مارادونا يزور الأردن قريبا.. مقابلة 1/3
أمجد المجالي وهبه الصباغ - اختلطت المشاعر وتشابكت الأفكار منذ أن شاهدنا الأسطورة دييجو مارادونا يقف على البوابة الرئيسية لمنزله للترحيب بنا.
في امارة دبي وتحديداً بجزيرة النخلة، حظيت «الرأي» بأول حوار شامل مع الأسطورة الأرجنتينية على مستوى الصحافة العربية، وعن ذلك استهل دييجو حديثه وهو يقلب ملحق الرأي الرياضي «عندما تلقيت رغبتكم بإجراء الحوار سألت عن صحيفتكم وعرفت بأنها عريقة وتحظى بإحترام كبير على المستوى العربي، وعرفت أيضاً أنها واسعة الانتشار ويضرب بها المثل بالمصداقية والمهنية».
عقب تلك الكلمات، ساد الاعتقاد بأن الأمور ستكون ميسرة وأن حيز الوقت سيطول ما يسمح لنا الخوض بالعديد من الجوانب الخاصة بمسيرته بملاعب كرة القدم، والكثير من الجوانب حياته الخاصة التي شكلت في بعض الاحيان حالة من الجدل ووجبة دسمة لوسائل الاعلام العالمية حتى يومنا هذا، لكن مزاج دييجو، الذي يتولى مهمة الاستشارة الفنية لمجلس دبي الرياضي، اختلف فجأة «لدي موعد مع الطبيب بسبب الأوجاع التي أشعر بها بالركبة اليمنى، وامامكم عشر دقائق. وجدد التأكيد للمترجم الخاص-من الاسبانية الى العربية- «عشر دقائق فقط».
رغم هول المفاجأة، فهل يعقل ان نرتب للمقابلة لنحو ثلاثة شهور، ونأتي من عمان الى دبي من أجل عشر دقائق؟، فإننا لم نجادله بمسألة الوقت المحدد وقلنا له: سنحاول توجيه أكبر قدر من الاسئلة خلال الفترة الزمنية التي حددتها. ليرد بإبتسامة : لنبدأ اذاً.
بدت مظاهر الارتياح بادية على دييجو، فالاسئلة أعجبته حتى طريقة الطرح، وهذا ما أكده عقب اللقاء الذي امتد لأكثر من ساعتين ونصف «اتفقنا على عشر دقائق لكن الحوار امتد لأكثر من ساعتين، فأنا كنت سعيداً بالحوار وطريقة طرحكم، وعرفت من خلال الحوار بأنكم في الأردن تعرفون معظم تفاصيل كرة القدم العالمية».
لم ينته مسلسل المفاجآت، دييجو أبدى رغبة حقيقية بزيارة الأردن رداً على الدعوة التي قدمتها «الرأي» وقال: أرغب بزيارة الأردن والتعرف أكثر على كرة القدم هناك ومشاهدة المواقع السياحية، وسنقوم بترتيب بالزيارة خلال اقرب فرصة، وهذا وعد.
عودة الى الحوار الذي تميز بصراحة غير عادية من دييجو -وهذا ليس بغريب عليه-، فهو عندما يوجه الانتقاد يكون حاداً، ويؤكد بأن صراحته لا تعجب الكثيرين «هكذا تعلمت قول الحقيقة مهما كان الثمن».
عن البدايات استرجعنا معه أحلامه وطموحاته، وأهم الأهداف التي كان يتطلع لتحقيقها «لم اكن اطمح الى هدف بلوغ مرتبة أفضل لاعب في العالم، بل تركيزي كان ينصب على بناء منزل لوالدي، وكنت اطمح دوماً الى رسم البسمة على الشفاه من خلال الاداء الذي أقدمه».
وعن انجاز مونديال المكسيك 1986 بدا الحديث يتشعب الى اكثر من محور لكن الأهم برأيه تلك اللحظة التي رفع بها كأس العالم.
