الأردنيون: عابسون واقعياً ساخرون رقمياً
جو 24 : محمد فضيلات- لا يمتلك الاردنيون القدرة على الضحك، عابسون هم، عاقدو الحاجبين، تعلو ملامحهم كشرة أصبحت لطول مقامها سمة للدلالة عليهم، هكذا عندما يعبرون عن انفعالاتهم على أرض الواقع، حتى في أكثر الأوقات فرحاً.
غير أنهم يختلفون في العالم الرقمي، فيظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر ساخرين، مرحين وضاحكين حد الانفجار، حتى وهم يعبرون عن اكثر قضاياهم السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية إيلاماً.
الشعب الموسوم بالكشرة وجد نفسه في المرتبة الثانية عربيا، والسابعة والعشرين عالميا كـ «أسعد خلق الله» في الاستطلاع الدولي، الذي أجرته مؤسسة الاقتصاد الحديث وأعلنت نتائجه في تشرين الأول/ أكتوبر 2012. الاستطلاع ليس مفاجئاً وإن أثار بعض الاستهجان.
كشرة الأردنيين ليست دليلاً على الكآبة كما يُعتقد، وانعكاسها الضاحك في العالم الرقمي ليس دليلاَ على إصابتهم بمرض الشيزوفرينيا. الكشرة جزء من الفهم الخاص للرجولة التي تُعلي من قيمة الهيبة، الجدية والقسمات الحادة. وعليه فان الصورة النمطية للشخصية الاردنية تفرض ان تكون الابتسامة حدثاً استثنائياً يقع عندما تقتضي الضرورة الملحة فقط.
غير ان العالم الرقمي كسر هذا التنميط في الشخصية الأردنية، وان كان الضحك هنا يندرج في السخرية السوداء في غالب الاحيان، التي تترك رغم ذلك ابتسامة عميقة.
السخرية انطلقت مع انطلاق الاحتجاجات في الاردن مطلع العام 2011. وكان السر كلمتي عزيزتي وعزيزي اللتين تسبقان غالبية الادراجات والتغريدات الاحتجاجية التي بثت عبر موقعي التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر.
ظهرت شعارات: «عزيزتي الحكومة، بالنسبة لزيادة الاسعار نصرف عليكم مثلاً»، و«عزيزتي الحكومة... بدك تشلحينا أواعينا (ثيابنا) مثلاً»، و«عزيزتي الحكومة، بخصوص موضوع ارتفاع أسعار المحروقات... قاموس الحكومة خالٍ من الانخفاض مثلاً»، و«عزيزي الصامت، الله خلقك بدون لسان مثلاً»
الشعارات الساخرة رقمياَ وجدت انعكاساَ واقعياَ لتصبح حديث الشارع. ساعد في ذلك تنامي عدد المشتركين بشبكات التواصل الاجتماعي، اذ تجاوز عدد مستخدمي موقع الفايسبوك في الاردن 2.3 مليون شخص، فيما بلغ عدد مستخدمي تويتر 60 الفاً، وذلك في نهاية النصف الأول من العام 2012 بحسب احصائيات رسمية.
«عزيزتي» و«عزيزي» كانتا مبتدأ حملات السخرية التي طالت حتى الدعوة لمسيرة احتجاجية، فحث الناشطون عبر مواقع التواصل الناس على المشاركة في المسيرة التي تنطلق بشكل شبه أسبوعي من أمام المسجد الحسيني أقدم مسجد في وسط العاصمة عمّان - بمقولة مأثورة ينسبونها إلى الشاعر الإسباني غارسيا لوركا، تزعم أنه قال: «لا بد من النزول إلى الحسيني»، وعن رينيه ديكارت: « أنا أحتج إذاً أنا موجود».
المسؤولون الحكوميون اصبحوا المادة الرئيسية للنقد والضحك، فما ان يصدر عن احدهم تصريح حتى يتم تحويره بشكل ساخر.
الناطق باسم الحكومة الاردنية سميح المعايطة اسند له لقب وزير النفي، اصبح الوجبة الرئيسية على مائدة الفضاء الالكتروني، فنفى الاردنيون على لسانه ارتفاع الاسعار بعد صدور قرار حكومي برفعها، وحل مجلس النواب بعد صدور إرادة ملكية بحله، وجود اللاجئين السوريين الذين يتدفقون يومياً، وقفزة فيلكيس في الفضاء التي بثتها مباشرة شاشات التلفزة، وأخيرا نفوا على لسانه وجود الاردن.
لغايات الضحك والسخرية انشأ الاردنيون مئات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تبث النكات سواء أكانت هادفة أو لم تكن، التي تتبعها العديد من الابتسامات، لكنها تبقى للآن اسيرة العالم الرقمي ولا تصل شـفاه الاردنـيين الذين يصرون على الكشرة والعبوس... حتى وهم يرددون النكـات بينهم.
