jo24_banner
jo24_banner

لماذا لا يستغل الأردن احتياطي النفط من الصخر الزيتي لديه؟

لماذا لا يستغل الأردن احتياطي النفط من الصخر الزيتي لديه؟
جو 24 :

نزف الطاقة في الأردن كبير، والمعالجة ماثلة أمام الأردنيين، لكن البيروقراطية حجر عثرة كبير، والاستراتيجيات الأردنية للاستفادة من مصادر الطاقة الخضراء لا تجدي. أما السؤال الأكبر فهو: "لم يبقى اعتماد الأردن على الصخر الزيتي بنسبة 14 بالمئة في العام 2020 ولديه من احتياطي النفط من الصخر الزيتي ما لا يقل عن 12 مليار طن؟"

يستورد الاردن حوالى97 بالمئة من اجمالي احتياجاته من الطاقة، وبلغت كلفة هذا الاستيراد في العام الماضي حوالى أربعة مليارات دينار، ما يشكل 20 بالمئة من قيمة الناتج المحلي الاجمالي بحسب التصريحات الرسمية.

يقول علاء البطاينة، وزير الطاقة والثروة المعدنية، لـ "إيلاف" إن معدل النمو السنوي للطاقة الكهربائية 7,4 بالمئة سنويًا، وإن وزارته "تسعى لتوفير وتطوير مصادر طاقة محلية، من أجل مواجهة التحديات، من خلال تطوير استغلال الغاز الطبيعي و الصخر الزيتي و اليورانيوم، ودعم مشاريع الطاقة المتجددة، وتفعيل برامج كفاءة الطاقة".

ووفقًا لتصريحات البطاينة، يملك الاردن رابع احتياطي في العالم من الصخر الزيتي، وتشير الدراسات إلى وجود أكثر من 70 مليار طن من الصخر الزيتي في الأردن، ما يعادل 7 مليارات طن من النفط.

وأشار البطاينة إلى أن سلطة المصادر الطبيعي وقعت العديد من الاتفاقيات لاستغلال الصخر الزيتي في الأردن أخيرًا، منها ثمانية مذكرات تفاهم في مجال التعدين السطحي للصخر الزيتي لانتاج النفط، بهدف تسريع وتيرة تنفيذ مشاريع الطاقة البديلة، لا سيما الصخر الزيتي، وذلك للوصول إلى نسبة 11 بالمئة في العام 2015 و14 بالمئة في العام 2020 من الصخر الزيتي في خليط الطاقة الكلي، بالاضافة إلى توليد فرص عمل واستثمار مباشر قيمته تصل إلى 3,8 مليارات دولارـ بحلول العام 2020.

نظام جديد

لفت البطاينة إلى أن الحكومة الاردنية في طور الانتهاء من إجراءات التخصيص النهائي لأراض حكومية جنوبي المملكة تتوزع في منطقتي معان والعقبة، ذلك لاستخدامها في إنشاء مشاريع طاقة متجددة تعتمد على الرياح والطاقة الشمسية، ممولة من الصندوق الخليجي.

أضاف: "الحكومة بصدد إنهاء نظام جديد، يركز على إعفاءات الطاقة المتجددة، يتضمن برنامجًا لكفاءة الطاقة عند المستهلكين الكبار، ونظام إلزام شركات التوزيع لاستبدال عدادات الكهرباء بأخرى ذكية، تقيس فترات ذروة استهلاك الكهرباء"، مؤكدًا أن الحكومة كانت قررت ربط إصدار تراخيص الإنشاءات بتوفير أنظمة طاقة شمسية في المباني، اعتبارًا من بداية نيسان (أبريل) المقبل.
وأبدى البطاينة تفاؤله بمستقبل واعد للطاقة في الاردن على المديين المتوسط والبعيد، مشيرًا إلى أن الأردن بدا خلال العام الحالي إتخاذ خطوات سريعه وفعاله لتحريك مشاريع الطاقة بكافة أنواعها.

