انخفاض الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية 100 مليون دينار في 2012
جو 24 : ** الحكومة توفر على خزينتها من جيوب الفقراء
تشير بيانات وزارة المالية إلى انخفاض حجم الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية بواقع 100 مليون دينار هذا العام.
هذا الانخفاض، دفع وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا إلى الخروج عن صمتها ومطالبة الحكومة علنا بدفع المخصصات المالية السنوية المستحقة للوزارة بغية تمويل برامجها و مشروعاتها.
ما يزيد الأمر غرابة، أن يأتي هذا التخفيض غير المبرر رغم تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات الأسعار وتزايد معدلات البطالة والفقر.
تشير التقديرات إلى أن عدد الفقراء في الأردن يناهز الـ 800 ألف فقير أو ما يعادل 13 بالمئة من السكان.
و لو أن الحكومة أنفقت هذا العام 10 دنانير شهريا لكل فرد فقير لوصلت فاتورة الأمان الاجتماعي سنويا إلى 96 مليون دينار وبما يعادل ضعف المنفق فعليا على المعونات الاجتماعية حتى نهاية شهر تشرين الأول من العام الجاري.
تخفيض الحكومة للمعونات الاجتماعية في 2012 جاء بالتزامن مع مجموعة من المعطيات الاقتصادية والإحصائية المثيرة للقلق.
الخبر الذي اعده الزميل علي الرواشدة الأسبوع الماضي يشير إلى أن اكثر من 50 بالمئة من القوى العاملة والموظفين يتقاضون رواتب شهرية تقل عن 300 دينار.
أما برنامج الإصلاح المالي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) فيشير إلى أن معدل رواتب القطاعين الخاص و الحكومي تراوح مستوى الـ 400 دينار القريب جدا من خط الفقر للأسرة المعيارية.
برنامج الإصلاح المالي يشدد في آخر نشراته أيضا إلى أن الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية في الأردن منخفض (كنسبة من الاقتصاد الكلي) مقارنة بأقرانه من الدول، ليقترب من المستوى نفسه الذي تنفقه اليمن وينخفض بشكل كبير عن مستوى الإنفاق الاجتماعي في مصر والجزائر والدول الأخرى في المنطقة.
ما يؤكد أيضا على تقهقر المستوى المعيشي، حصول 70 بالمئة منهم على الدعم النقدي المباشر مقابل تحرير أسعار المحروقات، وبمعنى أن 70 بالمئة من الأردنيين يعيشون ضمن اسر دخلها اقل من 800 دينار شهريا.
تجاهلت الحكومة جملة الإحصاءات والمعطيات السابقة و قررت أن توفر على خزينتها من جيوب الفقراء والمعدمين، بدلا من أن تحصل الضريبة من المتهربين والأموال غير الشرعية.
أو ربما مولت الحكومة الدعم النقدي مقابل تحرير المحروقات من أموال المعونات الاجتماعية باعتبار أن الفقراء غير مستحقين لهذا الدعم حسب ما أدلى به احد كبار المسؤولين في الدولة. فهم –أي الفقراء- حسب وصف المسؤول لا يستخدمون الوقود والكهرباء إلا بمعدلات متدنية جدا !.
الإشكاليات التي يعاني منها ملف المعونات الاجتماعية لا تقف عند تراجع الإنفاق والتمويل الحكومي.
فهناك، حسب الدراسات الدولية، ضعف واضح في قاعدة بيانات الفقراء من جهة وعدم عدالة في توزيع أموال المعونات الاجتماعية من جهة أخرى.
حيث يؤكد برنامج الإصلاح المالي في اخر نشراته أن 30 بالمئة من الحاصلين على مساعدة صندوق المعونة الوطنية غير فقراء.
اما صندوق النقد الدولي، فيشير في اتفاقيته الأخيرة مع الحكومة الأردنية، إلى أن 15 بالمئة فقط من الحاصلين على المعونات الاجتماعية هم من الفقراء.
يفترض أن تشكل هذه الدراسات الدولية حافزا للحكومة نحو إعادة تعريف الفقر بخطيه المطلق والمدقع، وبحيث يصبح متناسبا مع الواقع المعيشي للمواطن.
فمن غير المعقول أن لا تعتبر أسرة بخمسة أشخاص و 500 أو حتى 800 دينار شهريا أسرة فقيرة ضمن أسعار السلع و الخدمات والإيجارات المتسارعة.
من جهة اخرى، يفترض بالحكومة العمل سريعا وجديا على البحث عن المستحقين للمعونة الاجتماعية واستثناء العوالق و الطفيليات من ملفاتها بغية تحقيق العدالة وتحرير مزيد من الأموال الممكن إنفاقها على الفقراء.
في الأمس، قامت الحكومة بتحرير أسعار المحروقات، وفي الغد ستبدأ من دون شك بتحرير أسعار المياه والكهرباء وإلغاء الإعفاءات الضريبية على السلع والخدمات الرئيسية.
إذا كان الاقتصاد على أعتاب موجة ارتفاع كبير في تكاليف المعيشية، وإذا كان هناك من عبرة تؤخذ لما حصل في أعقاب تحرير أسعار المحروقات في تشرين الثاني من هذا العام، تصبح الحكومة مطالبة وبشكل فوري بإعادة مبالغ المعونة الاجتماعية إلى سابق عهدها مع المضي في برنامج شامل لتحديد الفقراء وتوجيه المعونات إلى المستحقين.
