مواقع التواصل الاجتماعي.. وسائل لتقوية العلاقات الاجتماعية ام تدميرها
وجدت مواقع التواصل الاجتماعي من اجل جمع الناس على اختلاف الاماكن التي يسكنونها، فهذه الوسائل اصبحت اساسية في تناقل الاخبار ولا يمكن تجاهلها. ولكن هل يقتصر هذا الاداء فقط على الناحية الايجابية، ام ان هنالك استخدامات اخرى غير معلنة كرصد تحركات الناس ومتابعتها بشغف يصل الى الحشرية. لتصبح هذه المواقع وسيلة للمراقبة الاجتماعية التي تجعل العلاقات تنحدر الى الاسفل بدلاً من ان تتطور.
الاقارب ومشكلة الفضول
تجد اسراء حسن ان فهمنا للوظيفة الاساسية لهذه المواقع ليس صحيح، وهذه المواقع عملت مع الوقت على تحطيم علاقتي مع من حولي. فهنالك افراد من العائلة يظنون ان التواصل معي من خلال «الشات» اصبح كفيلا عن زيارتي انا واطفالي في المنزل. لا يوجد بديل عن العلاقة الطبيعية. غير ان هذه المواقع وسيلة للمراقبة. فنحن اشخاص نتمتع بفضول عالي وهذه المواقع وبسبب عدم الاستخدام الصحيح ونشر كل ما يخصنا بدون الانتباه ان هنالك من يراقب. جعل هذه المواقع تلبي نداء الفضوليين.
للاسف فان مشاعرنا وافكارنا اصبحت متاحة للجميع على هذه المواقع. يجب ان يكون هنالك خصوصية وايضاً الانتباه الى ان كل ما يكتب لا يفسر بالطريقة التي نشرها صاحب هذا الحساب. و الناس لدينا يتابعون ويضيفون كما يرغبون، واغلبهم اصبح لديهم حسابات في هذه المواقع وخاصة موقع «الفيس بوك».
اما خلود عامر فترى ان اخطر من يتابع هم الاقارب وليس الاصدقاء في حجة المحبة والاطمئنان، تقول: لقد اعتزلت الناس فترة طويلة بسبب تعرضي لظروف صعبة والانفصال عن زوجي. ومن خلال الفيس بوك كنت اتواصل مع صديقاتي ولكن في احدى المرات زرت قريبتي وبدأت تسألني عن اسماء صديقاتي . فشعرت بصدمة. كيف ان العائلة اصبحت تتابع اخباري من خلال صفحتي الشخصية. بسبب عدم منحي اياهم اي تفصيل عن حياتي وهذا الامر خارج عن حدود تفكيرهم.
تضيف خلود: من خلال
الفيس بوك يتابعون كل التفاصيل
وايضاً المستخدمين ينشرون كل ما يخطر في بالهم ويتعرضون دون ان يدروا الى الانتقادات. وفي النهاية الانسان يهمه اسمه و سمعته لذا يجب الحذر في التواصل والنشر. من يريد ان يطمئن علي فعليا يزورني او يتصل بي ان كان لا يستطيع. اشعر ان البعض يعمل دراسات حالة من خلال هذه المواقع. فمن لا يستطيع توثيق العلاقة وجها لوجه يستطيع الحصول عن معلومات اذا كان المستخدم عشوائي ولا ينتبه لما ينشره. العلاقة الانسانية لها شروط و ايضاً ظروف. ومع الوقت اذا لم ينتبه الانسان لهذه المعادلة فانه يخسر حتميا من حوله. افضل العلاقات تلك التي بنيت قبل تواجد هذه المواقع واستمرت. فالشغف في التعارف يكون موجود وهنالك رحمة بين الناس. هذه المواقع جعلت القسوة تزيد في القلوب من خلال البعد التدريجي.
يضيف عمر سامر: « انني اؤمن ان هذه المواقع دمرت العلاقات الاجتماعية اكثر من كونها طورتها، لان من يريد ان يتواصل مع صديقه او قريبه يستطيع ان يصل له في اي مكان، وفي هذا الزمان لا يوجد حجج بعدم القدرة على التواصل. ارى ان هذه المواقع عبارة عن اداة تعمل على كشف حياة كل شخص و انجازاتهم بهذه الحياة وغيرها من الامور التي تروق لهم».
ويؤكد عمر ان المشكلة بالناس انفسهم وكيفية فهمهم للاستفادة من مواقع التواصل الاجتماعي، فيجب ان يكون هذه الاليات يحذر بها الكتابة بشكل عشوائي وببساطة دون انتباه الى قيمة الكلام المكتوب وقيمته. لان البساطة و النية الطيبة لا تتناسب مع اليات هذا العصر. انصح الجميع بان يقوا انفسهم شرور الاخرين من خلال الحذر في الكتابات التي ترد».
تبين الاخصائية الاجتماعية رواند ابو خلف : ان هذه المواقع التواصل الاجتماعي سواء الفيس بوك او غيرها، هي وسائل جديدة على المجتمع. وبالرغم من ان ارقام المشتركين فيها مرتفع فهذا لا يعني انهم على علم ودراية تامة بكيفية استخدام هذه الوسيلة.
بحسب وجهة نظري ان هذا التواصل ليس فقط قائم على طرفين. بل ان ما يتم نشره و كتابته يصل ايضاً الى دول اخرى وليس فقط على نطاق الرفاق او العائلة. و قد وجدت هذه المواقع لزيادة التواصل بين الاشخاص الذين يبعدون عن بعضهم. ولكن بحسب ما ارى فان الكثير اصبح يعتمد اعتماد تام عليها في الاطمئنان وبدأ التواصل الحقيقي والفعلي بالتراجح. مع العلم ان الشخص عندما يزور قريبه او صديقه فان العلاقة بينهم تبقى دافئة اكثر. فوجود جهاز بالنصف بين الطرفين وعدم رؤية ملامح الوجه والتعبيرات التي يرسمها الوجه عند الضحك او الحزن وتفاصيل اخرى. كفيلة بان تجعل العلاقات تبرد.
وبحسب الدراسات الحديثة فهنالك ما يقارب 4 ملايين مشترك في موقع الفيس بوك والرقم آخذ بالتزايد، هذا بالنسبة لموقع الفيس بوك فقط غير المواقع الاخرى. وهذه ارقام كبيرة ويجب استثمار وجودنا في هذه المواقع بشكل عملي و يجب ان يأخذ الطلبة في المدارس والجامعات محاضرات توعوية في كيفية الاستخدام الصحيح لهذه المواقع حتى لا تصبح اداة للتفكك الاجتماعي والرصد بدلا من توثيق العلاقات.الدستور