مصابيح موفرة يدعمها الصندوق

بهدف توفير الدعم اللازم لمشاريع الطاقة المتجددة وبرامج ترشيدها، قال البطاينة لـ"إيلاف" إن صندوق الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة قد تأسس، مبينًا أن الصندوق بدأ أعماله، إذ تم توقيع اتفاقية مع مؤسسة نهر الاردن لتنفيذ مبادرة نحو مجتمعات محلية، تساهم في ترشيد استهلاك الطاقة، حيث سيتم تركيب 5000 سخان شمسي في المنازل، ممولة من الصندوق.

واوضح الوزير أن الوزارة تعمل حاليًا على توزيع 1,5 مليون مصباح موفر للطاقة للمنازل السكنية، التي يقل استهلاكها عن 600 كيلواط ساعة، وبكلفة تصل إلى خمسة ملايين دينار، بالاضافة إلى تركيب 600 ألف مصباح موفر للطاقة في المباني الحكومية، وبكلفة تصل إلى1,8 مليون دينار.

ووفقًا للبطاينة، يسير الاردن على الطريق الصحيح للاستفادة من الطاقة البديلة، حيث تم أخيرًا توقيع 29 مذكرة تفاهم مع شركات عالمية لتطوير حوالى 1000 ميجاوات من مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وأشار إلى أن شركة اس تي انيرجي الاستونية تقوم باستكمال اجراءاتها لبناء محطة توليد الكهرباء بإستطاعة 435 ميجاوات، بإستخدام الحرق المباشر للصخر الزيتي. ومن المتوقع تشغيل المحطة في العام 2016 لأن الشركة الاستونية تحتاج إلى 10 سنوات من تاريخ دخول اتفاقية الامتياز حيز التنفيذ للوصول إلى الإنتاج التجاري الكامل للمشروع، بحجم 40 ألف برميل يوميًا.

وفي السياق نفسه، قال البطاينة إن وزارته وقعت اتفاقية امتياز مع شركة الكرك الدولية لاستغلال الصخر الزيتي في انتاج النفط، في آذار (مارس) 2011، وتحتاج الشركة البريطانية إلى ستة اعوام من تاريخ دخول اتفاقية الامتياز حيز التنفيذ لانتاج 17 الف برميل يوميًا، ترتفع تدريجًا إلى 60 الف برميل يوميًا في العام 2020.

البيروقراطية حجر العثرة

قال خالد الايراني، وزير الطاقة الاسبق، لـ"إيلاف" إن الاردن نجح في اقرار قانون الطاقة المتجددة، "لكننا بحاجة إلى اعتماد الانظمة والآليات التي تشجع على الاستفادة من هذه الطاقة".

وبين الإيراني أن العمل بالطاقة الخضراء سيخلق فرص عمل جديدة، وسيؤدي إلى إيجاد اقتصاد جديد من تلك الطاقة، مشيرًا إلى عدم وجود ضرر من استخدام الطاقة المتجددة على الطبيعة والبيئة، خاصة أن الاردن لغاية الآن لم ينتج اي ميغاواط من الطاقة المتجددة".

واشار الايراني إلى أن انتاج الطاقة في الاردن قبل عامين كان يعتمد بنسبة 70 المائة على الغاز المصري الذي انقطع وعاد بكميات قليلة انهكت خزينة الدولة باكثر من اربع مليارات دينار، حيث أن المملكة بحاجة إلى 300 كيلو واط سنويًا من الطاقة.

ونوه الايراني بأن البيروقراطية تقف عائقًا في وجة الاستثمارت في قطاع الطاقة المتجددة، "فالعطاء الأخير الذي طرحته وزارة الطاقة الاردنية للاستثمار في الطاقة الشمسية بحاجة إلى 40 شهرًا من الاجراءات الروتينية حتى يتسنى للشركة البدء بتنفيذ المشروع، بالرغم من انها تستطيع البدء بانتاج 100 ميغاواط من الطاقة خلال اربعة أشهر".

