المسنون في دور الرعاية: هويات مجهولة.. وقصة "موت غير معلن"
سلطت قضية المسنة مجهولة الهوية التي توفيت في إحدى دور الرعاية الاجتماعية بعد أن قضت فيها 13 عاما، ونشرت قصتها "الغد" قبل أيام، الضوء مجددا على قضية بعض كبار السن، الذين يتخلى عنهم ذووهم.
ودفعت الحادثة وزارة التنمية الاجتماعية إلى إجراء مسح بدأت به أمس لجميع كبار السن في دور الرعاية، البالغ عددهم 358 للتأكد من هوياتهم، حيث كشف المسح عن حالات لمسنين لم يراجع بشأنهم أحد منذ سنوات، إلى جانب وجود 6 مسنين مجهولي الهوية.
وكان من الأمور الصادمة، قصة "زهير"، الذي التحق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية قبل 35 عاما حيث كان طفلا حينها.
وأدخل "زهير" الذي كان يعاني من إعاقة عقلية، إلى مركز الكرامة المتخصص بالمتشردين من ذوي الإعاقة العام 1977، وبعد أن أغلق المركز في ثمانينات القرن الماضي، تنقل بين أكثر من مركز إلى أن استقر في إحدى دور رعاية المسنين.
والغريب في قصة "زهير" أنه منذ إيداعه في مركز الكرامة، ولهذه اللحظة لم يراجع أحد من أسرته بشأنه، في حين لا يعلم عن هويته الحقيقية سوى أحد موظفي وزارة التنمية السابقين، ويدعى "أبو عاطف"، خصوصا أن المعلومات عن زهير وغيره ممن كانوا ملتحقين بمركز الكرامة ضاعت مع إغلاق المركز.
الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط، قال إن إجراء المسح الذي بدأ أمس، شمل 43 مسنا ومسنة، تبين أن 6 منهم هوياتهم غير معروفة، ومنهم من مضى على وجوده في دور الرعاية أكثر من 35 عاما.
ويقول الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية الدكتور فواز الرطروط، إن الوزارة اتخذت إجراءات لاستدعاء معرفين للتأكد من هويات ستة مسنين عثرت عليهم في اليوم الأول من حملة بدأتها، للتأكد من هُويات منتفعي دور رعاية المسنين، إلى جانب العودة إلى قواعد البيانات.
وأضاف الرطروط أن كوادر الوزارة أنجزت مسح هويات 12 في المئة من جميع المسنين في دور الرعاية، حيث مسحت وثائق 19 مسنا، و24 مسنة من أصل 357 يقيمون في عشر دور لرعاية المسنين، خيرية وخاصة.
وتضمنت الحملة التأكد من حيازة المسنين وثائق ثبوتية، وإعداد قوائم بأسماء أقاربهم، إلى جانب سحب عينات من دمائهم للجوء إليها مستقبلاً في حال الحاجة إليها.
وبدأت وزارة التنمية حملة للتأكد من هويات المسنين في دور الرعاية بعد وفاة مسنة مجهولة الهوية في دار رعاية الخميس الماضي، بعد أنّ قضت فيها ثلاثة عشر عاما بدون أن يزورها أو يراجع بشأنها أحد.
ودخلت المسنة دار الرعاية العام 1999، بعد أنّ ضبطتها الجهات المختصة تتسول في أحد شوارع العاصمة، ولم تتمكن وزارة التنمية آنذاك من التأكد من هُويتها؛ إذ زُودت الوزارة باسمها الأول فقط؛ ما حال دون معرفة هُويتها الحقيقية أو مكان سكناها.
وما يزال جثمان المسنة في ثلاجة الموتى في المركز الوطني للطب الشرعي بمستشفى البشير الحكومي منذ الخميس الماضي، في انتظار ظهور نتائج فحص "دي أن إي"؛ للتأكد من وجود قرابة بين المسنة ومواطن قال إنه أحد أقاربها بعد أنّ رأى صورتها في إعلان نشرته وزارة التنمية في الصحف.
وتمنع الجهات المختصة دفن مثل هذه الحالات قبل موافقة الشرطة على ذلك، فيما سبق أن قال الرطروط إنه في حال أثبتت النتائج صلة القرابة بين المسنة والمواطن، يجري تسليم جثمانها إليها، وتابع: "وفي حال أظهرت النتائج غير ذلك، فإن وزارة التنمية ستتولى أمر دفنها".
وتتوزع دور الرعاية على 6 تابعة لجمعيات خيرية، و5 للقطاع الخاص، فيما تتعاقد الوزارة مع جمعيات الأسرة البيضاء والخيرية الأرثوذكسية ودارات سمير شما لتغطية نفقات 150 مسنا ومسنة من فئة الفقراء.
ورغم تدني أعداد المسنين بدور الرعاية، فإنها شهدت ارتفاعا من 268 في 2007 حيث وصلت أعدادهم إلى 350 العام الحالي، في حين تقدر أعداد من هم فوق 65 عاما في الأردن بـ400 ألف مواطن.
ولاحظ تقرير لجنة التحقيق والتقييم لأوضاع دور الرعاية الاجتماعية، أن حالة المنتفعين النفسية سيئة، نتيجة ثلاثة عوامل أساسية، أولها: قلة زيارات الأهل والأقارب، وثانيها: غياب البرامج الفعالة التي تشغل وقت المنتفعين، وثالثها ضعف تدخلات الطبيب النفسي، إن وجد، في مساعدة المنتفعين على تجاوز أوضاعهم والتعايش الإيجابي مع واقعهم.
وللحد من إيداع كبار السن في دور المسنين، دعا التقرير، إلى تجريم عقوق الأبناء ضمن قانون العقوبات، ودعم وتشجيع إبقاء كبار السن بين أسرهم على اعتباره الأصل، ووضع البرامج التوعوية والإرشادية بهذا الخصوص.
(الغد)