جفت الزيتون وسيلة تدفئة وطاقة لمواطنين في القرى والارياف
بات ( تفل ) الزيتون او ما يعرف ب ( الجفت ) سلعة تجارية أساسية في مجال التدفئة في المنازل كبديل للوقود البترولي لتشغيل الالات في معاصر الزيتون .
ويتراوح سعر الطن الواحد من مادة الجفت ( المعالج في قوالب خاصة ) بين ستين ومئة دينار .
تستذكر الحاجة ام رحمة سنوات عديدة اعتادت خلالها وعائلتها على استخدام الجفت لاغراض التدفئة والطهي وتقول انها كانت وجاراتها يذهبن الى معاصر الزيتون بعد انتهاء موسم القطاف لجمع هذه المادة الناتجة عن المحصول للاستفادة منها طيلة العام . وتشير لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) الى ان افراد العائلة كانوا يتحلقون حول صوبات الحطب في جو مليء بالحميمية اضافة الى رائحة الكستناء والبطاطا المنبعثة جراء شوائها .
وتقول ان نساء اليوم يفضلن التدفئة باستخدام صوبات الكاز او الغاز لسهولة التعامل معها ونظافتها مشيرة الى ان هناك من يستخدم الجفت هذه الايام لرخص ثمنه وحرارته المرتفعة قياسا بصوبات الكاز والديزل .
وتدعو الى التوجه نحو استخدام صوبات الحطب التي يستفاد منها في عملية الطبخ وتسخين المياه بقصد التوفير في ظل ارتفاع اسعار المحروقات .
يقول صاحب احد محال بيع صوبات (الحطب) عبد الرحمن سمارة إن الموسم الحالي شهد إقبالا كبيرا على شرائها حيث ارتفعت مبيعاتها عن المواسم السابقة بثلاثة أضعاف تقريبا مفسرا ذلك بارتفاع أسعار المحروقات حيث بدأ مواطنون يعزفون عن استخدام صوبات الغاز والكاز خاصة في القرى والارياف .
وعن خطوات تصنيع الجفت يقول نقيب اصحاب المعاصر ومنتجي الزيتون الشيخ عناد الفايز انه وبعد تجميع مخلفات الزيتون ، يخضع الجفت للكبس ، بعدها للتجفيف تحت أشعة الشمس بطريقة غير مباشرة وتكون نسبة رطوبته تتراوح بين اثنين الى عشرة بالمئة ، بعدها يتم جمعه ووضعه داخل آلة الضغط ( المكبس ) بهدف تشكيله ومن ثم وضعه بصناديق للبيع .
ويشير الى ان عدد معاصر الزيتون في المملكة يبلغ 125 ومساحة الاراضي المزروعة باشجار الزيتون تبلغ مليونا و800 ألف دونم بمعدل يصل الى 25 مليون شجرة في حين تبلغ كميات الزيتون وفقا للفايز 270 ألف طن يتم منها تخليل ( رصيع ) 37 ألف طن وما تبقى ( عصير زيت ) مبينا ان كمية الجفت المستخرجة تعتمد على نظام العصر المستخدم في المعصرة .
مدير مديرية الزيتون في وزارة الزراعة المهندس جمال البطش يعرّف جفت الزيتون بانه ما تبقى من ثمار الزيتون بعد عصرها , يحوي مكونات الزيتون ناقصا منها كمية الزيت المستخلصة .
ويقول ان المساحة المزروعة بالمملكة بالاشجار المثمرة تبلغ 72 بالمئة منها 34 بالمئة مزروعة بالزيتون , لافتا الى ان اسعار عصر الزيتون لم تتأثر بارتفاع اسعار المحروقات لان معظم معاصر الزيتون بات يستخدم الجفت كمولد للطاقة لتشغيل الالات مشيرا الى ان الاثار البيئية الناتجة عنه اقل من تلك الناتجة عن المشتقات النفطية .
ويضيف البطش ان كمية الجفت بلغت خلال السنوات الست الاخيرة حوالي اربعين ألف طن ناتجة عن 180 ألف طن زيتون موضحا ان الطاقة الحرارية الناتجة عن احتراق الجفت تفوق تلك الناتجة عن احتراق المصادر الاخرى ناهيك عن دراية جميع طبقات المجتمع بطريقة استعماله .
" مادة الجفت تعتبر من حق المعصرة كونها جزءا من أجر عصر الزيتون " وفقا لمدير الانتاج في الشركة المتكاملة لمنتجات الزيتون في محافظة عجلون محمد الصمادي .
ويضيف ان سعر الطن من الجفت (الفرط ) يتراوح بين 15 و20 دينارا فيما يتراوح بين ستين الى مئة دينار عند تشكيلها في قوالب .