تشجيع المباني الخضراء

وفي السياق ذاته، يركز محمد الطعاني، مدير عام الجمعية الاردنية للطاقة المتجددة، على اجراءات ترشيد استهلاك الطاقة في أن تبدأ اولًا من عملية البناء، حيث أن الاستخدام المناسب للمساحة يسهم بشكل كبير في تقليل فاتورة الطاقة على مستوى المملكة بنسبة 10 بالمئة، وبعد ذلك ياتي التفكير في الاجهزة المستخدمة داخل المنزل، مشيرًا إلى قدرة الطاقة المتجددة في حل مشكلات الطاقة وتسخين المياه، ونظام توليد الكهرباء باستخدام الخلايا الشمسية.

يقول: "حاولنا تغيير كودات ومواصفات البناء، خاصة في موضوع السخانات الشمسية، فنحن بحاجة إلى عملية ضبط بيع وشراء هذه السخانات بحيث نضمن حق المواطن في حصوله على نوعية جيدة تتميز بكفاءة عالية وسعر مناسب، علمًا انها تخضع للضرائب مما يجعل تكاليف استعمالها عالية نسبيًا".

يضيف: "لا اعتقد أن غياب التمويل للاستثمار في الطاقة المتجددة هو السبب في تأخر استغلال الاردن لانتاج الطاقة من الرياح او الشمس وانما السبب هو غياب القوانين والانظمة التي تحمي قطاع الاستثمار في الطاقة، والذي يقدر بنحو 14 مليار دولار، منها مليارين في الطاقة المتجددة والباقي في الصخر الزيتي والغاز الطبيعي".

من جهته، يرى الدكتور أيوب ابو ديه، رئيس المؤتمر الشعبي المناهض للمشروع النووي، لـ"إيلاف: "تأخر الاردن في البحث عن بدائل الطاقة التقليدية، حيث شرع في هذا العام فقط بالتخطيط جديًا لاستثمار مصدري الطاقة الخضراء والمستدامة، بدءًا من صدور قانون الطاقة المتجددة وترشيد الطاقة للعام 2010 في النصف الأول من العام 2012، وصدور تعليمات ترشيد الطاقة ورفع كفاءَتها في النصف الثاني منه، وهذا دليل على جدية الحكومة، وربما جدية وزير الطاقة تحديدًا، بينما كان ينبغي لهذه الإجراءَات المهمة أن يتم اتخاذها في العام 2008 كحد أقصى وذلك إثر ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة في العام 2008 حيث بلغ سعر برميل النفط 147 دولارًا.

استراتيجيات بلا جدوى

ينتقد أبو دية الاستراتيجيات الوطنية للطاقة في الاردن قائلًا: "إضافة إلى التأخير الخطير الأخير، فإن الاستراتيجية الوطنية السابقة للطاقة لم تحقق سوى 1 بالمئة من الطاقة المتجددة نسبة لخليط الطاقة بدلًا من 3 بالمئة التي كان مأمول منها بحلول العام 2007، أما الاستراتيجية الجديدة 2007 – 2020 فيبدو أنها أسوأ من الأولى، والسؤال المهم هنا هل يعقل أن تكون نسبة اعتمادنا على الطاقة المتجددة فقط عشرة بالمئة في العام 2020 بينما يمكننا توليد ما لا يقل عن 30 بالمئة من حاجتنا من الكهرباء وحدها من مصادر متجددة للطاقة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحيوية، في غضون بضع سنين، طالما لم تعِقها البيروقراطية وعدم كفاءَة الوزارات المعنية!".

