بعد 42 عاماً من انطلاقها.. صحيفة لبنانية تتوقف عن الصدور، شاهد مؤسسها وهو يطفئ الضوء داخل مكتبه ويخرج
أصدرت صحيفة "السفير" اللبنانية، الواسعة الانتشار في لبنان والعالم العربي السبت 31 ديسمبر/كانون الأول 2016، عددها الأخير، وأعلنت توقفها عن الصدور جراء مصاعب مالية بعد 42 عاماً على تأسيسها، وفي وقت تتفاقم فيه أزمة الإعلام في لبنان.
وعنونت الجريدة التي تأسست في العام 1974 قبل سنة واحدة من بدء الحرب الأهلية (1975-1990) حاملة شعار "صوت الذين لا صوت لهم"، صفحتها الأولى من عددها الأخير "الوطن.. بلا السفير".
وربطت احتجابها عن الصدور بالأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان والمنطقة. وأضافت "تعبت السفير لكنها ترفض أن تكون المثال، خصوصاً أنها ترى في أفق المهنة بعض النور. إذ لا يعقل أن يبقى الظلام المخيّم على المنطقة والبلد جاثماً على صدرها وزميلاتها لوقت طويل".
وأبلغت الصحيفة موظفيها أنها ستدفع كامل مستحقاتهم المادية منتصف الشهر المقبل، تزامناً مع نشرها إعلاناً على القنوات التلفزيونية، يظهر مؤسسها ورئيس تحريرها طلال سلمان وهو يطفئ الضوء داخل مكتبه ويخرج منه، قبل أن يضيء المصباح وحده مجدداً داخل المكتب مع عبارة "عالطريق".
وتعود أزمة الصحافة خصوصاً إلى الجمود السياسي الذي شهده لبنان خلال أكثر من عامين ونصف العام وتراجع التمويل الداخلي والعربي، بحسب ما يؤكد اختصاصيون وصحفيون.
وكانت السفير اتخذت في شهر آذار/مارس قراراً بالتوقف عن الصدور لتتراجع عنه وتقرر خفض عدد صفحاتها من 18 إلى 12، قبل أن تتخذ قراراً جديداً بالإقفال النهائي قبل أسابيع.
واستقطبت السفير التي عرفت منذ تأسيسها بتأييدها للقومية العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية خلال فترة الحرب الأهلية، عدداً كبيراً من الكتاب والنقاد والصحفيين على مر السنوات، بينهم الشاعر الفلسطيني محمود درويش والشاعر السوري أدونيس. كما التصق اسمها لفترة طويلة باسم رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي.
وكانت الصحيفة خلال السنوات الأخيرة قريبة من حزب الله اللبناني ودمشق، وتجاهر بمناهضة سياسات الإدارات الأميركية المتعاقبة.
وتعاني وسائل إعلامية أخرى في لبنان من الأزمة ذاتها، ما دفعها إلى الاستغناء عن صحفيين وموظفين يعملون فيها منذ عقود.
وتعاني صحيفة "النهار" الأعرق في لبنان (تأسست العام 1933) التي يمكن اعتبار سياستها على طرف نقيض من "السفير"، من أزمة مالية كبرى، وكذلك صحف ومحطات تلفزة، بينها مؤسسات تابعة لرئيس الحكومة سعد الحريري.
وطلبت النهار الجمعة في كتاب خطي من أكثر من أربعين موظفاً بين كاتب ومحرر ومراسل ومخرج أخيراً "الامتناع عن الحضور" إلى مكاتبهم، بدءاً من مطلع كانون الثاني/يناير بانتظار "معالجة الأزمة المالية" التي تعاني منها، وفق ما قال أحد العاملين في الصحيفة.
وجاء في نهاية الكتاب الموقع من رئيسة مجلس إدارة النهار نايلة تويني "التأكيد على أن هذا الكتاب لا يعتبر أو يفسر بمثابة صرفكم من العمل". ولم يتقاض موظفو النهار أي رواتب منذ 15 شهراً، وتم خلال الأسبوع الماضي تسديد راتب شهر واحد فقط.
ووصفت نقابة محرري الصحافة الجمعة ما تشهده الصحافة المكتوبة بـ"أزمة وطنية كبرى ينبغي على الدولة التصدي لها، نظراً إلى خطورتها وتداعياتها، وإيجاد الحلول الناجعة لها".