السر الاعظم لحياة اكبر معمرة في اربد- بيت يافا
م. مدحت الخطيب
جو 24 :
(اثنيه جويعد الصبح أم حسن)...
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير الناس مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُه) ؟؟؟
طول العمر من الله ، وليس للإنسان فيه تصرف ؛ لأن الأعمار بيد الله ـ عز وجل ـ ، وأما حسن العمل فهو منا ؛ بإمكان الإنسان أن يحسن عمله...كيفما يشاء.....وهذا ديدنها رحمها الله ....ولا نزكي على الله احد...
.كانت من اكبر المعمرين في محافظة اربد لا بل اكثرهم بركة في العمر..... فقد غادرت عالمنا عن عمر 110 سنوات يوم امس بكامل عقلها وصحتها وقوتها....كانت ام لجميع من يعرفها على الاطلاق .....لي معها رحمها الله قصتان لن انساهم ابدا...,,ولها مع كل من يعرفها من ابناء بلدتنا مئات القصص فقد كانت شاهد على العصر القديم بكل ما فيه...
اولهما.... .قبل سنوات واثناء عودتي من عمان الى اربد وجدتها جالسة على مدخل البلد تنتظر قدوم سيارة او باص لتقلها الى بيتها ...لم انتبه الى اشارتها الا بعد ان قطعت اكثر من عشرين متر ....حاولت الرجوع مسرعا احتراما لها... فظنت اني بذلك العمل احاول ان استعرض عضلاتي في القيادة ...وقفت بجانبها وفتحت لها الباب...عندها نظرت إلي بتمعُن وقالت... انت يا ولد ابن( لمين)...!!!!! فقلت لها من انا ومن ابي وامي... ...فضحكت وقالت لعاد ولك طالع لمين.. عمامك ملاح وخوالك ملاح . أنتوا جيل بعبع بوكل ما بشبع بطلع ما برجع.
بتنادى عليه وما بسمع ....!!!!
عندها ضحكت من قلبي وقلت لها طيب يمه اطلعي وبنسولف على الطريق ...
اثناء المسير .اردت ان اثير سكونها قليلا لكي استخرج كنزها الدفين...... فقلت لها بدي اخطفك يا حجه واهرب فيكي لعمان ... .فقالت تخطفني يا ولد!!! وحركت (باكورها ) الخشبي بقصد التخويف؟؟؟ وقالت اذ انك قدها اخطفني وبنزين سيارتك مني....عشو بدك تخطفني من يوم ما تزوجت وكان عمري 11 سنه ما نمت وسكرت باب خلفي .. ..يمه ما دام ابو( السماء الزرقاء فوقنا ) وابن حسين حامي بيتنا الخوف ما بدخل قلوبنا ولا دارنا.......ثم قالت .. ..سوق يمه سوق (ولد) لقدام وانتبه ....وعندها قصت لي الكثير عن سر حياتها وزواجها ومهرها والكثير الكثير.....توقفت امام بيتها واكملنا الحديث لاكثر من نصف ساعة.......وعند خروجها من السيارة نطقت بكلمه لن انساها ابدا...قالت سلم على ابوك وامك ...ربي من فوق السماء يحمي دربك ولا يشعثك .. نظرت في عينيها..كانت هناك دمعه مصلوبه..لا هي سقطت و لا هي تراجعت...ظلت حائره في عينيها وانا انظر نحوها لعلي اجد جواب .عندها ايقنت .انها دمعة الوقار...
وثانيهما...بعد اعدام المرحوم صدام حسين بشهرين ..وجدتها جالسه عند احد اقاربي ..تبادلنا الحديث ..وكنا نشاهد التلفاز...مرت صورة للرئيس العراقي يوم اعتقل..فتنهدت وقالت بصوت المذبوح ... لو انهم رجال وعندهم ذرة شرف ما عملوا فيه هيك..هذا صدام اخو حسين والله لو حسين عايش ما وصلت العراق لهل مواصيل...وقالت شعر في الملك حسين وصدام رحمهم الله كان من اجمل ما سمعت .....
نعم غادرت الحجة اثنيا عالمنا رحمها الله فقد كانت كتاب يسعد كل من يقلب صفحاته..لا تتعامل في الغيبة ولا تعرف النميمة...لا تقبل بمجالس القيل والقال...لسانها لا يقبل الا التسبيح والتهليل والذكر الحلال...غادرتنا ولم تعاني من امراض العصر التي نهشت اجساد الشيب والشباب .. قال ابن رجب رحمه الله: ومن حفظ الله في صباه وقوته حفظه الله في حال كبره وضعف قوته ..متعه بسمعه وبصره وحوله وقوته وعقله... وهذا ما كان لها ...
غادرتنا ولها من الابناء خمسة مواليد ذكرين وثلاث بنات ولها من الاحفاد (282) حفيدا.. عايشت نداء الاحفاد (يا جدي كلّم جدك)..فعليها رحمة الله .