(السفير العربي)
غير أنهم يختلفون في العالم الرقمي، فيظهرون على مواقع التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر ساخرين، مرحين وضاحكين حد الانفجار، حتى وهم يعبرون عن اكثر قضاياهم السياسية أو الاقتصادية والاجتماعية إيلاماً.
الشعب الموسوم بالكشرة وجد نفسه في المرتبة الثانية عربيا، والسابعة والعشرين عالميا كـ «أسعد خلق الله» في الاستطلاع الدولي، الذي أجرته مؤسسة الاقتصاد الحديث وأعلنت نتائجه في تشرين الأول/ أكتوبر 2012. الاستطلاع ليس مفاجئاً وإن أثار بعض الاستهجان.
كشرة الأردنيين ليست دليلاً على الكآبة كما يُعتقد، وانعكاسها الضاحك في العالم الرقمي ليس دليلاَ على إصابتهم بمرض الشيزوفرينيا. الكشرة جزء من الفهم الخاص للرجولة التي تُعلي من قيمة الهيبة، الجدية والقسمات الحادة. وعليه فان الصورة النمطية للشخصية الاردنية تفرض ان تكون الابتسامة حدثاً استثنائياً يقع عندما تقتضي الضرورة الملحة فقط.
غير ان العالم الرقمي كسر هذا التنميط في الشخصية الأردنية، وان كان الضحك هنا يندرج في السخرية السوداء في غالب الاحيان، التي تترك رغم ذلك ابتسامة عميقة.
السخرية انطلقت مع انطلاق الاحتجاجات في الاردن مطلع العام 2011. وكان السر كلمتي عزيزتي وعزيزي اللتين تسبقان غالبية الادراجات والتغريدات الاحتجاجية التي بثت عبر موقعي التواصل الاجتماعي فايسبوك وتويتر.
ظهرت شعارات: «عزيزتي الحكومة، بالنسبة لزيادة الاسعار نصرف عليكم مثلاً»، و«عزيزتي الحكومة... بدك تشلحينا أواعينا (ثيابنا) مثلاً»، و«عزيزتي الحكومة، بخصوص موضوع ارتفاع أسعار المحروقات... قاموس الحكومة خالٍ من الانخفاض مثلاً»، و«عزيزي الصامت، الله خلقك بدون لسان مثلاً»
الشعارات الساخرة رقمياَ وجدت انعكاساَ واقعياَ لتصبح حديث الشارع. ساعد في ذلك تنامي عدد المشتركين بشبكات التواصل الاجتماعي، اذ تجاوز عدد مستخدمي موقع الفايسبوك في الاردن 2.3 مليون شخص، فيما بلغ عدد مستخدمي تويتر 60 الفاً، وذلك في نهاية النصف الأول من العام 2012 بحسب احصائيات رسمية.
«عزيزتي» و«عزيزي» كانتا مبتدأ حملات السخرية التي طالت حتى الدعوة لمسيرة احتجاجية، فحث الناشطون عبر مواقع التواصل الناس على المشاركة في المسيرة التي تنطلق بشكل شبه أسبوعي من أمام المسجد الحسيني أقدم مسجد في وسط العاصمة عمّان - بمقولة مأثورة ينسبونها إلى الشاعر الإسباني غارسيا لوركا، تزعم أنه قال: «لا بد من النزول إلى الحسيني»، وعن رينيه ديكارت: « أنا أحتج إذاً أنا موجود».
المسؤولون الحكوميون اصبحوا المادة الرئيسية للنقد والضحك، فما ان يصدر عن احدهم تصريح حتى يتم تحويره بشكل ساخر.
الناطق باسم الحكومة الاردنية سميح المعايطة اسند له لقب وزير النفي، اصبح الوجبة الرئيسية على مائدة الفضاء الالكتروني، فنفى الاردنيون على لسانه ارتفاع الاسعار بعد صدور قرار حكومي برفعها، وحل مجلس النواب بعد صدور إرادة ملكية بحله، وجود اللاجئين السوريين الذين يتدفقون يومياً، وقفزة فيلكيس في الفضاء التي بثتها مباشرة شاشات التلفزة، وأخيرا نفوا على لسانه وجود الاردن.
لغايات الضحك والسخرية انشأ الاردنيون مئات الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تبث النكات سواء أكانت هادفة أو لم تكن، التي تتبعها العديد من الابتسامات، لكنها تبقى للآن اسيرة العالم الرقمي ولا تصل شـفاه الاردنـيين الذين يصرون على الكشرة والعبوس... حتى وهم يرددون النكـات بينهم.
(السفير العربي)