جدل حول إثبات النسب أو نفيه بواسطة فحص DNA.. ولمن يُنسب ابن الزنا
جو 24 :
مالك عبيدات - عاد جدل من جديد بين عدد من المحامين والحقوقيين حول حكم اثبات النسب أو نفيه بواسطة فحص الحمض النووي "DNA" وهل يُنسب ابن الزنا للزوج أم الزاني؟ خاصة وأن دائرة الأحوال المدنية والافتاء تنسب الولد للزوج المخدوع.
واستند مؤيدو نسب الولد إلى الزوج دون الزاني إلى الحديث الصحيح "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، فيما قال الفريق الآخر أن نسبة دقة فحص الـ"DNA" هي 100% وأن نسب الولد للزوج دون الزاني يخرق مبدأ حفظ الأنساب ومنع اختلاطها.
ومن جانبه أكد رئيس العربية لحقوق الانسان، المحامي عبدالكريم الشريدة، ضرورة ايجاد تشريع يستقبل ويعالج قضايا اثبات النسب بعد ظهور عدة قضايا مماثلة في المجتمع الاردني.
وأضاف الشريدة ان من حق المواطن اجراء الفحوصات حتى يتأكد من مطابقة دم الولد مع دم الاب لأن هناك قضايا أصبحت تظهر داخل المجتمع، واكتشف أشخاص بالصدفة ان "الابن ليس لأبيه"، مشيرا إلى رفض المحاكم في الاردن استقبال قضايا اثبات النسب بالاضافة الى رفض وزارة الصحة عمل الفحوصات إلا بأمر قضائي ورفض دائرة الاحوال المدنية تغيير نسب الاطفال او تسجيلهم باسم امهاتهم.
ولدى رجوع جو24 إلى أرشيف فتاوى دائرة الإفتاء العامة، وجدت "فتوى بحثية" لسؤال في صلب الموضوع، وهو ما حكم إثبات النسب أو نفيه بواسطة فحص "DNA"، وما حكم إثبات نسب ابن الزنا أو إثبات نسب مجهول بواسطته؟
وقالت الدائرة في إجابتها على السؤال إن الشريعة الاسلامية احاطت الانساب ببالغ الرعاية والعناية، وجعلت المحافظة على النسب من مقاصدها، وشرعت الاحكام المتعلقة بهذا الموضوع من حيث تشريع الزواج واثبات النسب وتحريم الزنا وغير ذلك، مبينة ان البصمة الوراثية هي من القضايا المستحدثة في اثبات النسب، ويمكن استخراج حكمها بالنظر الى كلام الفقهاء في وسائل اثبات النسب وتخريجها على (القيافة) التي قال بها جمهور الفقهاء، والاثبات بطريق "DNA"، اولى بالحجية من القيافة؛ لاعتماد لببصمة الوراثية اسس علمية واضحة.
واضافت الدائرة في فتواها انه جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته السادسة عشرة (21-26/ 10/ 1422هـ) الموافق (5-10/ 1/ 2002م): "إن نتائج البصمة الوراثية تكاد تكون قطعية في إثبات نسبة الأولاد إلى الوالدين أو نفيهم عنهما، وفي إسناد العينة (من الدم أو المني أو اللعاب) التي توجد في مسرح الحادث إلى صاحبها، فهي أقوى بكثير من القيافة العادية (التي هي إثبات النسب بوجود الشبه الجسماني بين الأصل والفرع)".
ومما هو معلوم أن إثبات النسب بالبصمة الوراثية لا يقدم على وسائل الإثبات الأقوى منه كالفِراش؛ فلا يجوز البحث في نسب من كان معروف النسب ومولودًا من فراش صحيح. قال الخطيب الشربيني: "لأن النسب الثابت من شخص لا ينتقل إلى غيره" "مغني المحتاج" (3/ 304).
وفيما يتعلق باثبات النسب من علاقة غير شرعية، بينت الدائرة في الفتوى انه من غير وارد باتفاق الفقهاء، حتى لو أثبتت فحوصات البصمة الوراثية نسبه إليه؛ لأن الزنا لا يصلح سببًا لثبوت النسب؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الوَلَدُ لِلفِراشِ وَلِلعاهِرِ الحَجَرُ) متفق عليه. والمراد بـ(الفِراش): أن تحمل الزوجة من عقد زواج صحيح، فيكون ولدها ابنًا لهذا الزوج، والمراد بـ(العاهر): الزاني.
وقالت الدائرة إن ولد الزنا يجب أن يُنسب لأمه فقط، فيجب تعريفه بأمه؛ لما بينهما من الحقوق المتبادلة كحق الميراث والحضانة وحرمة المصاهرة وغيرها من الحقوق.
والحاصل أن إثبات النسب أو نفيه بالبصمة الوراثية يجب ألا يُقدَّم على القواعد الشرعية ولا وسائل الإثبات الأقوى منه، ولكن يجوز استخدامه في حالات التنازع على مجهولي النسب، أو حالات الاشتباه بين المواليد، أو ضياع الأطفال واختلاطهم، ولا يصح إثبات نسب لمعروف النسب ولا لمولود الزنا. والله أعلم.