إلى خليل عطية.. أوقفوا جنون الأسعار

رغم ان النائب خليل عطية يعد احد كبار رجال الاعمال والمال في الاردن الا انه ينتمي طبقياً الى طبقة الفقراء، وكان يبدي حساً عميقاً بالفقراء ، ويكرس زكاة ماله في خدمة هذه الشريحة المعذبة من الأردنيين، والتخفيف عليهم، وهذا ما اطلعنا عليه بحكم زمالتنا في المجلس السابع عشر، وهو من الخيرة في هذا البلد الطيب الذي يمكن وصفة ب"أبو الفقراء"، وفي هذا فهو قدوة يجب ان تقتدى.

وكانت مواقفه النيابية - إضافة الى دوره التشريعي الهام- إزاء فرض الضرائب والرسوم ورفع الأسعار مواقف حازمة، وكان لا يهادن في رفضه لسياسة التضييق على الشعب الاردني، وقد احبط مخططات اكثر من حكومة في رفع أسعار الكهرباء، وفي السنة الماضية كان ممن قادوا التحرك النيابي لوقف إجراءات حكومة النسور في زيادة أسعار الكهرباء بنسبة 15% ، وقام ونحن معه بمقاطعة الجلسات النيابية احتجاجا على التوجه الحكومي بالرفع وللضغط على المجلس، وقد أدى ذلك الى تراجع الحكومة، وموافقة المجلس بتخفيض الرفع الى 7.5% وبذلك نزلنا عن الشرفات ، وعدنا الى مواصلة الجلسات تحت القبة.
وقد لمست بموقفه في حجب الثقة الاخيرعن حكومة الملقي تخوفات حقيقية من مخططات الرفع التي تتحضر لها الحكومة في مجال الأسعار والضرائب.

واليوم يبدو ان حكومة الملقي تتحضر فعلاً- وبعد حصولها على الثقة البرلمانية- لاكبر عملية رفع أسعار في تاريخ المملكة متسلحة بوصايا واشتراطات صندوق النقد الدولي، وانحسار الدعم الخليجي وتحوله من الهبات والمنح الى شكل من اشكال الاستثمارات، وكذا مؤشرات الدولة الاقتصادية المتراجعة، وهي لعبة الحكومات الخطرة التي درجت عليها في رفع الأسعار في الاردن، وهي المهمة المقدسة التي باتت تسلمها كل حكومة للتي تعقبها، وتظل امينة عليها حتى ولكأنها اصبحت المهمة الرئيسية للحكومات، وتم تغييب الدور التنموي للحكومات، وهو الذي يعد مناط شرعية الحكم، حيث التنمية هي أساس عملية الحكم وليست الجباية، وقد تحولت الدولة للاسف الى جهاز كبير للجباية هذا بدلا من امتلاكها برنامجا وطنيا في الحكم يعنى بزيادة دخول المواطنيين وتوسيع رقعة التنمية في الهوامش، وتوزيع الخدمات العامة حسب الضرورات الوطنية، ومواجهة افة الفقر والبطالة بفعالية، وزيادة فرص العمل للشباب بدعم القطاعات المنتجة، وتمكين القطاع الخاص، وإشاعة الامل في حياة الأجيال الأردنية.

خليل عطية وبمعيته مجموعة من النواب الذين حجبوا الثقة، وبقية النواب الغيوريين على معيشة شعبهم هم اليوم مؤتمنون على وقف جنون الأسعار القادم في الأردن، وذلك حفاظا على امن هذه البلاد.

ومعروف ان التجربة التاريخية اثبتت ان الجوع هو محفز الثورات ومفجرها، وان سياط الضرائب والاسعار هي التي قادت الناس نحو الهيجان ودوامة الفوضى، والاضطرابات، وذلك عندما تنفرد طبقة الحكم بالملذات والملاهي وتترك ملايين الناس تندرج في خانة الشقاء ، ويقل منسوب معيشتها في الحياة للحفاظ على رفاهية تلك الطبقة المسيطرة على الحكم، والتي تعمل الحكومات على تأمين مطالبها الاسطورية في حين تتحطم الروح الوطنية للفقراء على اقل متطلبات الحياة، وبذلك انهارت الدول تحت معاول الفقراء الذين افقدوا الامل في الحياة فواجهوا السلطات الحاكمة بصدور عارية، وهذا الطريق سارت عليه اعرق واكبر الثورات في التاريخ.

أتمنى ان تتشكل جبهة برلمانية صلبة لحماية معيشة الشعب الأردني وصد اية محاولات حكومية للتلاعب بالأسعار وخاصة في السلع والخدمات الأساسية كالخبز والكهرباء والماء ومتعلقات القطاع الزراعي، وكافة متطلبات الفقراء، وقد كان المفكر الفرنسي الكبير جان جاك روسو واضع العقد الاجتماعي يحذر في سلوك الدول من المس باحتياجات الفقراء البسيطة وان يكون رفع الأسعار موجهاً عند الضرورة نحو الكماليات فقط، وذلك للحفاظ على الامن الوطني لها.