قصة حب تحدّت المرض والفقر والأهل... لكن من يساعدهما اليوم؟
جو 24 :
خلف كل باب حكاية، ووراء كل حكاية حكاية أكثر غرابة، ومأسوية. ليس في البداوي شوارع كثيرة، حي غرب الاوتوستراد الدولي، وحي شرقه، وفيه شارع صلاح الدين الموصل بين مفترق محلة "المنكوبين" جنوباً، والطريق الصاعد إلى مخيم البداوي غرباً.
هنا معوق لا يستطيع الحراك إلا على كرسي نقال. يهتز بكل ما فيه. هو أسامة المصري. لا يستطيع التحدث. يصوِت فقط بنبرات متفاوتة النغم، والقوة، لكنها لا تفهم على الإطلاق. تتحدث عن وضع العائلة زوجته هدى ورور، تزوجا خطيفة في 2005، ويوم تزوجا، كان على هذه الحال، تقول زوجته هدى، وهما ليسا قريبين.
للزوجين ابنة واحدة، هي آمنة، تلميذة مدرسة في الصف السادس الابتدائي. لا مدخول للعائلة، ولا مجال لتحسن حال الزوج أسامة، فهو على هذه الحال الشبيهة بالصرع الدائم، كما تروي هدى، وتقول:"مرض يوم كان في السنة الأولى من عمره، وهو يناهز الثلاثة والأربعين عاماً، وهي تقاربه السن، والفارق ليس أكثر من عام أو عامين. ارتفعت حرارته بقوة في طفولته. يسمي العامة حالته بـ"الحمى"، فتسببت بشلله. لم يكن الأطباء يدركون مخاطر الحرارة الشديدة الارتفاع على الطفل. فأصيب دماغه بعطب غير معروف منذ ذلك الحين"، فلم يعد يقوى على التماسك، ولا النطق، ولا الاتزان. يتحرك باختلال غير عادي، بحركات أيدٍ ورأس غير مضبوطة".
يركب كرسيه النقال على الكهرباء، ويجول في المدينة، ويوغل في أعماقها وأطرافها جامعا ما يعطيه المحسنون لحبيبته وزوجته هدى. لكن ما يجمعه لا يكفي لسد خبز المنزل.
هدى تقول إن العائلة تعيش على ما يقدمه المحسنون للمنزل، من مأكل ومشرب. فـ "لا أحد يهتم لحالنا، وأهلي قطعوا العلاقة معي منذ زواجي به، لأنني تزوجته"، كما تقول.
وتضيف:" عرفته قبل زواجنا بخمس سنوات واحببته. كان يقصد حارتنا، ويتقرب مني، فأحببته، تردد هدى مقولتها. ولم يكن غير ذلك. قبلته كما هو. هي إرادة الله. من يضمن نفسه؟ هل نحن الذين نعتبر أنفسنا اصحاء، نستطيع أن نضمن أنفسنا على ما نحن عليه"؟
وتمضي راوية معاناتها مع الأهل: "تزوجته "شليفة" (خطفا) لأن أهلي لم يكونوا راضين عن خياري. ولا يتعاطون معي. المهم أنه يعاملني بالحسنى ويحبني كثيراً، وإذا أصابتني شوكة، يكاد يجن، وهذه تكفي بنظري، فما لي ولهم. لا أريد منهم شيئا. كفى سلاسلهم التي ربطوا قدمي بها حتى لا أخرج من البيت لأنني أحببته. توفى أبي وأمي، وبقيت مع اثنين من أشقائي... أحببته، ورحلت معه".
وتفيد أنه يعيش على الصدقة، "هذا يعطيه عشرة، وذاك خمسة، وهو يتنقل على كرسيه الكهرباء.. والحمدلله".