عديدة هي الأمور التي تحدث عنها، تجربته مع برشلونة ومن ثم اسباب انجازاته التاريخية مع نابولي وعن مواطنه ليونيل ميسي وعن البرازيلي نيمار، وعن حفيده بنجامين، نجل النجم اجويرو، وايضاً عن الكرة العربية وعن الكرة الأردنية، وهي الجوانب التي سنعرضها على ثلاث حلقات بدءاً من اليوم:
الرأي : لقد حققت العديد من الانجازات، ولا شك بأنك عشت لحظات تاريخية خلال مسيرتك المتميزة في ملاعب كرة القدم، فما هو المشهد الأكثر تأثيراً حتى وقتنا الحالي؟.
الحدث الاكثر تأثيرا في حياتي، فالمنتخب ظفر بلقب البطولة بعدما قدم مباريات رائعة، وعلى المستوى الشخصي نجحت ببلوغ قمة المستوى وسجلت الاهداف وصنعت أخرى، كما أنني سجلت واحداً من اجمل الاهداف، الهدف الثاني في مرمى المنتخب الانجليزي.
في المنتخب كانت الأجواء رائعة، وأدينا المباريات كافة بروح عالية وكنا كتلة واحدة ومتماسكة نلعب من أجل هدف كبير.. اللقب.
عندما انتهت المباراة النهائية، حيث تغلبنا على المنتخب الألماني بنتيجة 3/2، شعرت بفرحة لا توصف، وأدركت المعنى الحقيقي للانجاز والمتمثل بالقدرة على إسعاد الجماهير، وعندما رفعت الكأس الغالية كنت واثقاً لحظتها بأن البسمة ارتسمت على شفاه كل الشعب الأرجنتيني، وايضاً جماهير التانجو في كافة انحاء العالم، فهي لا شك لحظات تاريخية ولن تنسى أبداً.
الرأي : عندما بدأت مسيرتك الاحترافية، أيهما الهدف الأهم الذي وضعته على سلم أولوياتك، بلوغ مرتبة اللاعب الأفضل عالمياً أم الظفر بلقب بطولة كأس العالم؟
لا هدف من الاختيارين السابقين، لأنني عندما بدأت ممارسة كرة القدم كنت اتطلع لتحقيق هدف واحد فقط، بناء بيت لوالدي، فهما عانيا طويلاً وكافحا، وانا قررت أن أبذل قصارى الجهد لتوفير حياة كريمة لهما.
لا شك أن الأهداف الأخرى بدأت تلوح بالأفق مع تصاعد مؤشر مسيرتي الاحترافية في الملاعب، وعندما فزت مثلاً بلقب أفضل لاعب في العالم فإن مرد ذلك يعود للأداء الذي قدمته مع المنتخب من أجل الفوز بلقب كأس العالم، والحال ينطبق على العروض التي قدمتها في كل مسيرتي الرياضية، كما من الأهداف التي سعيت اليها خلال مسيرتي الاحترافية بملاعب كرة القدم، مدى قدرتي على اسعاد جماهير اللعبة من خلال الأداء الذي أقدمه، وايضاً كنت أبحث دوماً عن التحدي.
الرأي : أمضيت موسماً مع برشلونة الإسباني، ورغم الصعوبات التي واجهتك -الاصابة- الا انك قدمت مباريات متميزة، وسجلت عديد الأهداف الجميلة والحاسمة، لماذا اخترت الرحيل إلى نابولي؟
يعد خوسيه لويس نونيز، رئيس نادي برشلونة آنذاك، من أحد الأسباب الرئيسة التي دفعتني للرحيل عن برشلونة.
