التقرير الذي أدّى الى استقالة ريما خلف... اسرائيل دولة ابرتايد
جو 24 :
اسرائيل دولة فصل عنصري (أبرتايد)، هي خلاصة التقرير الصادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا). تقرير أدّى الى استقالة الأمينة العامة التنفيذية للجنة ريما خلف بعد ضغوط كبيرة عليها لسحب التقرير، لكنها قالت بشجاعة "استقلت لأنني أرى من واجبي الا أكتم شهادة حق عن جريمة ماثلة، واصر على كل استنتاجات التقرير". وعلمت "النهار" ان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قبل استقالة خلف.
يوم الاربعاء الماضي، بدأت ضجة كبيرة مع صدور التقرير الذي ادى الى انقسام دولي في الآراء حوله بين مؤيد ومعارض لنتائجه، لاسيّما لخصوصية الجهة الصادر عنها.
ويعتبر التقرير بمثابة مرجعية بحثية ودراسة رفيعة المستوى وفق معايير نظام القانوني الدولي.
الأمين العام للأمم المتحدة نأى بنفسه عن التقرير، وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفن دوجاريك إن "التقرير كما هو لا يعكس آراء الأمين العام وتم وضعه من دون مشورة مسبقة مع الأمانة العامة في المنظمة الدولية".
اما وزارة الخارجية الفلسطينية فاعتبرته يدق ناقوس الخطر، ويجب أن يقود إلى صحوة في المجتمع الإسرائيلي للضغط على حكومته لوقف احتلالها واستيطانها وممارساتها العنصرية، قبل أن يغرق المجتمع الإسرائيلي نفسه في نظام الفصل العنصري".
في حين هاجمه سفير إسرائيل في الأمم المتحدة داني دانون مطالباً "الأمين العام للمنظمة الدولية التنكر تماماً لهذا التقرير الكاذب الذي يسعى الى تشويه سمعة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".
كما دعت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، إلى سحبه قائلة إن الأمانة العامة للأمم المتحدة كانت محقة في النأي بنفسها عن هذا التقرير. ولكن يجب أن تخطو خطوة أخرى وتسحب التقرير بأكمله".
التقرير الذي حمل عنوان "الممارسات الإسرائيلية نحو الشعب الفلسطيني ونظام الفصل العنصري"، يتألف من 74 صفحة، اضافة الى ملحقين.
منسق التقرير ربيع بشور قال لـ"النهار" انه "مهم جداً كونه اول تقرير استقصائي علمي مبني على تعريف القانون الدولي لجريمة الابرتايد، وهو موثّق بالادلة لسياسات اسرائيل وممارساتها تجاه الشعب الفلسطيني ككل".
وشرح ان هناك "نقطتين اساسيتين يقوم عليهما التقرير: الممارسات الاسرائيلية تجاه كل الشعب الفلسطيني وليس فقط في الأراضي المحتلة من العام 1967 بل في الخارج اي اللاجئين في لبنان وسوريا والعراق ويضم الفصل العنصري ممارسات لا انسانية تهدف الى سيطرة فئة عرقية على فئة اخرى، وتفتيت الشعب الفلسطيني هو الاداة والاستراتيجية التي اعتمدتها اسرائيل لسيطرة الفئة العرقية اليهودية على الشعب الفلسطيني ككل".
وينظر تقرير الامم المتحدة في تعريف ابرتايد ويقارن ممارسات اسرائيل في ما اذا كانت تنطبق عليه. والخلاصة ان الادلة تشير الى ان "اسرائيل انشأت نظام فصل عنصرياً في فلسطين".
تبعات مهمة
طلبت الدول الاعضاء في "الاسكوا" وعددها 18 دولة في حزيران 2015 اعداد التقرير. ولفت بشور الى "اننا اتصلنا بالخبيرين استاذ القانون الدولي في جامعة برينستون في نيوجرسي ريشارد فولك وفرجينيا تيلي، وأستاذة العلوم السياسية في جامعة جنوب إلينوي للقيام بالمهمة. وتم انجاز التقرير الأسبوع الماضي، قبل اطلاقه يوم الاربعاء الفائت". وعن تبعاته قال انه "يشكل قاعدة تسمح للدول الأعضاء في ما لو أرادت احالة التحقيق على محكمة الجنائيات الدولية، واحدى توصيات التقرير ان تقوم الدول بهذه الخطوة".
وأضاف ان "الفصل العنصري هو من أخطر الجرائم ضد الانسانية في القانون الدولي، وثمة معاهدة خاصة لمكافحة جريمتي الفصل العنصري والابادة الجماعية".
شجاعة "الفريق"
"الفلسطينيون سعداء بالتقرير لأنه يثبت ان اسرائيل أقامت نظام فصل عنصرياً، وقد بدأ العالم يدرك ما كنا نقوله طوال الوقت"، بحسب ما قاله لـ"النهار" الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي.
وفي رأيه ان "التقرير يمثل بحثاً موضوعياً علمي مئة في المئة، ولم يكن مسيّساً، قام بتحليل للواقع بحسب القانون الدولي، والنتيجة التي وصل لها هي ما نعيشه منذ أكثر منذ 70 عاماً. أعتقد ان الفريق الذي اعدّه شجاع كذلك رئيسة الهيئة التي نشرته ريما خلف لأنهم قالوا الحقيقة في تقرير صادر عن الامم المتحدة". وأضاف: "من المخزي ان تخضع الهيئات العليا في الامم المتحدة للابتزاز وللارهاب الفكري الذي تمارسه حكومة اسرائيل لاجبارها على سحب التقرير. ونحن نأمل الا تخضع لذلك، والا نكون في غابة وليس في عالم يحكمه القانون الدولي".
تقرير ممتاز
"تقارير "الاسكوا" كانت بلا طعم وبلا رائحة، لكنها أعدت اخيراً تقريراً له معنى"، بحسب ما قاله الباحث والأكاديمي الفلسطيني، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور ساري حنفي لـ"النهار". ولفت في تعليقه الى انه "تقرير ممتاز يحتوي على ما هو جديد، كونه يتحدث عن اسرائيل كابرتايد ليس في الضفة وغزة فحسب بل في داخل المجتمع الاسرائيلي، وهو معد بطريقة علمية ويستند الى اثباتات دقيقة وليس ايديولوجية".
لكن ماذا لو تم سحبه؟ "تقرير الظلم في العالم العربي والطريق إلى العدالة، الذي سبقه ويقوم على نقد الدول العربية تم سحبه. حتى لو تم سحب هذا التقرير، فالاهم انه سيبقى موجوداً"، في رأي حنفي.