العرب اليوم - المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي
تشير بيانات وزارة المالية إلى انخفاض حجم الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية بواقع 100 مليون دينار هذا العام.
هذا الانخفاض، دفع وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا إلى الخروج عن صمتها ومطالبة الحكومة علنا بدفع المخصصات المالية السنوية المستحقة للوزارة بغية تمويل برامجها و مشروعاتها.
ما يزيد الأمر غرابة، أن يأتي هذا التخفيض غير المبرر رغم تباطؤ الاقتصاد وارتفاع معدلات الأسعار وتزايد معدلات البطالة والفقر.
تشير التقديرات إلى أن عدد الفقراء في الأردن يناهز الـ 800 ألف فقير أو ما يعادل 13 بالمئة من السكان.
و لو أن الحكومة أنفقت هذا العام 10 دنانير شهريا لكل فرد فقير لوصلت فاتورة الأمان الاجتماعي سنويا إلى 96 مليون دينار وبما يعادل ضعف المنفق فعليا على المعونات الاجتماعية حتى نهاية شهر تشرين الأول من العام الجاري.
تخفيض الحكومة للمعونات الاجتماعية في 2012 جاء بالتزامن مع مجموعة من المعطيات الاقتصادية والإحصائية المثيرة للقلق.
الخبر الذي اعده الزميل علي الرواشدة الأسبوع الماضي يشير إلى أن اكثر من 50 بالمئة من القوى العاملة والموظفين يتقاضون رواتب شهرية تقل عن 300 دينار.
أما برنامج الإصلاح المالي التابع للوكالة الأمريكية للتنمية (USAID) فيشير إلى أن معدل رواتب القطاعين الخاص و الحكومي تراوح مستوى الـ 400 دينار القريب جدا من خط الفقر للأسرة المعيارية.
برنامج الإصلاح المالي يشدد في آخر نشراته أيضا إلى أن الإنفاق الحكومي على المعونات الاجتماعية في الأردن منخفض (كنسبة من الاقتصاد الكلي) مقارنة بأقرانه من الدول، ليقترب من المستوى نفسه الذي تنفقه اليمن وينخفض بشكل كبير عن مستوى الإنفاق الاجتماعي في مصر والجزائر والدول الأخرى في المنطقة.
ما يؤكد أيضا على تقهقر المستوى المعيشي، حصول 70 بالمئة منهم على الدعم النقدي المباشر مقابل تحرير أسعار المحروقات، وبمعنى أن 70 بالمئة من الأردنيين يعيشون ضمن اسر دخلها اقل من 800 دينار شهريا.
تجاهلت الحكومة جملة الإحصاءات والمعطيات السابقة و قررت أن توفر على خزينتها من جيوب الفقراء والمعدمين، بدلا من أن تحصل الضريبة من المتهربين والأموال غير الشرعية.
أو ربما مولت الحكومة الدعم النقدي مقابل تحرير المحروقات من أموال المعونات الاجتماعية باعتبار أن الفقراء غير مستحقين لهذا الدعم حسب ما أدلى به احد كبار المسؤولين في الدولة. فهم –أي الفقراء- حسب وصف المسؤول لا يستخدمون الوقود والكهرباء إلا بمعدلات متدنية جدا !.
الإشكاليات التي يعاني منها ملف المعونات الاجتماعية لا تقف عند تراجع الإنفاق والتمويل الحكومي.
فهناك، حسب الدراسات الدولية، ضعف واضح في قاعدة بيانات الفقراء من جهة وعدم عدالة في توزيع أموال المعونات الاجتماعية من جهة أخرى.
حيث يؤكد برنامج الإصلاح المالي في اخر نشراته أن 30 بالمئة من الحاصلين على مساعدة صندوق المعونة الوطنية غير فقراء.
اما صندوق النقد الدولي، فيشير في اتفاقيته الأخيرة مع الحكومة الأردنية، إلى أن 15 بالمئة فقط من الحاصلين على المعونات الاجتماعية هم من الفقراء.
يفترض أن تشكل هذه الدراسات الدولية حافزا للحكومة نحو إعادة تعريف الفقر بخطيه المطلق والمدقع، وبحيث يصبح متناسبا مع الواقع المعيشي للمواطن.
فمن غير المعقول أن لا تعتبر أسرة بخمسة أشخاص و 500 أو حتى 800 دينار شهريا أسرة فقيرة ضمن أسعار السلع و الخدمات والإيجارات المتسارعة.
من جهة اخرى، يفترض بالحكومة العمل سريعا وجديا على البحث عن المستحقين للمعونة الاجتماعية واستثناء العوالق و الطفيليات من ملفاتها بغية تحقيق العدالة وتحرير مزيد من الأموال الممكن إنفاقها على الفقراء.
في الأمس، قامت الحكومة بتحرير أسعار المحروقات، وفي الغد ستبدأ من دون شك بتحرير أسعار المياه والكهرباء وإلغاء الإعفاءات الضريبية على السلع والخدمات الرئيسية.
إذا كان الاقتصاد على أعتاب موجة ارتفاع كبير في تكاليف المعيشية، وإذا كان هناك من عبرة تؤخذ لما حصل في أعقاب تحرير أسعار المحروقات في تشرين الثاني من هذا العام، تصبح الحكومة مطالبة وبشكل فوري بإعادة مبالغ المعونة الاجتماعية إلى سابق عهدها مع المضي في برنامج شامل لتحديد الفقراء وتوجيه المعونات إلى المستحقين.
العرب اليوم - المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي