الملك يشهد دفن رفات شهيد من معارك القدس - صور
ويستذكر الأردنيون بهذه المناسبة شهداء القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن وطنهم وأمتهم ومبادئ الأردن السامية والنهضة العربية، ليسطروا أسماءهم في سجل الشرف والبطولة.
وجرت فجر هذا اليوم مراسم نقل الرفات من مقبرة لشهداء الجيش العربي في موقع النبي صموئيل في مدينة القدس، ورافق الرفات مجموعة من حرس الشرف، ومندوب من مديرية الإفتاء في القوات المسلحة الاردنية – الجيش العربي.
وكان جثمان الشهيد يرقد لعقود طويلة إلى جانب رفات زملائه في مدينة القدس الشريف، والذين وبسبب ظروف الحرب حينذاك، دفنوا دون أن يكون هناك تعريف لأسماء بعضهم.
وبعد وصول الرفات إلى عمّان، انطلق موكب الشهيد محمولا على ذات عربة المدفع التي حملت جثمان المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال ملفوفا بالعلم الأردني، من ميدان الراية في الديوان الملكي الهاشمي إلى صرح الشهيد، ترافقه كوكبة من الفرسان وتشكيلة من الآليات العسكرية الحديثة، تعبيرا عن التطور الذي شهده الجيش العربي.
وعند وصول الرفات إلى باحة مدخل المراسم في صرح الشهيد، اصطفت لتحية الشهيد تشكيلات تمثل مختلف صنوف ووحدات القوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، والأجهزة الأمنية، حيث ارتدت مجموعة منها لباس القدس، الذي يرمز إلى المعارك التي خاضها الجيش العربي في فلسطين، بالإضافة إلى عدد من أسر الشهداء والمتقاعدين العسكريين.
وفي ذات الوقت، حلقت طائرات عامودية من سلاح الجو الملكي تحمل راية الثورة العربية الكبرى، وعلم المملكة الأردنية الهاشمية، وعلم القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي تحية للشهيد، فيما أطلقت المدفعية 21 طلقة مع بدء صعود الرفات إلى ساحة المراسم الرئيسية.
كما حلقت طائرة من نوع (هوكر هنتر) تحية للشهيد، وهي من أولى الطائرات المقاتلة التي دخلت سلاح الجو الملكي منذ تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي، وكان لها دور كبير في معارك الجيش العربي. وحملت مجموعة من الضباط وضباط الصف رفات الشهيد على أكتافهم في مراسم عسكرية استثنائية، لأن الشهيد يرمز إلى جميع الرتب العسكرية، وإلى شهداء الوطن منذ انطلاق الثورة العربية الكبرى حتى يومنا هذا.
واصطف حملة الرفات أمام جلالة القائد الأعلى الذي حيا الشهيد، فيما عزفت موسيقات القوات المسلحة "سلام الشهيد" الذي أُلف خصيصاً لهذه المناسبة، بحضور عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء، ورئيس الوزراء وزير الدفاع، ورئيس مجلس الأعيان، ورئيس مجلس النواب، ورئيس المجلس القضائي، ورئيس المحكمة الدستورية، ومستشار جلالة الملك لشؤون الأمن القومي مدير المخابرات العامة، ورئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير مكتب جلالة الملك، وأمين عام الديوان الملكي الهاشمي، وأمين عمان، ومدراء الدفاع المدني والأمن العام وقوات الدرك، وكبار المسؤولين المدنيين والعسكريين.
وفي مثوى الجندي المجهول، الذي يتوسط البناء الداخلي لصرح الشهيد، جرت مراسم دفن الرفات في أجواء تستحضر قيم الإيمان والشهادة والتضحية والكرامة، ووضع جلالة القائد الأعلى إكليلا من الزهور على قبر الشهيد.
وصممت القاعة التي تحتضن قبر الشهيد (الجندي المجهول) لتعمق رمزية التضحية والفداء وتقف شاهداً على تضحيات الأردنيين وبطولاتهم.
وروعي في تصميمها الهندسي دخول النور فوق القبر مباشرة عبر نجمة سباعية ترمز إلى السبع المثاني في القرآن الكريم، فيما تتوسط خارطة العالم الجدار من خلف القبر لتبرز الأماكن التي استشهد فيها أبطال الجيش العربي دفاعا عن القضايا العربية والمبادئ الإنسانية وقيم العدل والسلام.
وخلال جولة لجلالته في مرافق صرح الشهيد، اطلع جلالة الملك على ما شهده الصرح من أعمال تطوير وتحديث وتجديد للباحات الخارجية، وإثراء للمقتنيات والمعروضات التاريخية. وتم افتتاح الصرح في 25 تموز عام 1977، ضمن احتفالات المملكة باليوبيل الفضي لجلوس جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال، رحمه الله، على العرش.
وفي ساحة النهضة، إحدى أبرز باحات صرح الشهيد، شهد جلالة القائد الأعلى مراسم تبديل الحرس، الذي نفذته سرية المشاة الاستعراضية الخاصة من مجموعة حرس الشرف.
وتضمنت المراسم حركات مشاة صامتة، محاطين بمجموعة من الهجانة، وأداء عدد من المقطوعات الموسيقية من تأليف موسيقات القوات المسلحة.
وتأتي مراسم تبديل الحرس، التي سيحتضنها الصرح يوميا، ضمن الجهود الوطنية لتشجيع السياحة الثقافية كفعالية عسكرية جمالية تجذب الزوار والسياح وتثري تجربتهم عند زيارة الصرح الذي شهد عملية إعادة ترميم وتطوير لمرافقه على مدار العامين الماضيين بأسلوب حافظ على الموقع ورمزيته في ذاكرة الأجيال، ليكون معلما وطنيا ومتحفا حضاريا يسجل مراحل تاريخ الأردن الحديث.
وسيكون الصرح محطة لكبار زوار المملكة من ملوك ورؤساء الدول، والمسؤولين المدنيين والعسكريين العرب والأجانب.
ونظمت هذه الفعالية في اختتام احتفالات المملكة الرسمية بذكرى مئوية الثورة العربية الكبرى وعيد النهضة العربية، والتي أطلق رصاصتها الأولى الشريف الحسين بن علي، طيب الله ثراه، في العاشر من حزيران عام 1916.