رفع اسعار لا يمس الطبقة الفقيرة والمتوسطة.. فيلم محروق شاهدناه من قبل!
جو 24 :
أحمد الحراسيس - لعلّ وزير الداخلية سلامة حماد يعيش هذه الأيام فترة من الراحة النسبية عقب تحوّل الأنظار نحو زميله في الفريق الوزاري عمر ملحس ورئيسه الدكتور هاني الملقي الذين باغتا الشعب ونوابه بقرارات قد لا يجرؤ عليها شخص اخر يرى كيف تعيش الناس.
اليوم، لا بدّ لنا كمراقبين ومواطنين أن نشهد حراكا نيابيا مضادا يشارك فيه جميع أعضاء المجلس الثامن عشر لاسقاط هذه الحكومة الضعيفة بآدائها وعدم الوقوع في فخّ التعديل، فما يعتزم الملقي الاقدام عليه لا يقلّ بشاعة عن تقصير حماد إن لم يزد عليه، وسيطال كلّ مواطن أردني في شتّى أنحاء المملكة، فلا الرفع سيقتصر على المواد الغذائية كما يدّعي الرئيس ووزراؤه ولا تأثيره سيقتصر على المواد الكمالية كما اعتاد ترويجه كتّاب ومناديب الحكومة في بعض الصحف الرسمية وشبه الرسمية.
لا يعقل أن يبقى الرئيس ينظر إلى الناس على أنهم مجموعة من البسطاء الذين يمكن خداعهم بتصريحات منشورة هنا وهناك تؤكد أن القرار لن يمسّ الطبقة الفقيرة والمتوسطة، فكلنا نعلم أن رفع أسعار المحروقات "البنزين أو السولار" سينعكس بلا شكّ على المواصلات العامة التي لا يستقلّها إلا أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسطة من الشعب، وينسحب الأمر أيضا على أسعار المواد الغذائية التي لن يجتهد التجار كثيرا في سبيل ايجاد حلّ لتعويض الزيادة الحاصلة على الكلف التشغيلية.
لا بدّ أن يعلم الملقي بكون تلك المسرحيات والأفلام "محروقة" لدى الشعب الأردني، وقد خبرها جيدا وعرف زيفها، ومهما كانت ذاكرة الناس ضعيفة فهم لم ينسوا بعد الرئيس السابق الدكتور عبدالله النسور والذي صدّع رؤوسنا بتصريحاته التي كان يصرّ فيها على أن قراراته لن تمسّ 70% من المواطنين وأن تلك القرارات تأتي لانقاذ الاقتصاد وتقليص العجز وسدّ المديونية.. وفي النهاية رأينا كيف دمّر الطبقة المتوسطة وزاد بؤس الطبقة الفقيرة وظلّت المديونية تتزايد بنسب أكبر!
وكما أن رفع المحروقات سيكون سببا منطقيا لرفع أسعار المواصلات والمواد الغذائية، فإن الغاء الاعفاءات عن السلع والخدمات التي يعتقد الرئيس أنها "كمالية" سينعكس أيضا على حياة ابناء الطبقتين الوسطى والفقيرة، ولا نعلم لماذا يعتقد أحدهم أن المواطن العادي لا يجب أن يتناول السمك واللحوم الحمراء مثلا ولا يفترض أن يشرب غير الحليب أو الشاي!
الواقع أن المشكلة فيما يجري مركّبة، يتحمّل فيها الشعب "الناخب" مسؤولية كما يتحمّلها النواب والوزراء وصناع القرار والاعلاميون ممن يروّجون ويقللون من أثر الاجراءات الاقتصادية الكارثية ويظنّون أن الناس ستبلع القرار إذا ما قامت الحكومة "بشرح خطتها بالتفصيل وأكدت للناس وبالدليل الملموس أن الطبقة الفقيرة والوسطى لن تطالها أعباء مالية اضافية"، وهنا الحديث عن الكاتب في يومية الغد فهد الخيطان والذي سبق خلال حقبة الدكتور النسور أن نشر مقالا بعنوان "نصف دينار يهدد الحكومة بالرحيل" وبدا خلاله مستهجنا غضب الناس على قرار رفع سعر اسطوانة الغاز نصف دينار قائلا: "لنفترض أن العائلة الواحدة تحتاج في فصل الشتاء إلى 6 أسطونات غاز شهريا لغايات التدفئة، فإنها في هذه الحالة تدفع كلفة إضافية 3 دنانير فقط لهذا الشهر".
المؤسف في الأمر أن أعضاء مجلس النواب ممن يفترض أنهم أعضاء في اللجنة المالية ظهروا خلال اجتماعهم الأخير مع الحكومة ووزير المالية دون حول ولا قوة، وانصدمنا في بعض الأحيان بمستوى حوار لا يليق بأن يكون بين مواطن عادي واخر.. وهذا ما يفترض أن يثبت بقية أعضاء المجلس عكسه عند التصويت على الموازنة وليس في خطابات شعبوية فقط..