حكومات النحس، والموازنات التبريرية
علي السنيد
جو 24 :
موازنة تبريرية يمنى بها المواطن الأردني في كل عام، وهي تبحث عن تبريرات لسوء أحوال الأردنيين، او ما هم موعودون به من ظروف اسوء في مقبل الأيام، وتعلق ذلك على عاتق ظروف الاقليم، والأزمات التي تنذر بالسوء، وبتفاقمها، وتتوعد بالمزيد من الأعباء وسوء العيش، ولم تأت على أسباب الفشل، او تنحو ذلك لقرارات السياسيين غير الحصيفة والتي جعلت الأردن يتحمل فوق طاقته في اطار مخطط دولي تحملنا نحن اهمك تبعاته، ومع ما احدثه ذلك من ضرر على المصلحة الوطنية، ومن ذلك الوضع السوري على وجه التحديد، وما تبع ذلك من فشل في إدارة ملف ازمة اللجوء السوري ليصبح الشماعة التي تعلق عليها الحكومات الاردنية فشلها التنموي، وتراجع مؤشرات الدولة الاقتصادية، والتي تتبدى في الارتفاع المتسارع لمستويات الدين الخارجي، وتجاوزه الخطوط الحمراء، وهو ما ينذر لا سمح الله بافلاس الدولة في غضون سنوات قادمة، وهو الذي يترافق مع عجز متواصل في الموازنة العامة، والذي يتم معالجته اليوم من خلال التوسع في سياسة القروض، والبحث عن مصادر التمويل الاقراضية و التي ربما لا تكون متاحة في المستقبل القريب، وقد تقلصت الجهات المانحة، وخاصة في الوسط العربي.
والاسوأ من ذلك هو فشل اهداف التنمية للحكومات الأردنية التي تقف عاجزة عن تفعيل بيئة الاقتصاد الوطني، ودفعه نحو النمو، وجلب الاستثمارات الخارجية، وبما يفضي الى مواجهة الارتفاع الحاد في نسب الفقر، والبطالة، وانعدام فرص الحياة لجيل اردني سقط في دوامة العجز واليأس، وفقدان الامل.
وحكومات النحس التي تسلطت على الأردنيين لا تدرك من مهام الحكم سوى الجباية، ومثلت كابوسا للناس في قراراتها واجراءتها المالية، ولم تجلب سوى مرارة الحياة، وسوء العيش للطبقة الفقيرة التي تحطمت روحها الوطنية وقد أدرجت في خانة الشقاء وانعدام الامل.
وهذه الحكومات تفشل على التوالي في رفع مستوى الخدمات العامة المقدمة للمواطنيين نظرا لعدم امتلاكها رؤية للإصلاح الإداري، وهي تعجز عن الحفاظ على الأداء العام للمؤسسات التي تشهد تراجعا مريعا، وهي تأتي للحكم عادة على شكل حالة من التخبط وعدم تحديد الاولويات الوطنية وبلا اية رؤية تتعلق بتفعيل القطاعات المنتجة، او ضبط الأداء العام، ووقف الفساد الصامت الذي ينخر جسد الدولة، وتبقى بواعث السخط والشكوى الشعبية ماثلة وفي حالة تعمق، ولا يشعر المواطنون بوجود الدولة سوى في لسع سياط الجباية التي تجلد ظهورهم، وسياسات الافقار، ومتوالية فرض الضرائب والرسوم ورفع الأسعار، وهي حاضرة كذلك في الجانب الأمني الذي تزداد مؤشراته وضغوطه في حياة الناس العاديين.
المهم ان الحكومات المطلوبة في الأردن باتت ذات سمة جبايئة، وآلية الحكم تتيح تقاسم الاداور والمكتسبات، وطبقة الحكم غير متأثرة بسوء الظروف التي يعانيها المواطن، والى ذلك يعود جزء مهم من أسباب معاناة الأردنيين وتقلص فرصهم في الحياة.
وربما ان الإبقاء على هذه الصيغة في إدارة الدولة والحكم يحرم الأردنيين من حكومات صالحة على غرار غيرنا من الدول التي حققت نسبا عالية في النمو والانجاز، والرغد لمواطنيها، وطورت في اقتصادها الوطني، واصبحت في حالة منافسة على الرفاهية، وبالاعتماد على الذات، وحمت مواردها وثرواتها الطبيعية من النهب، وحافظت على المال، وحققت حلم الإصلاح الإداري ، وبشكل انعكس على مستوى الخدمات العامة المقدمة لمواطنيها ، وحققت هذه الدول ومنها دول إقليمية ارتفاعا في مستوى معيشة مواطنيها. وطورت في الكيفيات التي تقوم عليها عمليتها السياسية وبما يشعر المواطنين بممارسة حقوقهم السياسية، واصبح المواطن مركز العملية السياسية، والى خدمته تعود شرعية الدولة، والمؤسسات.
ونحن نحقق الفشل تلو الفشل على صعيد اقتصادنا ومستوى معيشة مواطنينا، وتعجز حكوماتنا عن مواجهة أعباء الحكم، وأصبحت الدولة شبه مشلولة عن القيام بمسؤولياتها، والطبقة السياسية لا تكف عن تحميل الفقراء مسؤولية تراجع مؤشرات الدولة الاقتصادية. وما زلنا رغم رداءة الحال نحافظ على ذات الصيغ السياسية القديمة التي اوصلتنا الى حدود الكارثة، ويتم التمسك بالاليات الرجعية في الحكم، ولا يصار الى مراجعة النهج وادراك ان مواصلة الدولة على نفس هذه الاليات سيوصلنا الى طريق مسدود، وقد نخطأ طريق النجاة، وربما نجد انفسنا في مواجهة الفوضى والاضطرابات لاسباب معيشية بحتة.