نعم، قدمت موسماً طيباً مع برشلونة، رغم الاصابات التي لحقت بي وبعض الظروف الصعبة التي واجهتني، وسجلت العديد من الأهداف وقدمت الاضافة التي تنتظرها الجماهير، لكن الأجواء لم تكن مريحة وخصوصاً علاقة نونيز مع اللاعبين وتحديداً معي، حتى أنه ادلى بتصريحات عديدة حول تلك المسألة، فالتصريحات كانت في بعض الاحيان تنال من اللاعبين، وعليه قررت الرد عليه عبر الاعلام ايضاً.
بعد موجة من التصريحات المتبادلة توصلت الى قناعة اتخاذ القرار الصعب المتمثل بمغادرة النادي رغم أن المسؤولين عرضوا علي عرضاً جديداً يمتد لخمسة أعوام، لكن قراري كان نهائياً، فأنا كنت اتطلع دوماً ان اكون اهم من مجرد لاعب كرة قدم، لكن ومع نونيز كان من الصعب تحقيق ذلك، ولهذا كان الرحيل بعد موسم واحد فقط لكنني أوكد بأن تلك التجربة أثرت مسيرتي.
الرأي : في نابولي بلغت قمة المجد، وجعلت من النادي الايطالي رقماً صعباً في المنافسات المحلية وحتى الأوروبية، بعدما كان مغموراً، فما هي الأسباب الرئيسة التي ساهمت بتلك الانجازات؟
الموضوع بسيط عندما وقعت مع نابولي كان رئيس النادي -آنذاك- كورادو فيرلاينو لديه رغبة شديدة في مقارعة فرق شمال ايطاليا -قطبي ميلان- وفرق العاصمة، وكان يستند الى مشروع طموح ما دفعني الى التوقيع للنادي دون تردد، فانا كما ذكرت سابقاً كنت أبحث دوماً عن التحدي.
كانت الأجواء في الفريق مثالية، فالكل يريد أن يبذل قصارى الجهد لتحقيق هدف المنافسة كما أن الجماهير ساندت الفريق بصورة رائعة، والادارة كانت قريبة من اللاعبين، وكنا بحق أسرة واحدة، ما ساهم بتحقيق نقلة نوعية بفترة زمنية قصيرة، وبات نابولي فريقاً منافساً على الالقاب ويفوز على قطبي ميلان وعلى فرق العاصمة ويظفر بألقاب الدوري والكأس كما فاز الفريق بلقب كأس الاتحاد الاوروبي في انجاز تاريخي.
في نابولي، امضيت أروع سنوات مسيرتي الاحترافية في اوروبا، وقدمت أفضل العروض وحققت الهدف الأهم .. ان اكون أهم من لاعب كرة قدم.
الرأي : بعد رحيلك عن نابولي تراجع الفريق بصورة ملحوظة وهو لا يزال يعاني حتى يومنا الحالي، ما سبب رحيلك ؟.. ولماذا تراجع الفريق؟.
عندما حققنا الهدف، او بمعنى أخر اهداف المشروع الطموح، وبعدما أصبح الفريق يصنف في قائمة الأندية الابطال في الدوري الايطالي، ومصنفاً ايضاً في قائمة أبطال بطولة كأس الاتحاد الأوروبي، تراجع حماس فيرلاينو -رئيس النادي-، ورويداً رويداً تقلصت الطموحات والأهداف، وكأنه قرر العودة الى فريق صغير ومغمور كما كان، وأنا كنت قاطعا عهدا على نفسي بأن لا ألعب لغير الفرق الكبيرة التي تحمل طموحات كبيرة وأهداف مستقبلية، ولهذا قررت الرحيل.
وعن أسباب تراجع الفريق فإن تغير الافكار واختلاف الطموحات والأهداف من الأسباب والعوامل التي ساهمت بشكل ملحوظ في ذلك التراجع وهو لا يزال -الفريق- يبحث عن ذاته، مع التأكيد بأنه يمتلك المزايا والمقومات التي تؤهله للعودة من جديد لكن شريطة استعادة نفس الروح والخطط الاستراتيجية وايضاً، الصبر على البناء.
(الرأي)