هل تعود سيطرة الاتحاد السوفيتي إلى سابق عهدها؟
بازدياد قوة العلاقة التي تربط بين بوتين وترامب يومًا عن يوم، يزداد اعتقاد البلاد المجاورة لروسيا بتخلي واشنطن عن دائرة السيطرة لصالح موسكو، فما هي خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحقيقية التي وضعها من أجل إحياء الاتحاد السوفيتي السابق المنهار منذ ربع قرن في العام 1991؟
يا لها من أحجية معقدة، فبينما يرحب العديد من القادة السابقين في الاتحاد السوفيتي بتدخل السوق الروسي في بلادهم حاليًا، إلا أنهم غير مستعدين لتسليم الدفة السياسية للإمبراطورية الروسية المتنامية الجديدة.
أول مَن رفض التدخل الروسي علانية هو زعيم بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينوكو، أقرب حلفاء بوتين، والذي يهدد كل مَن يهين الهوية البيلاروسية أو مَن يدعو إلى دمج بيلاروسيا مع دولة روسيا بالسجن، فيحذر لوكاشينكو – المعروف في الغرب بلقب "آخر ديكتاتوريي أوروبا”، وفي بيلاروسيا بلقب "الأب” – كل مَن كانوا ينتمون إلى الاتحاد السوفيتي سابقًا، قائلاً: "لابد وأن نحذر أثناء تعاملنا مع روسيا”.
فإذا صحّت توقعات المخابرات الأميركية، وكان فلاديمير بوتين بالفعل هو مَن تدخل شخصيًا لاختراق الحملة الانتخابية للرئاسة لمساعدة دونالد ترامب للفوز بها، فلابد وأنه فعل ذلك لسبب معين، فهل يعتقد بوتين أن مثل هذه الخطوة الجريئة والخطيرة ستطلق العنان لطموحاته؟
الصورة الكاملة مشوشة وغير واضحة
فإذا أعطى ترامب لبوتين الضوء الأخضر، من الممكن أن يكون بوتين يخطط لفرض سيطرة أكثر على رابطة الدول المستقلة "الكومينويلث”، التي ينتمي إليها العديد من الأعضاء السابقين في الاتحاد السوفيتي، ومن المحتمل أيضًا أن يتجه بوتين إلى توسيع حدوده لتشمل كل من يتحدث اللغة الروسية، ليشكل بذلك ما يطلق عليه "العالم الروسي”، ولربما يريد بوتين أن يساعده ترامب لإعادة إحياء اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية القديم؟
ومن الجدير بالذكر أن بوتين كان في حالة مزاجية جيدة بعدما فاز ترامب بالانتخابات الأميركية، حتى أنه مازح الأطفال أثناء حدثٍ ما عن دراسة الجغرافيا، قائلاً: "حدود روسيا لا تنتهي أبدًا”.
هذه الأضحوكة ليست مرحة في بيلاروسيا
ألقت السلطات البيلاروسية القبض على ثلاثة صحفيين محليين ومراسلين الأسبوع الماضي، يعملون في دار نشر روسية على الإنترنت، بتهمة تحريضهم على الكراهية بين الشعب البيلاروسي، ووصفوا بيلاروسيا بكونها شبيهة دولة مجنونة.
وبالطبع تزداد طموحات وأحلام موسكو كل لحظة، حيث يقول رئيس الحركة العامة للتنمية، يوري كروبنوف، إنه يتمنى أن تنطوي خطط بوتين على ما هو أكبر من مجرد إعادة تكوين الاتحاد السوفيتي، فيرى أنه لابد أن تكون خطته هي وحدة قارة أوراسيا كلها، ولكن الاقتصاد الروسي يعد ضعيفًا الآن، وبوتين غير واضح فيما يخص خطته الاقتصادية الإصلاحية للعام المقبل، فيرى كروبنوف أن مثل هذه الخطة لابد وأن تكون خطة ضخمة لتتماشى مع الذكرى السنوية المئوية لثورة أكتوبر.
ولكن فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية أطلق العنان للتفاؤل مرة أخرى، فها قد مرت 16 عامًا على محاولات بوتين لتوسيع دائرة السيطرة الروسية على العالم.
فقد فشلت محاولات بوتين السابقة لتكوين نقابات مثل منظمة شنجهاي، للتعاون ورابطة الدول المستقلة "الكومينويلث”، فقد رفضت الصين تقديم العون لبوتين لإعادة إحياء منظمة شنجهاي للتعاون، ولذلك يبحث بوتن اليوم عن حلفاء جدد في آسيا ومنها اليابان، فدائرة تيه بوتين العالمية تنحسر يومًا بعد يوم.
وبالطبع ما ستحتاجه روسيا من ترامب أولاً، هو التخلص من العقوبات الاقتصادية التي فرضت على بوتين بعدما ضم جزر القرم إلى روسيا، والبدء في مساندة الحرب على أوكرانيا لفصل شرقها عنها، ومن ثمَّ سيبدأ في التخطيط من أجل الوصول إلى الدول القريبة منه.
ولكي تمضي روسيا إلى الأمام وتشكل اتحاد أوراسي، لابد وأن تبحث عن سبل لدعم اقتصادها لتكون روسيا جذابة أكثر للدول الأخرى التي تنتوي قيادتها، فما السبيل إلى هذه النتائج؟، من الواضح أنه جزء سري من الخطة لا يعلمه أحد حتى الآن.-(التقرير)