على الوظائف القيادية العليا من المجموعة الأولى دون التقييد بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص،
وهنا يجب علينا أن نلفت الانتباه إلى ضرورة تعديل نظام التعيين على الوظائف القيادية لتسري أحكامه على الوظائف القيادية العليا من المجموعة الأولى وما في حكمها أيضاً تطبيقاً لمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص،
ثانيا: بموجب الفقرة (أ) من المادة (10) من نظام التعيين على الوظائف القيادية تستثنى وظيفة المحافظ والسفير من أحكام هذا النظام، أي أن يد مجلس الوزراء مطلقة في التعيينات على وظيفة المحافظ والسفير وهي وظائف قيادية عليا، أي أن مجلس الوزراء غير مقيد بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص،
وهنا يجب علينا أن نلفت الانتباه إلى ضرورة تعديل نظام التعيين على الوظائف القيادية بشطب هذه الفقرة، لتسري أحكامه على الوظائف القيادية العليا من مستوى المحافظ والسفير أيضاً عملاً بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص.
ثالثاً: قررت الفقرة (ب) من المادة (10) من نظام التعيين على الوظائف القيادية أنه وفي حالات محددة وخاصة تقتضيها الضرورة ولوظائف ذات طبيعة خاصة لمجلس الوزراء إجراء التعيين بقرار منه بناء على تنسيب مباشر من المرجع المختص.
وهنا يجب علينا أن نلفت الانتباه إلى ضرورة تعديل نظام التعيين على الوظائف القيادية بشطب هذه الفقرة، كيلا تكون مدخلاً لنسف أحكام هذا النظام الذي يفترض بأنه يعنى بضرورة العمل بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص في التعيين على الوظائف القيادية العليا،
ويجدر بنا أن نذكر أن مجلس الوزراء قد قام بتطبيق هذا الاستثناء الممنوح له مرات عديدة في التعيين على الوظائف القيادية العليا، ولم يتقيد بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص، وضرب بها عرض الحائط دون رقيب أو حسيب.
رابعاً: لقد خلا نظام التعيين على الوظائف القيادية من أية أحكام توجب على مجلس الوزراء (مصدر قرار التعيين على الوظيفة القيادية العليا) إصدار ونشر تقرير مفصل عن الوظيفة العليا القيادية التي تم اشغالها ومواصفتها ومكان وزمان الإعلان عنها وعدد المتقدمين لهذه الوظيفة، وأسباب قبول بعض الطلبات ورفض بعضها الاخر، وتوصيات لجنة الفرز واللجنة الوزارية، وذلك بمعايير العدالة والشفافية والنزاهة والحياد وتكافؤ الفرص، ولكي يكون مقدمي طلبات التوظيف على هذه الوظائف القيادية العليا على دراية ومعرفة بجميع الإجراءات التي تمت لإجراء هذا التعيين.