بالفيديو- قصة الفيلسوف العاري ألكسندر جوليان وتجربة نموذجية للتخفيف من آلام الجسد!
جو 24 :
فقدَ جمهور صالون الكتاب الفرنكوفوني فرصة لقاء مع الفيلسوف السويسري ألكسندر جوليان، والذي إعتذر عن الحضور بعد أن منعه طبيبه من أن يستقل الطائرة بسبب وضعه الصحي .
يحتاج رواد المعرض في مجمع البيال للمعارض أن يواكبوا تجربة جوليان ،الذي إعتمد على الرياضة الروحية على الطريقة البوذية، للتخفيف من معاناته ومداواة جسده من جملة أوجاع وآلالام ترتبط مباشرة بإصابته بنوع من الشلل الدماغي.
إن شغفنا إلى هذا اللقاء في جناح السفارة السويسرية في المعرض يعود لتوقنا لمعرفة كيف تصالح جوليان مع نفسه وتخطى نظرة الناس كونه من ذوي الحاجات الخاصة. يعتبر جوليان من أهم الفلاسفة المعاصرين في أوروبا لأن كتبه إنتشرت في بلدان عدة ولاسيما عندما أصدر في الـ24 من عمره كتاباً بعنوان "مديح العجز".
تصارح فيه جوليان مع ذاته، وعكس من خلال تجربته الخاصة مجمل الخواطر التي روادته عن واقع هشاشة الإنسان. شكل هذا الكتاب مفترق طريق مهم بسبب رواج كبير لقيه في وطنه الأم سويسرا ، وفرنسا، وألمانيا و بلدان أوروبية عدة.
تحول جوليان من خلال هذا الكتاب نموذجاً لرجل قوي تحدى ذاته ليصبح محطة إعجاب جمهور واسع من أوروبا وخارجها. تلقى دعوات عدة لتقديم كتابه " مديح العجز" في لقاءات عدة جمعته مع جمهور واسع من محبيه. كما ظهر بشخصيته القوية والفذة في برامج تلفزيونية عدة دعي إليها. أسقط في هذه الحوارات كل الأقنعة التي يفرضها المجتمع على شخص مثله. حل ضيفاً على أهم شاشات التلفزيون ليتحدث أمام الرأي العام عن تجربته بكل شفافية ونزاهة.
"الفيلسوف العاري"
ابصر جوليان النور في 26 تشرين الثاني 1975، إضطر مرغماً ان يمضي عشرين عاماً من بداية حياته في مستشفى تعنى بوضعه الصحي. إكتشف دربه في علم الفلسفة في الـ14 ربيعاً عندما قصد إحدى المكتبات، ووقع مصادفة على كتاب "إعرف نفسك " لسقراط. مهد ذلك الكتاب طريق جوليان نحو الفلسفة والتي حاول من خلالها أن يتجاوز متاعبه النفسية والصحية.
تمسك جوليان بلقب "الفيلسوف العاري" والذي يشبهه كثيراً لأن يعكس ثبات قراره بعدم إخفاء أي شىء عن وجعه وواقع نواقصه كإنسان من وذي الحاجات الخاصة. إستطاع عند معرفته بزوجته ، التي إلتقاها في إيرلندا خلال جولة إستجمام، أن يبدأ صفحة جديدة في حياة عائلية لجوليان الذي ما لبث أن أصبح أباً لولدين.
شكلت إصدارات جوليان في حياته محطات رئيسية لقرارات أساسية يشرح من خلالها توجهاته الفلسفية نحو البوذية . شكل نشره لكتاب "العيش من دون سؤال" فرصة للتعلق بالبوذية. بعد تمسكه بإيمانه الجديد، أعلن تخليه عن إيمانه المسيحي مبرراً أن الإيمان سكن وجدانه،وهو الذي منحه الثقة بالحياة في الأوقات العصبية، لكنه لم ينجح في منحه الثقة في نفسه.
شكل هذا الكتاب جسر عبور لجوليان للبحث عن هدوء الروح، ولتحديد الوسائل الممكنة لمداواة جسده. تملك جوليان الشجاعة ليسرد المسار الذي إتبعه للوصول إلى السكينة الروحية المتوفرة في الفلسفة البوذية. بدأ إكتشاف كتب رواد الفلسفة الإغريقية والتي لم يخف إعجابه العميق بها. لكن هذا العالم، وكلما ما قرأه من نتاج سخي لسبينوزا ولنيتشه، لم يشكل الدواء الحقيقي المطلوب لتخفيف من آلامه.
إكتشف جوليان أهمية ممارسة الرياضة الروحية على الطريقة البوذية، يوم قرر مرافقة زوجته إلى ناد متخصص في هذه الرياضة.
قال:" عندما إكتشفت خفايا البوذية، أيقنت أن الفلسفة باتت عاملاً ثانوياً بالنسبة لي. لن أنسى دورها في حياتي، كانت غذاء روحياً في مرحلة الشباب، ومنها تعلمت كيف أفكر." أضاف:" أيقنت اليوم أنه لم يعد لي معلم! لقد أصبحت معلم نفسي!."
قرر جوليان الإنتقال للعيش في سيول لأنه تعرف في سويسرا على الأب برنار، رجل دين مسيحي متخصص في البوذية، يدرس في جامعة سيول. إستطاع الأب برنار أن يتقارب روحياً مع جوليان ، وهذا ما شجعه على الإنتقال للعيش في سيول. قال عنه : " هو طبيب روحي. هو لا يداويني بالمواعظ، ولا بالنصائح بل بالطريقة التي يدير بها شؤون حياته."
وفي موازاة ذلك، يخصص جوليان ساعة كل يوم للتأمل. بالنسبة إليه، التأمل هو الطريقة المثلى للتخلص من القلق ... ومن كل ما يعوق تحرره الروحي.