أضاف متسائلًا: "هل يعقل أن يكون اعتمادنا على الصخر الزيتي 14 بالمئة فقط في العام 2020، ونحن رابع أغنى دولة في العالم بالصخر الزيتي، ولدينا من احتياطي النفط من الصخر الزيتي ما لا يقل عن 8 – 12 مليار طن نفط مكافئ؟ والكلام نفسه ينسحب على الكميات الهائلة من الغاز في الطبقات الصخرية Shale gas في المناطق الشرقية التي تقدر بعشرات التريليونات من الأقدام المكعبة؟"
وحول مشروع المفاعل النووي السلمي الذي تنوي الحكومة الاردنية إقامة في منطقة المفرق شمال المملكة وما مدى فائدته للاردن،أجاب أبوديه: "لا يمكننا أن نفهم كيف تحاول الحكومة اقناعنا بالمضي قدمًا في مشروعات نووية ستكلف الأردن عشرات المليارات من الدولارات، بينما تدعي أنها مديونة وفقيرة ولا تستطيع الاستثمار في مصادر الطاقة الأخرى".

وتابع: "هل يمكننا أن نصدق الوعود بإنتاج وتصدير الكهرباء النووية الذي سوف يبدأ العام 2030 بينما وعدت الحكومات المتعاقبة الشعب الأردني بإنتاج اليورانيوم في العام 2012 ولم يتحقق ذلك أبدًا، بل تبين أن التركيزات المتوافرة غير مجدية اقتصاديًا".

نفطية وتستثمر بالخضراء

وأشار أبو ديه إلى أن السعودية وقطر تستثمران المليارات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، وهما دولتان نفطيتان، "بينما نحن ما زلنا لا نعرف كيف سنتدبر أمورنا في السنوات العشر القادمة، فيما البدائل السريعة ماثلة أمامنا، بدءًا من تفعيل كودات البناء الوطني الأردني الذي لم يبدأ بعد، ومضى على صدورها أكثر من عشرين عامًا، وما زالت أبنيتنا اليوم تقام من دون عوازل حرارية أو سخانات شمسية، وما زلنا عاجزين عن تقديم القروض لتوليد الكهرباء منزليًا أو تبديل الأجهزة الكهربائية بالأكثر كفاءَة".

أضاف: "الأولى أن نبدأ من هنا، لأن التوفير الناجم عن ترشيد استهلاك وزيادة كفاءَة الطاقة يؤدي إلى تقليص استهلاكنا إلى نحو 20 بالمئة خلال سنتين أو أكثر قليلًا، وهذا يعني أن حاجتنا إلى التوسع في إنتاج الطاقة ستنخفض بدلًا من أن تتعاظم في السنوات القادمة، بالرغم من تصاعد النمو الاقتصادي أو زيادة عدد السكان".

يذكر أن المملكة العربية السعودية أعلنت في وقت سابق من هذا العام أنها بصدد إنشاء أكثر من 16 مفاعلًا نوويًا حتى العام 2030 بكلفة تتجاوز 300 مليار ريال، وأنها تسعى لتأمين 50 بالمائة من احتياجاتها من الكهرباء خلال العشرين عامًا القادمة من مصادر الطاقة الخضراء.

ويقول أبو دية إن حلول ازمة الطاقة التي يمر ها الاردن "تبدأ بوضع خطة واضحة المعالم لا تشوبها مطامع شخصية، تنظر إلى مصلحة الوطن بالدرجة الأولى". ويطرح ابو دية سؤالا باستهجان: "ما معنى أن تحلي أستراليا 150 مليون متر مكعب سنويًا من مياه البحر باستخدام 90 ميجاواط فقط من الطاقة الكهربائية النظيفة التي يتم إنتاجها من الطاقة الشمسية والحيوية وطاقة الرياح، بينما صرفنا أكثر من مليار دينار لغاية الآن لجر مئة مليون متر مكعب سنويًا إلى العاصمة عمّان من مياه الديسي؟"


(ايلاف)

تابعو الأردن 24 على google news