مدير الزراعة في محافظة عجلون الدكتور سامي العدوان يقول ان لمادة الجفت استخدامات كثيرة مشددا على اهمية استغلالها للتدفئة والأعلاف وتحسين خصائص التربة .
ويضيف انه يتوفر في المحافظة 15 معصرة زيتون تقدر كميات الجفت الناتجة عن عصر الزيتون سنويا بحوالي سبعة آلاف طن .
ويبين ان هناك لجان متابعة ومراقبة للمعاصر في المديرية للتاكد من مدى تنفيذها لشروط الترخيص كوجود ساحات معبدة لرمي الجفت وخزانات مثبتة لمياه الزيتون (الزيبار ) التي تحوي عناصر ثقيلة كالبوردن والموليديوم .
ويلفت الى ان اهالي المنطقة يشترون الجفت لغايات التدفئة في فصل الشتاء , واستخدامه اسهم إلى حد كبير في الحفاظ على الثروة الحرجية ، من خلال تخفيف لجوء الحطابين الى المناطق الحرجية التي لحقت بها خسائر فادحة خلال السنوات الماضية.
امين عام وزارة البيئة المهندس احمد القطارنة يقول ان الوزارة تعتبر الجهة المختصة بحماية البيئة في المملكة وفقا للمادة (3-أ) من قانون حماية البيئة رقم 52 لسنة 2006 ، ويترتب على الجهات الرسمية والاهلية تنفيذ التعليمات والقرارات التي تصدر بموجب احكام هذا القانون والانظمة الصادرة بمقتضاه وذلك تحت طائلة المسؤولية القانونية المنصوص عليها فيه وفي اي تشريع آخر .
ويشير الى ان القانون منح الوزارة مسؤولية الرقابة والتنسيق , وحصر مهمة التنفيذ في جهات اخرى ، وعليه تقوم الوزارة مع بداية كل موسم قطف وعصر لثمار الزيتون بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة من خلال دعوتها لاجتماع يعقد في مبناها لهذه الغاية .
ويقول ان مديرية التفتيش والرقابة البيئية في الوزارة ومديريات ومكاتب حماية البيئة المنتشرة في مختلف محافظات والوية المملكة نفذت حملات تفتيش ميدانية على هذه المعاصر واتخذت الاجراءات القانونية بحق المخالفين، حيث وجهت 17 انذارا خلال هذا الموسم مقرونة بمهل زمنية ينبغي على المعاصر الالتزام بها لتصويب اوضاعها، وخلاف ذلك ستضطر الوزارة الى تحويل غير الملتزمين من المخالفين الى المحاكم المختصة.
وحول آثار حرق مادة الجفت يقول مدير مديرية التفتيش والرقابة البيئية المهندس عدنان الزواهرة ان الجزء الصلب الناتج عن عملية عصر حبات الزيتون وهي مادة الجفت تعد مادة طبيعية وآثار حرقها تشبه حرق الحطب , ويصاحب عملية الحرق انبعاث روائح يتحسس منها البعض وتكون غير مستساغة من قبلهم.
ويبين انه يمكن تحويل جفت الزيتون الى فحم بحرقه في ظل ظروف تخلو من الاوكسجين ، وبعد ذلك ضغطه فى قوالب خاصة ليصبح فحما يمكن استعماله فى الشواء والارجيلة بكل جودة مثله مثل الفحم العادي.
وحول الاثار السلبية التي تنتج عن استخدام الجفت في اغراض التدفئة والطهي يقول رئيس جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة الدكتور ايوب ابو دية ان وجود الجفت في العراء وتساقط الامطار عليه يؤدي الى ارتفاع حمضية المياه الذي يؤذي النباتات ويلوث المياه الجوفية اضافة الى انه ينتج عن حرقه اكاسيد الكبريت والكربون التي تسبب تلوثا للبيئة .
وينوه الى انه وفي حال استخدامه في المنزل لغايات التدفئة يجب توفير التهوية اللازمة والكافية خوفا من استنشاق الدخان الناتج عنه .
استشاري الامراض الباطنية والصدرية امين عام المجلس الصحي العالي الدكتور يوسف نعيمات يقول انه لم يثبت علميا وجود اية آثار صحية في حال استخدام ( الجفت ) للتدفئة والطهي .
ويبين انه يمكن اصابة الاشخاص الذين يعانون من الربو العصبي التحسسي بحساسية جراء الروائح المنبعثة منه لاستنشاقهم الدخان .
يذكر ان احدى الدراسات التي اجريت في الاردن مؤخرا وتتعلق باستخدام جفت الزيتون في خلطات تسمين الخراف باضافة 10 بالمئة منه بديلا عن الشعير كانت مفيدة من حيث زيادة معدل النمو اليومي للخراف وانخفاض كلفة التعليف . بترا